أخبار العالمالشرق الأوسط

التقارب الروسي الإيراني “أسوء كابوس لإسرائيل أصبح حقيقة”

إعداد فاتن الجباري قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية

مراجعة: الدكتورة بدرة قعلول

تونس 20-10-2023

وضع دولي حربي لم يعد من الممكن التنبؤ به، فالحرب تسابق الزمن والمعادلات تتغير والأساليب تتغير، أسلحة حربية تدخل من هنا وهناك والانباء الدولية تحقق أعلى نسب الترويج العالمي لها، وفي كل لحظة يدخل الحرب طرف جديد بأسلوب خاص، لقد إنتقلت الحرب الى الشرق الأوسط بعدا ما كان الصراع دائرا في كل من روسيا وأكرانيا ومع سرعة تتطور التكنولوجيا لم تعد حرب الشرق الاوسط كما عهدناها من قبل بل بتنا نسمع عن طائرات بدون طيار وصواريخ فوق صوتية وتقنيات ليزرية، نووية وفرق كوموندوس من صناعة ايرانية… أمر بات أشبه بأفلام هوليود، أفلام يقول الخبير الاستراتيجي الروسي أنها فضحت من يمكن وصفهم بالمطلوبين لدى العدالة الدولية ان كانت هناك عدالة في مجلس الامن الدولي حقا…   حقيقة واحدة تضع إسرائيل على شفى كابوس سيء…

هكذا وصف الخبير الاستراتيجي” فيودور لوكيانوف”  في حوار متلفز على قناة روسيا 24 الفضائية، الأوضاع المشتعلة في الشرق الأوسط، لوصف صدمة إسرائيل في السابع  من اكتوبر 2023، حيث كانت الأسئلة التالية  :

         أسوء كابوس لإسرائيل، كيف أصبح حقيقة ؟

 ان إسرائيل لم تربح المرحلة بل ان الحرب مازالت متواصلة لقد تلقت صفعة على الوجه السياسي الأمني  وخاصة الإستخباراتي… وبناءً على ما نعرفه من المصادر المفتوحة لقد وضعت إسرائيل رغما عنها في قائمة الدول الأكثر إنجرارا الى الحرب والأكثرعرضة للخسائر، فإسرائيل التي تمتلك مصالح إقتصادية وغستراتيجية  تتسلل الى الدول كما هو الفيروس الفتاك والمخرب ينقلب عليها السحر في وقت تنقلب فيه الحسابات بسرعة.

 هل يمكن أن تفشل مخططات إسرائيل؟

والسؤال الأبرز هو كيف ستقع إسرائيل في قبضة المقاومة التي تتربص بها؟

يمكن القول ان صدمة إسرائيل مفهومة وبات جدية لأن أسوأ كابوس لهم أصبح حقيقة. فجأة وجدت المقاومة الفلسطينية نفسها مستعدة لتنفيذ عمليات معقدة جدًّا وهذا يثبت أنه لم يكن ليحدث بدون” إيران” فمن المستحيل على مجموعة من الأفراد غير المدربين تدريبًا جيدًا أن يخططوا لما حدث في السابع من أكتوبر. لقد رأينا هجومًا منسقًا في عدة اتجاهات، من يستطيع أن ينقل لهم هذه التجربة.

تقول التقارير الأكثر التزاما،  إنها تجربة إيرانية إلى حد كبير  فنحن نرى إستخدام التكنولوجيا بشكل غير مسبوق واللافت أنها عمليات في غاية الدقة وكأننا نشاهد افلام الفيديو- قامز وهي عمليات تثير إنتباه المحاربين المختصين في صناعة الألة الحربية لحماس وفرق الكوموندوس المدربين… من ذلك إستخدام الطائرات الشراعية أو الطائرات بدون طيار كعنصر من عناصر العمل الهجومي.

 لقد رافق ذلك حجم هام من الترويج الإعلامي للعمليات الحربية وبدقة عالية جعل المتابعين لشلن الدولي يتساءلون حتما  حول الدور الايراني في  صناعة هذا الجيل الحربي المقاتل وهي صناعة حربية مضاهية للصناعة الامريكية الإسرائيلية والتي لم نرى بعد منها الا القليل مما تنتجه إيران وتذكرنا بعضها بالعمليات الروسية خلال العملية العسكرية على أوكرانيا    .

بالنسبة للإسرائيليين، هناك تخوف كبير ومترجم بسرعة التعبئة الحربية وردة الفعل الحازمة  جدا لأن اسرائيل تريد أن تحسم الأمر في أسرع وقت ممكن وإستباق هزيمة العدو لها نظرا لما سيخلفه ذلك لها من خسائر اقتصادية وشيكة ان طال امد الحرب.

فلئن شبه طوفان الأقصى بضربة الحادي عشر من سبتمبر على برج الاقتصاد العالمي، فإن هذا لا يشكل تهديدًا عاديا بل يشكل صفعة خطيرة على وجه المؤسسة  الامريكية الإسرائيلية برمتها لذلك كان عليهم أن يردوا، وكما نرى كانت ردة جد مفرطة في الوحشية والعنف والتخبط وتدل على أنهم لا يعلمون ماذا يفعلوا وهناك غضطراب كبير فالضربات ليست موجهة ولا إستراتجية، وهو ما سيجبر بلدان الشرق الأوسط على الرد حتى وإن كانت هذه البلدان ما زالت تختزل ردود فعلها في التصريحات إلى ان تتحدد كيفية سير العملية البرية إذا بدأت.

ما مدى قوة العلاقات بين إيران والمقاومة الفلسطينية؟

في الوقت الراهن أصبحت هذه المنطقة الرمادية أي فلسطين والمناطق الحدودية المحيطة بها على غرار كل من سوريا ولبنان ومصر والاردن وكذلك الدول التي تكون بعيدة جغرافيا ولكن لديها علاقة مباشرة لفصائل المقاتلة  الفلسطينية وأهمها طهران…، ولئن كان ذلك سيزيد من تعقيد الوضع والقدرة على تحليل أحداثه الا انه يمكن الإفتراض على الأرجح أن طهران كانت على علم بالتحضير لكا ما يجري، ذلك أن ايران ترى في المقاومة الفلسطينية نوعًا من الاستثمار، وأداة يمكنهم إستخدامها لمواجهة تهديدات الكيان الصهيوني لمصالحها الداخلية والخارجية. حيث تم تدعيم جناحها العسكري، كما وقع تدريبه دون انقطاع. 

ولكن بأي حال من الأحوال  لا يُنظر إلى المقاومة نفسها على أنها منظمة تابعة تمامًا لطهران بل  المقاومة المسلحة منظمة مستقلة وتتلقى تمويلاً أجنبيًّا ليس فقط من طهران…

إن خطر بدء حرب إقليمية، مع جر إيران إليها هو أحد الأخطار القصوى المطروحة حاليا بالنسبة لإسرائيل،  فعلى الجانب الآخر، أصبحت إسرائيل أضعف بكثير، فبالمعنى  الذي يكون  فيه الوضع في غزة أشبه بالجحيم، فإنه سوف تنهار كل الدبلوماسية التي كانت موجودة، وستجد إسرائيل نفسها معزولة تماما وتعتمد فقط على الأمريكيين، وسوف تستفيد إيران من هذا  .

ما الخيارات المتاحة للأطراف المتصارعة؟

على هذا المقياس لقد حصلت إيران على بعض المكاسب، والمكسب الأكثر أهمية هو تعطيل تطوير مسار ما يسمى بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية”. ففي وقت هجوم حماس، كان الكثيرون يقولون بالفعل إن إقامة علاقات بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل من خلال وساطة الولايات المتحدة تمضي في طريقها نحو الحسم.

وهنا كانت لدى إيران مخاوف كبيرة بما في ذلك المتعلقة بحقيقة أن تعاون السعودية مع إسرائيل والولايات المتحدة في القضايا الأمنية سوف يتزايد، أي إنهم سيحصلون على سعودية أقوى من جهة ومن جهة أخرى قد تظهر عيون وآذان إسرائيلية على حدودهم أي الإيرانية  وقد وضع هذا الهجوم حدًّا لعقد هذه الاتفاقيات. بالإضافة إلى ذلك فإن أي دولة في العالم العربي تحاول الآن مغازلة إسرائيل بطريقة ما، تخاطر بأن تضع نفسها في خانة الدولة المنبوذة.

وفي الحقيقة ان إيران ليس من مصلحتها تطور الصراع، وزعزعة إستقرار المنطقة بعبارة مُلطفة، فبعد الجهود التي بذلتها لتحقيق الاستقرار في علاقاتها مع جيرانها في الخليج والمحاولات التي تبذلها لتحسين العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وأوروبا، لم تنتهِ بنجاح كامل خلال الاجتماعات بين الإيرانيين وممثلي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، على هامش إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة من هنا فكرت إيران في ديناميكية معينة، من خلال إتخاذ خطوات لتخفيف الضغط الاقتصادي عليها في المقام الأول و هو أمر ضروري.

ولأن إيران ،لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي. فالسياسة المناهضة للصهيونية، ودعم الحركة الفلسطينية هو جزء من الأيديولوجية القومية الإيرانية، وهو ما لا تستطيع إيران ابدا التخلي عنه.

لكن من ناحية أخرى وهو ما بدانا نراه من خلال  التصريحات القوية من طهران،  كذلك تحركات من حزب الله بدعم من إيران… وبمكن القول أنه بالقدر الذي ستحاول فيه إيران تجنب سيناريو الإنجرار إلى صراع كامل بمنطقة الشرق الأوسط تقويضا للاستقرار الا وأن كل شيء ممكن فنحن في وضع لا يمكن التنبؤ به خصوصا متى دخلت الحرب عمليتها لبرية .

هل يمكن إفتراض أن الظرف الحالي يوفر مجموعة من الحوافز لتسريع تنفيذ البرنامج النووي الإيراني ؟

من حيث المبدأ، وفقًا لبعض التقارير، فإن الإيرانيين قد إقتربوا بالفعل من إمكانية الحصول على أسلحة نووية. وهنا، حتى الخبراء الروس يتحدثون عن أشهر لصنع قنبلة لأنها ليست سلاحًا نوويًّا كاملاً بعد ولكنه سلاح  سيدخل حيز الوجود ذلك ان إحتمال إنتشار الفوضى هو الشئ المقلق تماما لأن هناك أيضًا صراع في جنوب القوقاز، أذربيجان، التي تتلقى الدعم من إسرائيل.

وهو ما سيعزز وضعية التفاعل بين روسيا وإيران لذلك إيران ستتوقع الآن دعمًا مكثفًا جدًّا من روسيا في ضل  العلاقات الروسية الإسرائيلية المعقدة جدًّا في الوقت الحالي… مع الاخذ بعين الاعتبار ان روسيا تدعم جيدا النضال من أجل إنشاء دولة فلسطينية مستقلة  كما ان إطلاق العنان لحالة عدم الاستقرار الحالية كان في المقام الأول في مصلحة حماس من أجل التذكير بما يمكن أن يحدث إذا ما نُسِيَ الفلسطينيون وحظر الدعم عنهم، بما في ذلك من الجهات الراعية الخارجية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق