الأطفال والشّباب بين براثن “تنظيم الإخوان”
إعداد : نورشان ساسي :صحفية بالمركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس
يستمرّ التنظيم الدولي للإخوان في البحث عن منافذ جديدة لتقوية نفوذه ، محاولا لملمة شتاته بعد أن شهد أشدّ أزماته منذ تأسيسه خصوصا وأنه يعاني من انقسامات داخلية وسجل عدة هزائم في دول مختلفة فبعد أن كان يحضى بتعاطف محلي ودولي أصبح منبوذا وأصبح متهما بالإرهاب والفساد،. فأصبح يحاول لملمة شتاته بعد أن شهد أشدّ أزماته منذ تأسيسه وذلك من خلال العمل على تأسيس استراتيجيات جديدة تضمن بقائه في المراحل المقبلة.
دمغجة فكرية للأشبال ومحاولات إنقاذ التنظيم
شهد الإخوان فترات مؤثرة ساهمت في ضعفهم ماليا وسياسيا على غرار سقوطهم في مصر سنة 2013 والذي كلفهم خسائر فادحة وانقسامات عديدة والتي عقد التنظيم على اثرها اجتماعا كبيرا بحضور قياداته من كل دول العالم على غرار القيادي عن حركة النهضة “راشد الغنوشي”، حيث تم خلال الاجتماع البحث عن سُبل للخروج من الأزمة التي تزاولهم والتي جعلت التنظيم يفكّر في هيكلة جديدة و ابتكاراستراتيجية عمل تستهدف الشباب بصفة خاصة.
ومن بين هذه الاستراتيجيات، يستخدم التنظيم الدولي للإخوان كيانات ومؤسسات لتجنيد الشباب ودمغجتهم فكريا، وهو مشروع يضعه الإخوان ضمن قائمة الأولويات التي ستساهم في ضمان بقائهم في المشهد، على غرار بناء ما يسمّى بالأكاديميات الفكرية والثقافية على مواقع التواصل الاجتماعي، ويمكن تفسير اللجوء للافتراضي بضيق مساحات الإخوان على أرض الواقع وتجنّب الدخول في مزاحمات جديدة مع الأنظمة السياسية وفقدان موازين القوى التي تخوّل لهم السيطرة على المؤسسات، كما يتم استعمال مواقع التواصل الإجتماعي كأبواق لتحقيق مصالحهم.
وفي سنة 2018 نظّم التنظيم الدولي للإخوان ورشات عمل في تركيا، التي يعتبرونها أرضية ملائمة للعمل على تمرير مشروعهم الذي يهدف الى الإنتشار والتحكم في المشاهد السياسية، وقد شارك في هذه الورشات 58 قيادة من قيادات التنظيم الدولي وتم خلالها وضع الأطر العامة والخطوط العريضة التي سيتم التحرك من خلالها، لتنفيذ الخارطة الجديدة التي يؤسسون لتطبيقها في المراحل القادمة.
ويعتمد هذا التنظيم الدولي على العديد من المؤسسات لتمرير أفكاره، و تتركز هذه المؤسسات في دول مختلفة، على غرار مؤسسة “الشباب المصري بإسطنبول”، وتعمل هذه المؤسسة على التأثير في الشّباب العربي بشكل عام ولا تقتصر على شباب الإخوان بل توسّع رقعة الاستهداف الى أكبر عدد ممكن من الشٌباب من خلال معسكرات ومخيمات مغلقة في تركيا يتم خلالها التأثير في العقليات الخاصة بالشباب وهو استقطاب فكري من خلال تقديم محاضرات علمية يتم عبرها الترويج الى فكر الإخوان.
الى جانب المؤسسات الأخرى ك”ديوان الأزهر للفكر والثقافة” وتستهدف بالأساس ديوان الأزهر والأوقاف ويديرها “محمد العقيد” وهو قيادي إخواني محرض على العمل المسلح في مصر كما يدعم حركة “حسم الإرهابية” الى جانب تورّطه في أعمال عنف كما يعمل على نشر الفكر الإخواني في تركيا بعد ترحيله ويعتبر مساهم في تمرير الأجندة الجديدة للإخوان.
ولم يستثني المخطط الإخواني المراهقين، بل شملهم هم أيضا ويعمل على ضربهم وذلك بتأسيس Mas Queens Masjid Dar Al Dawah “
“التي يستخدمها الإخوان لتجنيد المراهقين باسم الدين، ويشرف عنها “أكرم كسّاب” وهو أحد قيادات التنظيم الدولي كما عمل كمسؤول لدى مكتب “يوسف القرضاوي”، وسبق له تقديم مجموعة من الدراسات والكتابات التي تبيح قتل الضّباط والشرطة وله تصريحات مثيرة للجدل والتي تحرض على العنف فقد صرح قائلا “إن الخلاص من قضاة مصر ضرورة شرعية”، تعمل هذه المؤسسة على استقطاب المراهقين وتلقينهم الفكر الإخواني المتعصب الذي يعمل جاهدا على نشر الخراب متخفيا وراء ستارة الدين.
في الأردن أيضا، تم تأسيس “معهد منهاج للثقافة والفكر” حيث تعمل هذه المؤسسة على نشر أدبيات جماعة الإخوان وتتناول أفكار متعصبة باسم العلوم الشرعية يتم عبرها تمرير الإيديولوجيا التي يودون نشرها.
كما نذكر أيضا “شبكة محرري الشرق الأوسط وشمال إفريقيا” و التي ساهمت بدورها في هذا المشروع حيث وقّعت اتفاقيات مع جامعة إسطنبول وهيئة الطيران المدني في تركيا لتدريب صحفيي الإخوان في المنطقة من خلال تنظيم دورات تكوينية لتعليم طريقة استعمال طائرات الدرون الدفاعية وهي عملية مسترابة جدا وتضع على هذه المؤسسة نقطة استفهام كبيرة.
وتعتبر الأفلام أيضا منفذا لتسريب أفكار الإخوان وتبريء الإرهاب وتبييضه، بان ذلك في أكثر من مناسبة كفيلم “سيناء أرض التْيه” وهو من إنتاج قناة الجزيرة حيث تم عبره تسمية ارهابيين تنظيم “داعش” بالشهداء، وتحرض هذه الأفلام أيضا على تمرير ثقافة العنف تجاه الدولة ونشر التعصب والدغمائية.
وهي خطوات يتبعها تنظيم الإخوان لمواجهة أزمته وتخفيف الأضرار خصوصا مع إحتداد الخلاف بين الرأسين في لندن وتركيا، اضافة الى تمويل هذا المخطط من بعض الدول والرؤساء على غرار الدعم الكبير الذي يحضى به التنظيم من قبل تركيا عسكريا ولوجستيا وماليا بإشراف الرئيس أردوغان.
اختراق للفضاء المدرسي
تعتبر الفضاءات المدرسية أرضا لاستقطاب الشباب واقناعهم بتبنّي إيديولوجيا يسعى زعماء التنظيم الدولي للإخوان فرضها والعمل المكثف على توسيع رقعة انتشارها، وذلك عن طريق عدد من الوسائل ووفقا لعوامل تساعد على انجاح مشروعهم من ذلك النفسية الهشّة للشباب واستعمال نقاط ضعفهم في بعض الأحيان، كالوعود بتسهيل المسيرة الدراسية والمتابعة المستمرة لها وهو ما يعتبر اغراءات تسهّل الاستقطاب والدمغجة.
في ذات الإطار، يستعمل تنظيم الإخوان المدارس لتمرير أفكارهم عبر تكوين نقابات تؤكد ولائها للإخوان وسط الحرم الجامعي، وتعود محاولات هذا التوسع، الى سنة 2002 منذ تأسيس مشروع يسمى ب”لجنة المدارس”، وهو مشروع إخواني يعمل على نشر الفكر الإخواني داخل المدارس، عبر وسائل عديدة كتنظيم مؤتمرات ونشر أدبيات واختراق النظام التعليمي عبر بعض المواد التي يتم عبرها تمرير أفكارهم بصفة مباشرة وغير مباشرة مع إغراء الطلاب بتقديم خدمات وتسهيلات خلال فترة الدراسة وهو ما تحدث عنه الباحث ماهر فرغلي، باحث في شؤون الجماعات الإسلامية وحركات الإسلام السياسي في تقديمه لدراسة حول “آليات تجنيد الجماعة لعناصرها” كذلك يتم اختراق العقول التلمذية من خلال تمكين الاساتذة والمدرسينن والاطار التربوي بقيادات اخوانية لها القدرة على الاستقطاب والتمكين من العقول الاطفال والشباب وكذلك الأولياء في أخطر مخطط اخواني لتكوين اجيال قادمة يكونون خزانها الانتخابي وقيادات داخلها.
وفي تونس نجد حركات طلابية تعمل على نشر الإسلام السياسي داخل الجامعات حيث كوّنت “حركة النهضة” تيارا يحمل فكرها ومبادئها داخل أسوار الجامعة التونسية منذ 2011، وتحت اسم “شباب النهضة بالجامعة”، وتعمل هذه الحركة الطلابية على نشر الفكر الذي تتبناه الحركة وتعمل على استقطاب الشباب من خلال تنظيم مؤتمرات شبابية ودورات تكوينية وأنشطة أخرى كما يبدي “شباب النهضة بالجامعة” رأيه في المشهد السياسي التونسي والأحداث الوطنية من خلال البيانات المكتوبة والتحركات داخل الجامعة، وتؤثر هذه التحركات في عدد من الشباب وهو ما يهدف اليه مشروع تنظيم الإخوان في أكثر من دولة في العالم.
تتعدد المساعي لتنفيذ مخطط التنظيم الدولي للإخوان وتتنوّع الطرق المساهمة في انجاح ايديولوجيتهم وزرعها واستقطاب الأجيال ولا ننسى ما قاله عبد الفتاح مورو وهو من أكبر قيادات الاخوان حين قال “لقد فات الآون بالنسبة للاباء نحن نعمل على ابنائهم ونسائهم” يعني مشروع يبحث على تكوين الأجيل والتغلغل داخل المجتمع التونسي، حيث يعملون جاهدين على استرجاع موازين القوى لصالحهم في العالم وتم وضع الشباب كنقطة وجب الإشتغال عليها ضمن هذا المشروع.
فهل ستنجح مساعي الإخوان في استقطاب الشباب للاستعادة المكانة التي خسروها وانجاح الايديولوجيا التي وضعوها ؟