الحد من التسلّح النووي العالمي في العام 2026: “الصين أسرع قوة نووية على الكوكب “…

قسم البحوث والدراسات 22/12/2025
تقديم:
يواجه الإطار القانوني الدولي للحد من الأسلحة النووية المزيد من التحديات في سنة 2026، تبدأ بغياب ضوابط إضافية تُسهم في تجنّب أزمة نووية، ولا تنتهي بتغيّر المشهد النووي العالمي مع دخول عناصر وقوى جديدة عليه.
يشهد النصف الأول من السنة المقبلة حدثين رئيسيين، يتمثل الأول في انتهاء العمل بمعاهدة (نيوستارت) بين الولايات المتحدة وروسيا في الخامس من أفريل بينما يتمثّل الحدث الثاني في مؤتمر المراجعة (RevCon) لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) الذي تستضيفه نيويورك في مارس.
ويهدف مؤتمر المراجعة الذي يُعقد كل أربع إلى خمس سنوات إلى الحفاظ على المعاهدة التي تشكّل حجر الزاوية في الأمن النووي العالمي. ولكن خلال الدورتين الأخيرتين، فشلت الدول الـ191 الموقعة على المعاهدة في الاتفاق على وثيقة نهائية، وهو ما يتوقع خبراء حدوثه في مارس وأفريل .وفي مؤتمر عبر الإنترنت نظمته الأمم المتحدة قالت رئيسة مؤسسة “نشرة علماء الذرة” غير الربحية المعنية بالأمن العالمي ومقرّها الولايات المتحدة، “أعتقد أنّه سيكون مؤتمرا صعبا”.في ما يتعلق بالوضع الحالي وآفاق المستقبل القريب لهيكلية الحد من التسلّح النووي، فإنّ الأمور قاتمة نحن على وشك التفكيك الكامل تقريبا لبنية الحد من التسلّح» النووي.

أولا – زعزعة الأمن العالمي وسباق التسلح
في العام 2025، أدّت أحداث عدة إلى زعزعة المشهد النووي العالمي، من أبرزها الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة على مواقع نووية إيرانية، واختبار روسيا صاروخ كروز (بوريفستنيك) الذي يعمل بالطاقة النووية، وتلويح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكانية استئناف التجارب النووية.
وفي هذا السياق، إعتبرت مؤسسة الأبحاث الاستراتيجية الفرنسية في حديث لوكالة فرانس برس، أنّ «بنية الحد من التسلّح تنهار».ويتمثل أحد التحديات الرئيسية على هذا الصعيد في التحوّلات التي تشهدها العلاقات الدولية.
فقد بُنيت منظومة السيطرة على الأسلحة النووية على مدى عقود، على محور قوامه موسكو وواشنطن، غير أنّ القوة المتنامية لبكين والتقدم التكنولوجي السريع غيّرا المشهد الدولي، الذي أصبح في الوقت ذاته أكثر توترا.
وقالت جامعة بكين، إنّ «الترابط المتزايد بين القوى النووية والتقليدية وظهور تكنولوجيات من شأنها قلب الموازين (مثل نظام القبة الذهبية الأميركي والأسلحة فرط الصوتية الجديدة) حوّل الردع النووي التقليدي إلى مفهوم متعدد المجالات، خصوصا في عالم متعدد الأقطاب».
واستنادا إلى مقتطفات من محضر اجتماع عقده المركز الباكستاني للدراسات الاستراتيجية الدولية أضاف أنّ «هذا التكوين الثلاثي يُدخِل تعقيدات تتجاوز بكثير النموذج الثنائي الذي كان سائدا في حقبة الحرب الباردة. كما أنّ زيادة التعاون بين الصين وروسيا يزيد من تعقيدات حسابات الردع، خصوصا في مسرحي النزاع الرئيسيين، أي أوروبا ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ».ومن النتائج المحتملة لتغيّر المشهد، انتهاء العمل بمعاهدة نيوستارت التي تضع سقفا للأسلحة وتتضمّن أنظمة تفتيش.
عنصر التفتيش بكامله لم يعد يعمل … الإشعارات عند تحريك صاروخ وما إلى ذلك، كلّها اختفت. ما تبقى هو الالتزام الطوعي بالبقاء ضمن الحدود المتفق عليها».
ثانيا -الصين كأكبر قوة نووية بين رهانات الحرب النووية وفرض السلام العالمي
وقال مركز (هيريتاج فاوندايش) إنّ السماح بانتهاء صلاحية معاهد نيوستارت يصب في المصلحة الأميركية، ويعكس موقف جزء كبير من المجتمع الاستراتيجي الأميركي الذي يحبذ عدم ربط واشنطن بموسكو وحدها.حتى الآن، رفضت بكين التي تملك عددا أقل من الأسلحة حاليا، الانخراط في محادثات ثلاثية لنزع السلاح.
«الصين هي أسرع قوة نووية نموا على هذا الكوكب. إنها تبني مئة رأس حربي جديد سنويا، ولديها الآن عدد من صوامع الصواريخ العابرة للقارات، أكثر مما لدى الولايات المتحدة من صوامع صواريخ مينتيمان ».
معاهدة نيوستارت لا تفعل شيئا لمعالجة هذه المسألة. إنّ انتهاء صلاحية المعاهدة لا يعني أنّ العالم يجب أن يتوقع عواقب وخيمة في اليوم التالي، بمجرد حلول 2026 أما في واشنطن وموسكو «هناك معوّقات» ستؤدي إلى إبطاء أي عملية تحشيد للأسلحة. عدم وجود وثيقة نهائية من لجنة المراجعة التي ستُعقد في نيويورك، لن يتسبّب في «عواقب فورية أو ضارّة».
خلاصة :
الحذر الدولي يتطلب آليات واقعية تترجم إلى التطبيق العملي ذلك أنّ تراجع الضوابط قد يترك العالم بدون أدوات دبلوماسية لحل التوترات. فكلما تراجعت فعالية معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، صار من الصعب التوصل إلى حلول جماعية في حالة حدوث أزمة كونية على كوكب الأرض .



