الجارديان: نبوءة القذافي تتحقق بتكالب القوى الدولية على النفط الليبي
ليبيا-5-8-2020
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا تحدثت خلاله عن تكالب القوى الأجنبية على النفط الليبي واستغلال هذه القوى للصراع الذي تشهده البلاد منذ 9 سنوات لسرقة ثروات الشعب الليبي، في تحقيق لنبوءة الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.
وأفادت الصحيفة البريطانية إنه في أغسطس 2011 عندما بدأ المتمردون الليبيون وطائرات الناتو هجومًا على طرابلس ألقى العقيد معمر القذافي خطابًا دعا فيه مؤيديه إلى الدفاع عن البلاد من الغزاة الأجانب.
وقال الرئيس القذافي في خطاب “هناك مؤامرة للسيطرة على النفط الليبي والسيطرة على الأراضي الليبية، لاستعمار ليبيا مرة أخرى. هذا مستحيل .. مستحيل. سوف نقاتل حتى آخر رجل وآخر امرأة للدفاع عن ليبيا من الشرق إلى الغرب، من الشمال إلى الجنوب”، و بعد ذلك بشهرين تم سحل الرئيس القذافي وهو ينزف في مسقط رأسه بمدينة سرت قبل أن يُقتل.
وبعد مرور تسع سنوات واندلاع حرب أهلية ثانية، لم تعد نبوءة القذافي بعيدة عن الحقيقة. فمع تراجع الولايات المتحدة عن الدور الذي لعبته في الإطاحة بالقذافي هبطت كوكبة من القوى الإقليمية على ليبيا بدلاً من ذلك. مع انتقال المعركة إلى سرت -بوابة الهلال النفطي في البلاد- تلوح في الأفق مواجهة محتملة للسيطرة على ثروة ليبيا النفطية.
وتحولت ثروات سرت بعد وفاة القذافي – وكانت المدينة ذات مرة مثالا لامعًا لرؤيته لأفريقيا- تم هدم الفيلات الموجودة في طرق مبطنة بالأوكالبتوس والتي كانت تنتمي إلى أجهزة النظام في الثورة، وتم إرهاب المدينة من قبل تنظيم داعش الإرهابي قبل طرده منها في عام 2016.
وفي انتهاك للحظر الدولي المفروض على الأسلحة غمرت المدينة والصحراء المحيطة بها بالأسلحة والمقاتلين في الأسابيع الأخيرة مع تعبئة كل من القوات الموالية لحكومة الوفاق في طرابلس على جانب واحد من خط المواجهة ، وعلى الجانب الأخر القوات تلك التي تقاتل مع الجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر المعين من قبل البرلمان الليبي في طبرق.
والأمر الذي أصبح على المحك الآن هو أعظم كنز في ليبيا: أكبر احتياطيات نفطية في القارة الأفريقية بأكملها. تقع غالبية حقول النفط في البلاد في حوض سرت والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات سنويًا. وفرضت قوات الجيش الوطني الليبي -التي تسيطر على سرت- حصارًا على صادرات النفط في يناير مما تسبب في انخفاض الإيرادات مع انخفاض الإنتاج اليومي من حوالي مليون برميل إلى 100 ألف برميل فقط في اليوم.
اضطرت طرابلس إلى فرض تخفيضات على رواتب موظفي الخدمة المدنية والإنفاق الحالي من الاحتياطيات الموروثة من حقبة القذافي ، وهي في أمس الحاجة إلى طرد القوات الداعمة لحفتر.
واعترفت الأمم المتحدة رسمياً بحكومة الوفاق في غربي ليبيا كحكومة ليبية شرعية، لكنها كانت على خلاف مع إدارة طبرق منذ عام 2014، وعندما انتقل النواب إلى المدينة الشرقية بعد الانتخابات المتنازع عليها.
وعين البرلمان حفتر -وهو قائد سابق للجيش في عهد القذافي.
ويرى معسكر حفتر ان يدير حكومة الوفاق متشددون وإرهابيون، في حين يقول منتقدو القائد العسكري إنه ليس أكثر من دكتاتور عسكري محتمل …، وقد اجتذب القتال بثبات مؤيدين أجانب ذوي إيديولوجية وسياسية واقتصادية مختلفة راغبين في حصص في مستقبل ليبيا.
والحلفاء الرئيسيون لحكومة الوفاق هم تركيا وقطر الصديقة للإخوان المسلمين وإلى حد ما إيطاليا التي تعتمد على حكومة الوفاق لوقف تدفق المهاجرين الذين يعبرون البحر الأبيض المتوسط إلى شواطئها.
وكانت لحكومة البريطانية تحت قيادة رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون وفرنسا في عهد الرئيس السابق نيكولا ساركوزي دور بارز في الإطاحة بالرئيس القذافي – لكن في حين فقدت لندن الاهتمام بالفوضى التي ساعدت على زرعها وهي الآن مهملة دبلوماسياً، حافظت باريس على يدها في ليبيا.
وإدراكًا للحاجة إلى مساعدة مستعمراتها السابقة في الساحل في مكافحة نمو الحركات الإرهابية في المنطقة في أعقاب عام 2011 ، تدعم فرنسا الآن حفتر وليبيا بقيادة علمانية لضمان سلامة قواتها في الجنوب.
وقد ازداد القتال تعقيدًا بسبب الديناميكيات القبلية وانتشار حرب الطائرات بدون طيار ووجود المرتزقة المتزايد باستمرار: قدمت مجموعة فاجنر المرتبطة بروسيا الدعم التكتيكي الرئيسي للجيش الوطني الليبي منذ العام الماضي.
كما يقاتل الآن حوالي 10 آلاف سوري – لا تزال حربهم بالوكالة – على جانبي الحرب وتغريهم رواتب أعلى مما يمكنهم كسبه في منازلهم. يواجه كل من أنصار حكومة الوفاق والجيش الليبي اتهامات بتجنيد رجال من تشاد والصومال والسودان للعمل كحراس أمن أو في وحدات خط الدعم الذين يجدون أنفسهم بدلاً من ذلك منتشرين في الخطوط الأمامية الليبية كوقود للمدافع.
ترجمة:ياسر محمد