الآثار الصحية والبيئية للتفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر: جريمة لا تُنسى
![](https://i0.wp.com/strategianews.net/wp-content/uploads/2025/02/118174749_gettyimages-106506783.jpg?resize=780%2C470&ssl=1)
قسم الأخبار الدولية 13/02/2025
مع مرور 65 عامًا على التفجيرات النووية التي نفذتها القوات الاستعمارية الفرنسية في الجزائر، تظل آثار هذه التجارب النووية التي بدأت في 13 فبراير 1960 حاضرة بقوة في الذاكرة الجماعية للجزائريين، وتستمر في التأثير على البيئة وصحة الإنسان. في إطار الذكرى الأليمة، أطلقت الجزائر حملة بعنوان “جريمة لا تُنسى”، للمطالبة بتحمل فرنسا مسؤوليتها عن هذه الجرائم المدمرة التي خلفت آثارًا صحية وبيئية خطيرة، وما تزال تلاحق الأجيال الجزائرية التي عانت من تداعياتها.
الزيادة المقلقة في الأمراض السرطانية
أوضح الدكتور غضبان عماد الدين المصطفى، رئيس الجمعية الجزائرية للطب النووي، في حديثه مع “سبوتنيك”، أن التفجيرات النووية تسببت في زيادة ملحوظة في الإصابة بالسرطانات الصلبة لدى الأشخاص الذين تعرضوا للإشعاعات النووية. هذه السرطانات تستمر في الظهور على مر الأجيال، ويعود ذلك إلى أن الحقول التي شهدت التفجيرات النووية لم يتم تنظيفها بشكل كامل، ولا يزال من غير الممكن تحديد أماكن دفن النفايات النووية التي تركتها التفجيرات. وكشف عن أن سرطان الغدة الدرقية يعد من أبرز الأورام التي شهدت زيادة بنسبة كبيرة خلال العقدين الماضيين، بالإضافة إلى الأمراض الأخرى مثل التشوهات الخلقية وأمراض المناعة والأمراض البصرية.
الإشعاعات النووية: خطر يتجاوز الزمان والمكان
أوضح الطبيب الجزائري أن خطورة الإشعاعات النووية لا تقتصر على الإصابة بالأمراض في الجيل الحالي فقط، بل إن تأثيراتها تمتد على مدى طويل جدًا. حيث أن المواد المشعة، مثل البلوتونيوم، التي تم استخدامها في التفجيرات، لها عمر نصف يصل إلى 24,400 سنة، مما يعني أن تأثير هذه الإشعاعات سيظل مستمرًا لأجيال عديدة قادمة. كما أن الإشعاعات النووية تنتشر على مسافات تصل إلى 700 كم من نقطة التفجير، مما يشير إلى مدى اتساع دائرة الخطر الذي طال مناطق واسعة في الصحراء الجزائرية.
التفجيرات النووية: بين التاريخ والصحة
من الناحية التاريخية، لا تقتصر آثار التفجيرات النووية على الحاضر فقط، بل تندرج أيضًا ضمن سجل مظلم من الانتهاكات الاستعمارية التي ارتكبتها فرنسا بحق الشعب الجزائري. فقد أجرت فرنسا 27 تجربة نووية في الجزائر خلال فترة استعمارها، كان من ضمنها أول تفجير نووي في 13 فبراير 1960، وهو الحدث الذي وقع في صحراء الجزائر وشهدته مواقع نائية في الجنوب، مما حول هذه المناطق إلى “مناطق محظورة” مليئة بالنفايات المشعة التي تلوث التربة والمياه.
المطالبة بتعويض المتضررين: مسؤولية فرنسا الدولية
على المستوى السياسي، تواصل الجزائر مطالبتها فرنسا بتحمل مسؤوليتها عن هذه الجرائم البيئية والصحية. فقد أكدت الحكومة الجزائرية في مناسبات عدة رفض باريس تسليم خرائط توضح مواقع دفن النفايات المشعة، كما رفضت تطهير تلك المناطق المتضررة من التفجيرات. ويطالب الجزائريون اليوم بضرورة قيام فرنسا بتعويض المتضررين من هذه التفجيرات، سواء من خلال علاجهم من الأمراض الناتجة عن الإشعاع أو بتخصيص برامج لتعويض المناطق التي تلوثت بالنفايات المشعة.
دعوات للاعتراف بجريمة ضد الإنسانية
وفي سياق الحملة التي أطلقتها الجزائر تحت شعار “جريمة لا تُنسى”، يطالب العديد من الجزائريين بتخصيص يوم 13 فبراير كيوم وطني لضحايا التفجيرات النووية، وذلك من أجل تذكر تلك “الجريمة ضد الإنسانية” التي ارتكبتها فرنسا. ويتبنى هذا المطلب العديد من الجمعيات الثورية ووزارة المجاهدين الجزائرية، التي تسعى إلى توثيق هذه الجريمة في الذاكرة الوطنية لتظل حية في قلوب الأجيال القادمة.
خلاصة: جريمة لم تُغتفر
من الواضح أن آثار التفجيرات النووية الفرنسية في الجزائر تتجاوز الإطار الصحي لتشمل الأبعاد البيئية والإنسانية والتاريخية. ورغم مرور أكثر من 65 عامًا، تظل الجزائر تُطالب بحقها في الاعتراف بهذه الجريمة، ومطالبة فرنسا بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية تجاه هذا الملف، خاصة في ما يتعلق بتعويض المتضررين ومواصلة الكشف عن نتائج هذه التفجيرات التي لن تنسىها الجزائر.