الانقسام الأميركي يعمّق الغموض حول مشاركة ترامب في أي عدوان على إيران

قسم الأخبار الدولية 18/06/2025
كثّفت إدارة دونالد ترامب خلال الأسابيع الأخيرة تحركاتها العسكرية في محيط إيران، وسط تصاعد الضغوط من الجناح الجمهوري التقليدي الداعي إلى تدخل أميركي مباشر في الحرب الجارية بين طهران وتل أبيب، فيما أظهر جناح آخر داخل التيار “الترامبي” تشكيكاً متزايداً في جدوى التورط في صراع جديد قد يهدد المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة على المدى الطويل، وخصوصاً في مواجهة الصين.
فقد دعت شخصيات نافذة من المحافظين الجدد – مثل السيناتور توم كوتون وقائد القيادة المركزية مايكل كوريلا – إلى شن ضربات جوية على منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، خصوصاً موقع “فوردو” المحصّن داخل الجبال، والذي يصعب على الطائرات الإسرائيلية تدميره دون دعم أميركي مباشر. هذه الضربات، في حال تنفيذها، تتطلب استخدام قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 تُحمل على طائرات “بي-2” الشبحية، وهو ما دفع واشنطن لتحريك حاملتي طائرات ونقل طائرات تزويد الوقود جواً إلى أوروبا ضمن ما يبدو أنه تهيئة لعمل عسكري محتمل.
وفي المقابل، عبّرت تيارات من داخل حركة “أميركا أولاً” عن رفضها الواضح لتكرار سيناريوهات الحروب السابقة، مشددة على أن أي تدخل عسكري سيخالف تعهدات ترامب بعدم الانخراط في حروب جديدة. وقد ظهر الانقسام جلياً في موقف شخصيات مثل السيناتور جي دي فانس والمعلق تاكر كارلسون، اللذين عبّرا عن رفضهما الصريح لأي تدخل، واعتبرا أن دعوات القصف تخدم مصالح اللوبيات العسكرية أكثر مما تخدم المصلحة الوطنية.
من جانبه، أصدر ترامب تصريحات متضاربة، فبينما دعا إلى “إخلاء طهران فوراً” في تحذير تصعيدي مثير، أكّد أيضاً إمكانية “التوصل إلى صفقة تنهي الحرب بسهولة”، كما قال في منشور له. وفي الوقت ذاته، كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مسؤولين في إدارته نقلوا معدات استراتيجية إلى مسارح عمليات قريبة من الشرق الأوسط، بهدف توسيع خيارات الرد، بما فيها شن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية.
وتشير تحليلات إلى أن ترامب لم يتخذ بعد قراراً نهائياً بشأن الانخراط في الحرب، لكن تحركاته العسكرية تمنحه ورقة ضغط قوية على طهران وعلى خصومه السياسيين في الداخل. وتعمّق هذه المواقف الانقسام داخل أروقة السلطة الأميركية، إذ يدعو بعض مستشاريه العسكريين – مثل إلبريدج كولبي – إلى إعطاء الأولوية للتهديد الصيني على حساب الانخراط في صراعات الشرق الأوسط.
أما داخل البنتاغون، فتتزايد الخلافات حول الأولويات الاستراتيجية، في ظل إرث عمليات عسكرية مكلفة مثل حملة “الفارس الخشن” ضد الحوثيين، التي استنزفت موارد أميركية ضخمة دون تحقيق أهداف حاسمة. وفي وقت تتزايد فيه الدعوات إلى إعادة توجيه التركيز الأميركي نحو شرق آسيا، يبدو أن سيناريو توجيه ضربة عسكرية لإيران لا يزال مطروحاً بقوة، لكنه محفوف بمخاطر سياسية وعسكرية قد تعمّق الشرخ داخل النخبة الأميركية، وتدفع بالمواجهة إلى مستوى يصعب احتواؤه.