الشرق الأوسطبحوث ودراسات

السودان من أزمة سياسية إلى حرب إقليمية “مهجنة”

في 15 أفريل 2023، اندلع صراع دموي في السودان، وبالتحديد في العاصمة الخرطوم، بين القوات المسلحة السودانية المكونة من فصائل ووحدات عسكرية مختلفة تحت قيادة “عبد الفتاح عبد الرحمن البرهان” ضد قوات الدعم السريع، وهي وحدة مسلحة داخل الهيكل العسكري تتمتع بدرجة من الاستقلالية تحت قيادة الفريق محمد حمدان “حميدتي.” غير معروف من أطلق الرصاصة الأولى، لكن ما بعد تحولت أوضاع الى كارثة وطنية.

يستمر الصراع وأصبحت السودان ميدانًا لحرب إقليمية بالوكالة أجبرت ما يقرب من ثمانية ملايين سوداني على الفرار من الحرب أما بقية السكان يعيشون على حافة المجاعة و يتعرضون لأشرس الانتهاكات.

في عام 2019، تمت الإطاحة بالنظام الديكتاتوري للرئيس “عمر البشير ” بانقلاب عسكري بعد 3 عقود بقيادة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.  وقد وجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات ضد عمر البشير باعتباره مجرم حرب مسؤول عن ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية لدوره في نزاع إقليم دارفور عام 2003 .قد أسهمت سياسات عمر البشير التمييزية وسوء إدارة الحكومة في تأجيج التوترات العرقية والدينية، لا سيما بين المسلمين العرب في الخرطوم والأقليات المسيحية والأرواح في جنوب السودان.إن حالة عدم الاستقرار السياسي في السودان بعد عام 2019، والجهود المستمرة لتشكيل حكومة انتقالية والانقلابات المتكررة للسيطرة على السلطة مع وجود توترات عرقية وصراعات قبلية عديدة. كل هذه العوامل أدت إلى الحرب الدامية التي تشهدها السودان اليوم. 

 إن “الحرب الأهلية” في السودان اليوم ليست مجرد نزاع عسكري، بل هي حرب إقليمية بين أطراف خارجية وممولين أجانب. تتعاون المملكة العربية السعودية مع مصر في دعم الجيش السوداني، بقيادة عبد الفتاح البرهان، بهدف تحقيق استقرار داخلي يخدم مصالحهم الإقليمية ويعزز نفوذهم في المنطقة.

فقد ذكرت صحيفة “Wall Street Journal” أن “مصر زودت الجيش السوداني بطائرات بدون طيار ودربت القوات على كيفية استخدامها. كما يعتمد الجيش السوداني على الدعم المادي من إيران، بما في ذلك الطائرات بدون طيار الإيرانية الصنع التي ساعدته على تحقيق مكاسب كبيرة في هذه الحرب .بالمقابل تعاقدت الإمارات مع أطراف خارجيةعلى تمويل قوات الدعم السريع من خلال  جماعات مسلحة عسكرية متواجدة في السودان منذ عام 2017، وتؤكد بعض المصادر أن “حميدتي”هو حارس لمناجم الذهب الإماراتية، حيث يتم شحن الذهب من هذه المناجم إلى الإمارات في طريقها إلى روسيا إن خضوع الأراضي السودانية سواء لسيطرة البرهان أو “حميدتي” انتقال السلطة في السودان إلى السعودية أو الإمارات، من شأنها أن تغير موازين القوى في الخليج.

صرح العديد من الخبراء السياسيين أن من مرجح أن يتكرر سيناريو ليبيا، مع انقسام السودان إلى مناطق نفوذ مختلفة على أساس الانتماءات العرقية والقبلية. 

أمام الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة فرصة كبيرة لإقناع الأطراف المتحاربة في السودان بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوداني والبدء في العمل على إعادة توحيد البلاد وتحقيق الاستقرار السياسي. فالبلاد تتأرجح على حافة الفوضى العارمة والمجاعة وقد تستمر هذه الحرب لأعوام.

إلا أن هذه القوى الخارجية لها من النفوذ والمصالح السياسية والاقتصادية ما يجعل المفاوضات لإنهاء الحرب أكثر تعقيداً وشبه مستحيلة. فمصالحها الاستراتيجية والاقتصادية تدفعها نحو تعزيز نفوذها بدلاً من إيجاد حلول دائمة لإنهاء الحرب، مما يزيد من صعوبة تحقيق السلام والاستقرار في السودان.

لا تقتصر عواقب هذا الصراع على السودان وحده، بل تمتد إلى أزمة إنسانية كبيرة تشمل المنطقة بأسرها. فقد أدى الصراع في السودان إلى واحدة من أسوأ أزمات نزوح في العالم، حيث أجبر أكثر من 8 ملايين شخص على الفرار من منازلهم داخل السودان وخارجه. وقد هرب ما يقرب من مليوني شخص إلى الدول المجاورة، مما وضع ضغطًا كبيرًا على تشاد وجنوب السودان.   ففي جنوب السودان، أدى نقص التمويل إلى ترك 3 ملايين شخص يعانون من الجوع الحاد دون مساعدة من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة (WFP). وبالمثل، في تشاد، سيؤدي نقص التمويل إلى وقف الدعم لجميع اللاجئين البالغ عددهم 1.2 مليون شخص في البلاد. معظم اللاجئين هم من النساء والأطفال، وهم أكثر عرضة للاعتداءات والعنف. 

رغم ثرواتها الطبيعية المتعددة  تقف  السودان اليوم على حافة الانهيار التام.هذه الحرب بالوكالة قد تسببت في هجرة الملايين من السودان و موت الاف  من الاشتباكات  الدموية  الجوع . ويبقى مستقبل السودان رهينة لمصالح أطراف خارجية تطمح لتوسيع  نفوذها في المنطقة. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق