اعتراض النفوذ الروسي والإيراني والهيمنة على النفط السوري
واشنطن – الولايات المتحدة – 23-12-2019
نشر مركز كارنيغي للشرق الأوسط مقالا بعنوان “تبرير ترامب الفظ”، جاء فيه بالخصوص: قال الرئيس الأميركي إن واشنطن تريد أن تضع يدها على النفط السوري، لكن أحداً لم يأخذ هذه الذريعة على محمل الجد.
في السادس من أكتوبر الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن قراره سحب القوات الأميركية من سوريا، معلناً الإنتصار على الدولة الإسلامية.
الإعلان المثير للجدل مهّد الطريق أمام التوغّل العسكري التركي في شمال سوريا الذي أفضى إلى طرد القوات الكردية التي تعتبرها الحكومة التركية إرهابية، من المنطقة الحدودية التركية-السورية.
لكن، تحت تأثير الضغوط من الحزبَين في الولايات المتحدة، سرعان ما تراجع ترامب عن قرار الإنسحاب من سوريا. وهذه كانت المرة الثانية التي يُقدم فيها على مثل هذه الخطوة في أقل من عامٍ واحد.
والتبرير الذي ساقه ترامب هذه المرة هو أن القوات الأميركية سوف تسعى إلى السيطرة على النفط السوري الذي يتركّز الجزء الأكبر منه شمال شرقي البلاد.
ترامب، في تصريح له في البيت الأبيض في منتصف نوفمبر،قال: “نحتفظ بالنفط… تركنا قوات هناك من أجل النفط فقط”.. ركّزت معظم التعليقات، حتى تاريخه، على الجوانب القانونية والأخلاقية المرتبطة بنهب الموارد العائدة لبلدٍ آخر، لكن هل السيطرة على النفط السوري مُجدية اقتصادياً للولايات المتحدة؟ قبل الحرب، كانت سوريا تنتج القسم الأكبر من المشتقات النفطية التي تحتاج إليها.
وفي التسعينيات، بلغ الإنتاج الذروة مع 600 ألف برميل في اليوم. ثم سجّل الإنتاج النفطي تراجعاً مع تقلّص القدرة الإنتاجية.
وقبل اندلاع”الإنتفاضة” في العام 2011، كانت سوريا تنتج فقط 375 ألف برميل في اليوم. مع عسكرة النزاع السوري، أصبح النفط مورداً مربحاً لتمويل اقتصاد الحرب.
كانت “الدولة الإسلامية” تسيطر، قبل هزيمتها في الميدان في 2017-2019، على معظم الحقول النفطية في سوريا.
في أواخر العام 2017، سيطرت قوات سوريا الديمقراطية في المناطق على معظم الحقول النفطية الخاضعة للتحالف الدولي ومنذ ذلك الوقت، يُستهلَك الجزء الأكبر من النفط لتمويل الميليشيات التابعة للأكراد لكن ما لم يقله ترامب هو أن الأهداف الأميركية في سورية تذهب أبعد من الذريعة الرسمية التي يسوقها من خلال حديثه عن رغبة بلاده في السيطرة على النفط السوري.
فوجود الولايات المتحدة هناك يمنحها نفوذاً في مقابل إيران والنظام السوري وروسيا، وهذا هو أحد الأسباب وراء المعارضة الشديدة التي يُبديها الحزبان الجمهوري والديمقراطي بشأن الإنسحاب الأميركي الكامل من سوريا.
فالإبقاء على هذا الوجود يُعتبَر أمراً حيوياً بالنسبة إلى واشنطن، على ضوء التعاون الوطيد والمتزايد بين روسيا وتركيا في شمال شرق سوريا.
أما في مايتعلق بالإستثمار في النفط السوري، فقد كانت مجرد ذريعة لتبرير قرار الرئيس الأميركي بالعدول عن الإنسحاب، علماً بأن هذا الإستثمار هو في الواقع غير مجدٍ من الناحية الإقتصادية