ميناء عصب يفتح جبهة توتر جديدة بين إثيوبيا وإريتريا وسط تحولات البحر الأحمر الجيوسياسية

قسم الأخبار الدولية 10/06/2025
أشعلت التصريحات الإثيوبية المتكررة بشأن “الحق في منفذ بحري” فتيل أزمة جديدة مع الجارة إريتريا، حيث عاد ميناء عصب الواقع على البحر الأحمر إلى واجهة التوترات بين البلدين، وسط تعقيدات جيوسياسية إقليمية ودولية تعيد تشكيل خريطة النفوذ في القرن الأفريقي.
فقد صعّدت أديس أبابا من خطابها السياسي الذي اعتبرته أسمرا مهدّدًا لسيادتها، بعد أن أعلن رئيس الوزراء آبي أحمد أن الحصول على منفذ بحري “ليس ترفًا بل ضرورة وجودية”، في تلميح مباشر إلى ميناء عصب الذي كانت إثيوبيا تستخدمه حتى انفصال إريتريا عام 1993. وزادت التصريحات حدةً مع مطالبة حزب “حركة شعب أمهرا الوطنية”، أحد أذرع الحكومة الإثيوبية، بإدراج التفاوض حول منفذ بحري ضمن أولويات الأجندة الوطنية، واعتبار استقلال إريتريا “خاليًا من المشاركة الشعبية”.
الرد الإريتري جاء حازمًا، إذ وصف وزير الإعلام يماني جبر مسقل هذه التصريحات بأنها “مغالطات تاريخية وقانونية”، محذرًا من محاولة تغليف التوسّع تحت ستار المصلحة الاقتصادية، في ظل ما تعتبره أسمرا إعادة إحياء لمطالب إثيوبية سابقة تتجاوز ما نصّت عليه اتفاقية السلام الموقعة عام 2018.
ويكتسب النزاع أبعادًا أكثر تعقيدًا مع تصاعد التدافع الدولي على موانئ البحر الأحمر، حيث تخشى إريتريا من أن تكون إثيوبيا بوابة لتوسّع قوى أجنبية تسعى لترسيخ نفوذها في المنطقة الاستراتيجية. ويرى مراقبون أن التحركات الإثيوبية تحمل أبعادًا أبعد من الجغرافيا، لتتحول إلى أداة ضغط في موازين القوى الإقليمية.
من جهة أخرى، يرى محللون ودبلوماسيون إثيوبيون أن استعادة منفذ بحري أمر حتمي، في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، وعدم القدرة على الاعتماد طويلًا على الموانئ المستأجرة في جيبوتي، والتي تتكبد إثيوبيا مقابلها مليارات الدولارات سنويًا. ويشير الدبلوماسي المتقاعد طرونة زينا إلى أن “إثيوبيا مضطرة لفتح كافة الخيارات، بما فيها ميناء عصب، لحماية مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية”.
لكن في المقابل، حذّر خبراء مثل شفا عمر العفري من أي مقاربة تهديدية، معتبرين أن تشغيل الميناء لا يمكن أن يتم إلا عبر التفاهمات الثنائية واحترام سيادة إريتريا، بينما دعا المعارض الإريتري آدم حاج موسى إلى إشراك طرف ثالث دولي لضمان بيئة حوارية تنموية، بدلًا من الانزلاق إلى منطق المواجهة.