“السر المحفوظ” لـ”جبهة النصرة” سابقاً وزعيم “تحرير الشام” حالياً… ماذا نعرف عن الجولاني؟
قسم الأخبار الدولية 05/12/2024
تعد شخصية أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام (التي كانت تعرف سابقاً بجبهة النصرة)، واحدة من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل في تاريخ الصراع السوري. منذ ظهوره في عام 2011، أصبح الجولاني رمزاً بارزاً في معركة سوريا، خاصة بعد أن أسس جبهة النصرة التي كانت في وقتٍ ما أبرز فصيل مرتبط بتنظيم القاعدة في سوريا، قبل أن يعلن عن انفصاله عن القاعدة ويؤسس “هيئة تحرير الشام”.
من هو الجولاني؟
أبو محمد الجولاني، الذي وُلد في سوريا عام 1981، هو ضابط سابق في الجيش السوري قبل أن ينضم إلى التيارات الجهادية. قادته رحلاته الجهادية إلى العراق في وقتٍ لاحق، حيث خدم ضمن صفوف تنظيم القاعدة قبل أن يصبح أحد مؤسسي جبهة النصرة في 2012، الجناح السوري لتنظيم القاعدة. تحت قيادته، نمت جبهة النصرة لتصبح واحدة من أكبر وأقوى الجماعات الجهادية في سوريا.
تحول “النصرة” إلى “تحرير الشام”
في عام 2016، أعلن الجولاني عن انفصال جبهة النصرة عن تنظيم القاعدة، مغيراً اسمها إلى “جبهة فتح الشام”. بعد ذلك بعام، تم دمج عدة فصائل جهادية أخرى في إطار “هيئة تحرير الشام”، ما جعل الجولاني الشخصية الأكثر قوة ونفوذاً في شمال سوريا، وبالأخص في منطقة إدلب. هذا التحول استهدف تلميع صورة الهيئة أمام المجتمع الدولي والسكان المحليين، حيث حاول الجولاني رسم نفسه كقائد إصلاحي يعارض التطرف الديني ويدعو إلى تحكم إسلامي أكثر مرونة.
مواقف الجولاني في سياق السياسة الإقليمية
لا يمكن فهم الجولاني بمعزل عن السياق الإقليمي. فمنذ بداية الحرب السورية، تبنى الجولاني سياسة تحالفات مع جماعات إسلامية معارضة، وكذلك مع القوى الأجنبية التي تدعم المعارضة المسلحة. وفي الآونة الأخيرة، بدأت هيئة تحرير الشام تتبع سياسة أكثر براغماتية، حيث عملت على تحسين علاقاتها مع بعض القوى الغربية والعربية، بينما حافظت على طابعها الجهادي في هيكلها الداخلي.
ورغم تذبذب مواقف الجولاني من الحركات الجهادية، إلا أنه حافظ على طموحاته في إنشاء “إمارة إسلامية” في مناطق معينة من سوريا، خصوصاً في إدلب التي لا تزال معقلاً رئيسياً للهيئة. كما عمل على تعزيز قواته وتنظيمه عبر استراتيجيات عسكرية محكمة ساعدت على الصمود أمام الهجمات المتكررة من القوات السورية والروسية.
الأهداف المستقبلية
يركز الجولاني اليوم على ضمان بقاء السيطرة على إدلب، مستفيداً من حالة الفوضى التي تعم سوريا. كما أنه يسعى إلى تعزيز تأثيره بين الجماعات الجهادية المحلية، متمسكاً بمواقف قد تضمن له ولـ”تحرير الشام” موقعاً مؤثراً في أي تسوية سياسية مستقبلية.
على الرغم من الصورة التي يحاول الجولاني إبرازها كقائد “إسلامي معتدل”، إلا أن الكثير من المراقبين يعتبرون أن قيادته تظل مشبعة بالقيم الجهادية الصارمة، وهو ما يجعله واحداً من أكثر الشخصيات العسكرية والسياسية تعقيداً في النزاع السوري.