أخبار العالمالشرق الأوسط

الاحتلال الإسرائيلي يصعّد الحرب النفسية في جنوب لبنان عبر المسيّرات والقنابل الصوتية والتوغّلات المحدودة

ضاعف الجيش الإسرائيلي من استخدام أدوات الضغط النفسي على المدنيين في جنوب لبنان خلال الأيام الماضية، مكمّلاً تصعيده العسكري بوسائل تزرع الرعب وتمنع الأهالي من العودة إلى قراهم. فإلى جانب الغارات الجوية المتكررة، أطلقت القوات الإسرائيلية حملة منسّقة من التحليق المكثف للمسيّرات، وإلقاء القنابل الصوتية، وتنفيذ توغّلات ميدانية محدودة، وسط غياب أي مؤشرات على تهدئة مستدامة أو دعم كافٍ من الدولة اللبنانية.

وشهدت بلدات الجنوب، الأربعاء، سلسلة حوادث متفرقة عكست هذا التصعيد المركّب؛ إذ استهدفت مسيّرة إسرائيلية شابًا في بلدة المنصوري، نُقل على إثرها إلى مستشفى اللبناني – الإيطالي في صور. وفي بلدة رب ثلاثين أصيب مدني إثر انفجار ذخيرة غير منفجرة، بينما أطلقت القوات الإسرائيلية النار على شاحنة مدنية في ميس الجبل من دون وقوع إصابات، ثم توغّلت قوة إسرائيلية إلى عمق الأراضي اللبنانية في منطقة طوفا وأضرمت النيران في شاحنة أخرى.

وتمثّل القنابل الصوتية إحدى الوسائل الجديدة في هذه الحرب النفسية، حيث أُلقيت ثلاث منها في منطقة حولا، بينما تواصل المسيّرات تحليقها فوق التجمعات السكنية ليلاً ونهاراً، في مشهد يصفه السكان بأنه «سجن مفتوح» يخنق التحرك اليومي ويعيد تشكيل الخريطة النفسية والاجتماعية للجنوب.

وفي ميس الجبل، أكد عبد المنعم شقير، الرئيس الأسبق لبلديتها، أنّ العودة ما زالت محدودة للغاية رغم مرور شهور على تهدئة الجبهة، إذ لم يتجاوز عدد العائدين 500 شخص من أصل نحو سبعة آلاف. واعتبر أنّ استهداف عمليات الترميم وتثبيت السكان بأساليب مباشرة وغير مباشرة هو امتداد للحرب النفسية، ووسيلة لضرب أي نية للاستقرار وإعادة الإعمار.

وتروي منى عواضة من بلدة كفركلا أن أسرتها تعرّضت لقصف مباشر أدى إلى مغادرتهم المنزل، مضيفة أن البيت الجاهز الذي أقاموه في أرضهم الزراعية تعرض أيضاً للاستهداف، في رسالة واضحة بأن «لا ملاذ آمناً حتى في أرضك الخاصة».

أما في بلدة عيترون، فعبّر الدكتور علي مراد عن قلقه من أن «الاحتلال لا يستهدف الحجر فقط، بل يسعى لتفكيك المجتمع الجنوبي بالكامل»، واصفًا ما يجري بأنه «تغريبة رابعة» تشرذم العائلات وتضرب النسيج الاجتماعي، محذراً من أن العودة إلى الحياة الطبيعية «قد تحتاج إلى سنوات طويلة، إن لم تتوفر رؤية استراتيجية وطنية تدعم الجنوب وأهله».

في ظل هذا الواقع، يتجلّى أن الاحتلال الإسرائيلي يخوض معركة من نوع آخر على أرض الجنوب اللبناني، عنوانها السيطرة عبر الإنهاك النفسي والتفريغ السكاني، وهو نهج يوازي في خطورته القصف التقليدي، ويستهدف كسر إرادة الصمود قبل أي شيء آخر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق