أخبار العالمإفريقيا

الجزائر تطلب أحكاماً ثقيلة بحق 80 متهماً في قضايا فساد انتخابي بعد انتخابات الرئاسة الأخيرة

فرضت السلطات القضائية في الجزائر ضغوطاً جديدة في ملف فساد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بطلبها إنزال عقوبات ثقيلة بالسجن بحق 80 متهماً، بينهم شخصيات بارزة ترشحت للمنصب الأعلى في الدولة، أبرزهم الوزير السابق بلقاسم ساحلي، وسيدة الأعمال المعروفة سعيدة نغزة، والناشط السياسي عبد الحكيم حمادي، حيث التمست النيابة العامة مجدداً تأييد أحكام ابتدائية بالسجن 10 سنوات صدرت بحقهم أواخر مايو 2025، بعد إدانتهم بتهم تتعلق بـ”شراء التوقيعات مقابل مبالغ مالية” خلال تحضيرات حملة الترشح للانتخابات الرئاسية التي أجريت في سبتمبر 2024.

التحقيقات التي أعقبت إعلان فوز الرئيس عبد المجيد تبون، طالت أيضاً 77 شخصاً آخر، من بينهم منتخبون محليون ووسطاء في عملية جمع التوقيعات، بالإضافة إلى اثنين من أبناء نغزة وأعضاء في منظمة أرباب العمل التي ترأسها. وقد وجهت لهم تهم تتعلق بـ”منح مزايا غير مستحقة، تلقي رشى، التأثير على إرادة الناخبين، وسوء استغلال الوظيفة”، وفقاً للائحة الاتهام الرسمية.

ورغم صدور الحكم الابتدائي، لا يزال المتهمون الثلاثة الرئيسيون في حالة سراح، نظراً لكون التهم الموجهة إليهم تصنف في خانة الجنح وليس الجنايات، مما يتيح لهم الاستئناف وهم خارج السجن، وهو ما أثار جدلاً واسعاً حول فعالية الردع القانوني في مثل هذه القضايا التي تمس نزاهة الاستحقاق الانتخابي.

وقد أكدت النيابة العامة أن أكثر من 50 منتخباً أقروا خلال التحقيقات بتلقيهم رشى مالية تتراوح بين 130 إلى 180 دولاراً مقابل التوقيع لصالح المترشحين الثلاثة، بينما تم الاستماع إلى 10 وسطاء متهمين بجمع وتوزيع الأموال. وتشير المعلومات الرسمية إلى أن كل مترشح ملزم بالحصول على ما لا يقل عن 600 توقيع من منتخبين محليين من 29 ولاية، أو على 50 ألف توقيع شعبي موزع جغرافياً، وهو ما جعل عملية تزكية الترشح موضع شبهات فساد وتلاعب.

سعيدة نغزة، التي ظهرت في تسجيل مصور بعد صدور الحكم الابتدائي، نفت أي تورط في عمليات شراء توقيعات، مؤكدة أن ملف القضية “فارغ من أي دليل”، وطالبت رئيس الجمهورية بالتدخل لإبطال الأحكام الصادرة في حقها وفي حق من وقعوا لها. كما أكدت أن السلطات الأمنية أخبرتها بحصولها على العدد الكافي من التوقيعات للترشح، لكنها فوجئت بإقصائها من السباق الانتخابي قبل شهرين من الاقتراع، رغم استيفاء الشروط، حسب روايتها.

ورغم تأكيدها استعدادها لمواجهة “مصيرها” برفقة أبنائها، أعربت نغزة عن شعورها بـ”ظلم كبير”، ووصفت ما جرى بأنه انتهاك صارخ لحقوقها السياسية. أما الوزير السابق بلقاسم ساحلي والناشط عبد الحكيم حمادي فلم يصدر عنهما أي تعليق علني بعد الحكم الابتدائي، في وقت تنتظر فيه المحكمة إصدار الحكم النهائي خلال أسبوع، على أن يظل باب الطعن بالنقض مفتوحاً لعشرة أيام.

القضية، التي تعتبر الأولى من نوعها بهذا الحجم في تاريخ الانتخابات الجزائرية، تكشف عن مساعٍ رسمية لتطهير العملية السياسية من شبهات الفساد، لكنها في الوقت ذاته تطرح أسئلة حرجة حول مدى استقلال القضاء، ومشروعية الإقصاءات السياسية، والتأثيرات المحتملة لهذه المحاكمات على الثقة الشعبية في المسار الانتخابي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق