التحدي اليمني: بين التأثير ورد الفعل الاسرائيلي
الكاتب: رضوان العمري قسم البحوث والدراسات الاستراتجية والعلاقات الدولية 07-01-2025
بعد توقيع الكيان الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان وماتلاه من أحداث في سوريا أدت لسقوط النظام وتنفيذ الكيان لعدوان جوي وبري واسع دمّر خلاله معظم القدرات العسكرية السورية واحتل عدد من مناطق جنوب سوريا، ظهر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وقال بأن:” إسرائيل تعمل بطريقة منهجية على تفكيك محور الشر(محور المقاومة)، مؤكدا أن المنطقة على موعد مع فصل جديد في تاريخ الشرق الأوسط”.
وكالعادة، لم تستمر نشوة الانتصار لدى الكيان الإسرائيلي طويلاً، بل إنها تبخّرت بعد أيام مع تصعيد اليمن لعملياته العسكرية باتجاه العمق الإسرائيلي بالصواريخ والمسيّرات التي تجاوزت منظومة الدفاع وأصابت أهدافها في مناطق مختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومايعطي الأمر أهمية أكثر أن معظم العمليات ركّزت على يافا “تل أبيب” مركز الثقل السياسي والاقتصادي للكيان، ليدرك حينها بأن التهديدات الأمنية والتحديات الاستراتيجية مازالت حاضرة وبقوة، واليمن هو مركز التهديد هذه المرة.
منذ دخول اليمن في معركة إسناد غزة، نفذ الكيان الإسرائيلي أربع جولات من الغارات، استهدف خلالها موانئ الحديدة ومطار صنعاء ومحطات الكهرباء في الحديدة وصنعاء، وبالمقابل أطلقت القوات المسلحة اليمنية مئات الصواريخ والمسيّرات نحو الكيان الإسرائيلي، كما أنها تفرض حصاراً بحرياً شاملاً على الملاحة الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وبرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية تكفلت بكسر الحصار البحري اليمني وشكّلت لتحالف “حارس الازدهار” في 19 ديسمبر 2023 لهذا الغرض، إلا أن التحالف فشل في تحقيق أهدافه ولم يستطع تمرير سفينة إسرائيلية واحدة منذ تشكيله، بل إن الحظر على الملاحة اتسع ليشمل السفن الأمريكية والبريطانية بعد عدوانهما المباشر على الأراضي اليمنية.
اليوم ومع تصاعد العمليات بين الكيان الإسرائيلي واليمن الذي يربط إيقاف هجماته بوقف العدوان والحصار على غزة، ما تزال السيناريوهات المتوقعة لهذا التصعيد غير واضحة وتفتح الباب أمام عدة احتمالات، كما أن الكيان الإسرائيلي يواجه الكثير من العراقيل والتحديات لمواجهة الجبهة اليمنية، وفي هذا التقرير سنتاول أبرز العقبات التي تواجه الكيان وتمثل عامل قوة للجبهة اليمنية، والسيناريوهات المحتملة للتصعيد.
غياب الاستراتيجية الكاملة للكيان أمام التهديد اليمني
من خلال متابعة تصريحات المسؤولين العسكريين والسياسيين في حكومة الكيان، يتضح أن الكيان لا يملك خطة واضحة لمواجهة التهديد اليمني، فالبعض من المسؤولين الإسرائيليين يقترح ضرب إيران لكي تضغط على اليمن ليوقف هجماته، والبعض يقترح الضغط على الولايات المتحدة لتوسيع وتكثيف هجماتها على اليمن، والبعض يقترح تشكيل تحالف دولي جديد لضرب صنعاء، والبعض يقترح دعم القوات في الحكومة الموالية للتحالف لشن عملية برية ضد صنعاء، والبعض الآخر يقترح عقد صفقة لوقف إطلاق النار في غزة، وهناك الكثير من الاقتراحات التي يصرّح بها مسؤولي الكيان أو تنشرها الصحف والمواقع الإسرائيلية عن خبراء عسكريين وسياسيين.
إن تعدد الآراء والاقتراحات التي يصرّح بها مسؤولو الكيان وما تنشره الصحافة العبرية نقلاً عن خبراء إسرائيلين، يعكس غياب الخطة الاستراتيجية الكاملة للكيان للتعامل مع الجبهة اليمنية، ولو كانت خطة مواجهة اليمن موجودة ونسبة نجاحها مرتفعة لما تردد الكيان في تنفيذها خصوصاً بعد توقيعه لاتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وفي هذا السياق، فقد انتقد أفيف بوشينسكي المستشار الإعلامي السابق لنتنياهو التغافل وعدم الاستعداد لمواجهة اليمن، حيث قال بأن:” الجيش لم يستعد بشكل مناسب لهذا النوع من التهديدات، ولم يكن لدى إسرائيل فهم كاف لجماعة الحوثي، باستثناء كونهم يمنيين”.
وما يعزز من غياب خطة الكيان لمواجهة اليمن، هو التجائه للمسار الدبلوماسي وهذا ما لم يفعله مع لبنان أو غزة أو أي جبهة أخرى، فقد أصدر وزير الخارجية في حكومة الكيان جدعون ساعر تعليماته للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالسعي إلى تصنيف “الحوثيين” في اليمن كمنظمة “إرهابية”، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية، في 24 ديسمبر الماضي، وقال ساعر في البيان أن:”الحوثيون يشكلون تهديدا ليس فقط لإسرائيل، بل وأيضا للمنطقة والعالم بأسره”، في محاولة لتدويل القضية وتخفيف الثقل عن الكيان الإسرائيلي وإشراك أكبر قدر ممكن من الدول للعدوان على اليمن.
كما أن حكومة الكيان تقدمت في 24 ديسمبر بشكوى إلى مجلس الأمن ضد اليمن، ليتم بعدها وتحديداً في يوم 30 من الشهر نفسه عقد جلسة إحاطة مفتوحة بشأن التطورات المتعلقة بهجمات اليمن على “إسرائيل”، تحت بند جدول الأعمال “التهديدات للسلم والأمن الدوليين”، وفي الواقع فإن غالبية أعضاء المجلس أدانوا هجمات اليمن ضد الكيان وبنفس الوقت أدانوا هجمات الكيان ضد اليمن، وبالتالي فإن التحركات الدبلوماسية للكيان ضد اليمن لم تفضي _ حتى الآن _ إلى النتائج التي يرجوها.
ولإتمام خطة كاملة للتعامل مع الجبهة اليمنية، فإن الكيان بحاجة للتعاون مع الأمريكان وحلفاءهم في المنطقة والعالم على كل المستويات، كما أنه يحتاج للمزيد من الوقت والجهد قد يمتد لعدة أشهر، وهذا ما يؤكده الباحث في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي داني سيترينوفيتش بقوله:” إن التحدي الحوثي يتطلب من إسرائيل الاعتراف بأن المسافة والصعوبات التشغيلية تعني أنه لا يوجد “حل سريع” للحملة ضد الحوثيين، وبدلاً من ذلك، يجب أن تكون الاستجابة متكاملة ولا تُترك إسرائيل وحدها”.
ما هي العراقيل التي تواجه الكيان للتعامل مع الجبهة اليمنية؟
هناك الكثير من العوامل التي تشكّل عقبات أمام الكيان الإسرائيلي في التعامل مع الجبهة اليمنية لتحييدها أو على الأقل للضغط عليها عسكرياً لإيقاف هجماتها الإسنادية، ومن أهم هذه العوامل:
البعد الجغرافي والطبيعة الجغرافية:
يبرز البعد الجغرافي لليمن عن الأراضي الفلسطينية المحتلة كعقبة رئيسية تحد من استخدام الكيان لقدراته العسكرية بالشكل المطلوب، فإذا أراد الكيان توجيه ضربة لليمن فإن الطيران الحربي الإسرائيلي بحاجة لقطع مسافات كبيرة ودعم لوجستي وجهد غير عادي، وفي هذا السياق يقول الخبير العسكري “إيتاي غال” في مقال له بصحيفة معاريف العبرية إن:” المسافة بين إسرائيل واليمن تبلغ حوالي 2000 كيلومتر، حيث تحلق الطائرات المقاتلة التابعة للقوات الجوية الإسرائيلية بسرعة متوسطة تبلغ حوالي 900 إلى 1200 كم/ساعة في ظل ظروف التشغيل العادية، وقد تستغرق الرحلة الجوية المخططة جيدًا إلى اليمن والعودة ما بين 5 إلى 6 ساعات”
وأضاف:” ومن أجل إكمال المهمة والعودة، يلزم التزود بالوقود الجوي خلال الرحلة، لافتاً إلى أن الجولة الثانية من الهجمات تم التخطيط لها عدة أسابيع، وتضمنت التنسيق بين عشرات الطائرات المختلفة، بما في ذلك طائرات التزود بالوقود وطائرات السيطرة والطائرات المقاتلة”.
كما أن الطبيعة الطبوغرافية لليمن تقف إلى جانب القوات المسلحة اليمنية، حيث تمثل الكهوف والسلاسل الجبلية تحصينات طبيعية للتخفي والتمويه وإخفاء الأسلحة الثقيلة والذخائر وكل ماله صلة بعناصر القوة والتسليح، بالإضافة إلى أن الجغرافيا الواسعة لليمن تسمح بتوزيع أصول القوات اليمنية على طول الجغرافيا المعقّدة.
نقص المعلومات الاستخباراتية:
يصرّح مسؤولون وخبراء عسكريون إسرائيليون في أكثر من مرّة بأن هناك نقص حاد لدى الكيان فيما يخص المعلومات الاستخباراتية عن القدرات العسكرية للجيش اليمني، وهو مايثبته الواقع العملياتي، إذ أن كل الأهداف التي هاجمها الطيران الإسرائيلي خلال الجولات الأربع السابقة أهداف مدنية بحتة، حتى أن هناك قصور أيضاً في رصد مايتعلق بالأهداف المدنية، ومايفسّر ذلك _ باعتقادي _ أن الطيران الحربي للكيان استهدف مطار صنعاء في 26 ديسمبر الماضي في وقتٍ يتواجد فيه مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، فلو كان الكيان يعلم توقيت تواجده في المطار لهاجم المطار بتوقيت آخر، وبرغم أن الكيان لايأبه بالقوانين والأعراف الدولية من خلال قصفه للأشخاص والبنى التحتية الخاصة بالأمم المتحدة في غزة ولبنان، إلا أن استهداف مطار صنعاء في وقت يتواجد فيه مدير منظمة الصحة العالمية ليس في صالح الكيان، لأنه يحرج الأمم المتحدة والدول التي تدّعي دعمها للأمم المتحدة أيضاً، ولهذا فقد أدانت معظم الدول في جلسة مجلس الأمن الأخيرة التي دعا لها الكيان هذا الهجوم واعتبرته مخالفاً للقوانين الدولية.
ومن سيل الاعترافات التي يتداولها الإعلام العبري عن شح المعلومات الاستخباراتية فيما يخص اليمن، تقول القناة 12 العبرية في أحد تقاريرها بأن:” التحدي الرئيس الذي تواجهه إسرائيل في اليمن هو تحد استخباري في اليمن وفشل في الحصول على المعلومات الاستخبارية الضرورية”، وحول هذا الموضوع أيضاً نقل موقع “واللا” العبري عن مصدر أمني قوله بأن “أبرز العقبات في مهاجمة الحوثيين تكمن في صعوبة جمع المعلومات بشأنهم”، ومع ذلك يرى خبراء عسكريين يمنيين أن تداول الإعلام العبري بشكل واسع لمثل هكذا أخبار غرضه تطمين القوات المسلحة اليمنية ودفعها للتساهل عن تفعيل التدابير والاحترازات الأمنية بما يحقق للكيان أهدافه بجمع المعلومات بكل سهولة ويسر.
وفي الواقع، فإن نقص المعلومات الاستخباراتية لايقتصر على الكيان الإسرائيلي فقط، بل يشمل الولايات المتحدة الأمريكية أيضاً التي تحاول إرسال طائراتها المسيّرة”mq9″ إلى الأجواء اليمنية بشكل مستمر، وبرغم أن الدفاعات الجوية اليمنية خلال ال 14 شهراً الماضية استطاعت إسقاط 14 طائرة أمريكية من هذا النوع المتطوّروالتي تبلغ قيمة واحدة منها قرابة 30 مليون دولار، إلا أن الولايات المتحدة تصر على إرسالها باعتبارها أحد أهم أدواتها لجمع المعلومات وبناء بنك أهداف.
تماسك الحاضنة الشعبية:
الشعب اليمني بطبيعته يعير القضية الفلسطينية اهتماماً بالغاً وبنفس الوقت فإنه يكن العداء لكيان الاحتلال، وما الخروج الشعبي اليمني بالملايين كل جمعة إلى الميادين والساحات منذ بداية العدوان على غزة إلا دليل على ذلك، وهذا الخروج لا يعتريه الملل أو الهبوط والتراجع، بل إنه يتعاظم مع مرور الوقت، ولتوضيح ذلك فقد خرج اليمنيون في أول جمعة من رجب للعام الماضي في 12 يناير 2024 بأكثر من 150 ساحة، بينما خرجوا في جمعة رجب هذا الأسبوع بأكثر من 700 ساحة.
ولم يكتف اليمنيون بالخروج بالمسيرات الأسبوعية، بل إننا نستطيع القول أنه ومنذ أكتوبر من العام 2023 لا يمر يوم دون أن يكون هناك وقفة شعبية أو استنفار قبلي أو مسير عسكري إسناداً لغزة وضمن التعبئة العامة والاستعداد لأي معارك قادمة مع الكيان والأمريكان ووكلائهم، ما يعني أن العدوان الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي لم يؤثر على معنويات اليمنيين بل زادهم تمسكاً وثباتاً وصلابة، كما أن اليمنيين من خلال مواقفهم يبدون استعدادهم لتقديم التضحيات أكثر من استعدادهم للرضوخ أو التراجع من إسناد غزة، وهذه العوامل بمجلمها تمثل أرضية صلبة داعمة لعمليات القوات المسلحة اليمنية وبنفس الوقت تعتبر جزء من التحديات التي يواجهها الكيان لكسر الجبهة اليمنية.
ارتفاع تكاليف الحرب:
برغم الدعم الأمريكي غير المحدود إلا أن الاقتصاد الإسرائيلي تعرض لهزات كبيرة منذ بدء طوفان الأقصى، والجبهة اليمنية ساهمت كثيراً في إضعاف الاقتصاد الإسرائيلي، سواءً من خلال قطع خطوط الملاحة في البحر الأحمر، الذي يعد أهم شريان للتجارة الإسرائيلية، وبحسب تقارير عبرية فإن 21.5% من الواردات إلى “إسرائيل” تمر عبر البحر الأحمر، وفي هذا السياق، قال رئيس رابطة المصنعين في الكيان الإسرائيلي رون تومر في تصريح نشرته صحيفة غلوبس العبرية:” للأسف، طوال العام الماضي، لم تتوقف المشاكل التي أعقبت الحرب، ومن بين أمور أخرى، تنعكس على النقل البحري، تكلفة نقل حاوية من الصين لقد زادت أربع مرات تقريبًا منذ ديسمبر 2023″.
كما أدى الحصار البحري اليمني إلى إحداث شلل تام في ميناء “إيلات”، وفي تقرير لوكالة أسوشيتد برس، نشرته يوم أمس، قالت فيه إن:” هجمات الحوثيين على الشحن في البحر الأحمر أدت إلى إغلاق ميناء إيلات ودفعت السفن المتجهة إليه إلى اتخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة”، بدوره، قال الباحث الإسرائيلي بمركز أبحاث اﻷمن القومي داني سيترينوبيتش إن:” تعطيل ميناء إيلات بالكامل بسبب الهجمات البحرية الحوثية يمثل ضربة قاسية لإسرائيل، مشيراً إلى أن إسرائيل لم تعد تمتلك القدرة نفسها على الردع كما كان الحال في الماضي”.
واعتبر سيترينوبيتش أن:” الوضع الحالي يعيد إلى الأذهان أزمات إستراتيجية مثل إغلاق مضيق تيران في عام 1967، لكنه أشار إلى أن إسرائيل اليوم تفتقر إلى القدرة على مواجهة هذه التحديات بشكل فعال”.
ومن ناحية أخرى، فإن الضربات التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية نحو”تل أبيب” تؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد الإسرائيلي، بحيث أنها تفقد المستثمرين الأمان والتفكير بالهجرة، وهذا ما أكده تقرير أسوشيتد برس بالقول:” إن إطلاق الصواريخ اليمنية يشكل تهديدا للاقتصاد الإسرائيلي ويمنع العديد من شركات الطيران الأجنبية من السفر إلى البلاد وانتعاش صناعة السياحة المتضررة بشدة”.
علاوةً على ذلك، فإن الكيان الإسرائيلي يتكبد خسائر كبيرة في الإنفاق العسكري لمواجهة الجبهة اليمنية، وكمثال: فإن شن هجوم واحد على اليمن يكلف الكيان ملايين الدولارات كنفقات تشغيلية لسرب الطائرات الحربية الذي ينفذ العملية، إضافةً إلى أنه إذا اتجه الكيان الإسرائيلي للتصعيد سيقابل بتصعيد مماثل من اليمن، وهو ماسيضاعف من المؤشرات السلبية للاقتصاد الإسرائيلي.
كما أن الإنفاق العسكري لمواجهة الجبهة اليمنية لايقتصرعلى شن الهجمات، بل يشمل أيضاً على التصدي للصواريخ والمسيرات، إذ أن الكيان الإسرائيلي عندما يحاول التصدي للصواريخ البالستية اليمنية _ التي تنجح غالباً في الوصول إلى أهدافها _ فإنه بحاجة إلى إرسال عدد من الصواريخ الاعتراضية نوع “حيتس” والتي تقدر قيمة الواحد منها باثنين مليون دولار، أما صواريخ “ثاد” الأمريكية التي تم تفعيلها مؤخراً فإن قيمة الواحد منها يصل إلى قرابة 18 مليون دولار، بحسب تقارير إعلامية، يأتي ذلك في الوقت الذي يعاني فيه الكيان من نقص في الصواريخ الاعتراضية، وهذا ماتطرق إليه مراسل القناة 14 العبرية تامير موراغ، حيث قال:” إسرائيل تواجه مشكلتين رئيسيتين، الأولى هي غياب رغبة الإدارة الأميركية في تصعيد العمليات الهجومية ضد الحوثيين، والأخرى نقص الصواريخ الاعتراضية، مما يزيد صعوبة التصدي للهجمات اليمنية”.
ولاننسى بأن فشل تحالف حارس الإزدهار في البحر الأحمر، وقبله فشل التحالف السعودي خلال السنوات السابقة من تحقيق أهدافهم في اليمن يعطي الكيان الإسرائيلي صورة سلبية لواقعه في حالة إقدامه على خوض حرب استنزاف كبيرة مع اليمن، ويؤكد له حجم التحديّات التي قد يواجهها، وحول ذلك يقول اللواء الإسرائيلي احتياط، يسرائيل زيف، عن إمكانية أن تقوم “إسرائيل” بتحييد القدرات العسكرية لصنعاء:” التعامل مع الحوثيين ليس بالأمر البسيط، التحالف الإقليمي مع الولايات المتحدة يحاربهم منذ تسع سنوات، ولم يحقق نتائج مذهلة”.
إن مجمل التحديات التي يواجهها الكيان الإسرائيلي للتعامل مع الجبهة اليمنية تحشر الكيان الإسرائيلي في مأزق كبير وتضع أمنه واستقراره وصورته في المنطقة على المحك، ولمواجهتها فإنه بحاجة للمزيد من الجهد والوقت لجمع المعلومات وتأليب وتحشيد أكبر قدر من حلفائه في المنطقة والعالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لشن عدوان جوي شامل على اليمن ودعم القوات المحلية المناهضة لصنعاء للقيام بعمليات برية متزامنة، وبرغم ذلك فإن هذا السيناريو لن تكون نسبة نجاحه عالية، لأن صنعاء لن تقف مكتوفة الأيدي ومازال في جعبتها الكثير من المفاجآت، وهذا يتطابق مع تصريحات القادة العسكريين والسياسيين في صنعاء وحديثهم بشكل متكرر بأن صنعاء ستسهدف مصالح أمريكا في المنطقة في حال قررت التصعيد وكذلك أي دولة تشترك في هذه الحرب فإنها ستواجه برد قاسي، وهو ما يعني أن السيناريو الأقرب لإيقاف جبهة الإسناد اليمنية هو أيقاف العدوان والحصار على غزة.
وعموماً فإن كل السيناريوهات ما زالت مفتوحة، وستتضح الصورة أكثر خلال أيام قليلة بعد تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير الجاري، إذ أن نتنياهو يعوّل عليه كثيراً في التعامل مع الجبهة اليمنية وغيرها من الجبهات.