أخبار العالمالشرق الأوسط

استعادة الظلّ العسكري بين الشكّ والاستعراض… إيران تُطلق رسائل دفاعية متباينة وسط توقعات إسرائيلية بتجدّد المواجهة

قدّمت الإشارات الصادرة من طهران خلال الأيام الأخيرة لوحة معقدة عن وضعها الدفاعي بعد حرب الاثني عشر يوماً، حيث انطلقت تصريحات وعمليات ميدانية تحمل في ظاهرها اندفاعاً نحو استعادة القوة، بينما حملت في باطنها تردداً واضحاً في فتح أي جبهة جديدة على حدودها الغربية. وجاء هذا المشهد المتضارب في لحظة تراكمت فيها الضغوط الإقليمية، وتزايدت فيها التقديرات الإسرائيلية بشأن احتمال تجدد المواجهة.

أعلنت القوات البحرية التابعة للحرس الثوري بدء اختبارات دفاع جوي واسعة في “معشور” جنوب غربي البلاد، في محاولة لإظهار استعداد عملياتي بعد الانتقادات الداخلية التي طالت أداء منظومات الدفاع الإيرانية خلال الحرب. ورافقت هذه الاختبارات توجيهات رسمية للسكان تطلب تجنب تداول الصور واللقطات، في مؤشر إلى رغبة طهران في التحكم بالرواية الداخلية ومنع انتشار الذعر في منطقة سبق أن تلقت ضربات إسرائيلية مباشرة.

وفي المقابل، سارعت السلطات إلى نفي الروايات المتداولة عن تنفيذ عملية صاروخية ضد مجموعات كردية انطلاقاً من إيلام وكرمانشاه، رغم تزامن هذه الشائعات مع الهجوم المسيّر على حقل “كورمور” الحيوي في كردستان العراق. ويعكس هذا النفي حرص إيران على منع انكشاف جبهة جديدة وهي لا تزال تعيد ترتيب دفاعاتها.

وفي الشمال الغربي، استعدت طهران لإطلاق مناورات “سهند 2025” بمشاركة وفود من منظمة شنغهاي للتعاون، متحدثة عن “هندسة جديدة للأمن الإقليمي”. ومن خلال هذه المناورات، حاولت إيران إظهار قدرتها على بناء شراكات أمنية شرقية، وتأكيد موقعها كفاعل إقليمي قادر على ملء الفراغ الأمني بعد الحرب.

وفي البرلمان، أكد محمد باقر قاليباف أن التعاون الدفاعي الإيراني يشهد صعوداً مستمراً، مقدماً صورة لقوة تستعيد توازنها رغم الخسائر، وتحاول توسيع تحالفاتها بعيداً عن الضغوط الغربية.

لكن الصورة المقابلة في تل أبيب كانت مختلفة؛ إذ حذّر مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية أمير برعام من أن “جميع الجبهات ما تزال مفتوحة”، مشيراً إلى تسارع تطوير القدرات الصاروخية الإيرانية، وتزامن تصريحاته مع التوسع في نشر منظومة الليزر “آيرون بيم” وتطوير “آرو 4” و“آرو 5”.

وتحدثت تقديرات إعلامية إسرائيلية عن سيناريوهات تتجاوز صراع الأيام الـ12، وصولاً إلى عملية أوسع قد تسعى فيها إسرائيل إلى “إجبار إيران على الرد أو السقوط” قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وفي الوقت نفسه، ارتفعت المخاوف الإسرائيلية من قدرة إيران على إطلاق نحو 2000 صاروخ بشكل متزامن، وهي قدرة يُنظر إليها كتهديد مباشر لمنظومات الدفاع الإسرائيلية.

كما برز تطور لافت داخل إيران، حيث دعا أكثر من 70 نائباً إلى مراجعة فتوى المرشد بشأن تحريم السلاح النووي، معتبرين أن الردع التقليدي أثبت محدوديته خلال الحرب الأخيرة.

وبينما يتهم المسؤولون الإسرائيليون طهران بتسريع نقل السلاح إلى سوريا والضفة وتأهيل قدرات “حزب الله” والحوثيين، ترى تقارير أمنية في تل أبيب أن إيران تعمل على تجهيز ردود متعددة الجبهات تحسباً لأي هجوم جديد.

في النهاية، لم تُظهِر المؤشرات الميدانية أن إيران استعادت بالفعل قدراتها الدفاعية على حدودها الغربية، لكن كثافة المناورات والرسائل السياسية والعسكرية توحي بأن طهران تتحرك في إطار “حرب نفسية” متبادلة، فيما تستعد المنطقة لاحتمالات مواجهة جديدة تتجاوز نطاق المواجهة الأخيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق