ارتدادات حرب السودان على دول الجوار
اعداد صبرين العجرودي
بدأت تلوح حرب السودان في الافق منذ انطلاق الحرب السياسية بين المكون العسكري والمدني، ممّا انجر عنه العديد من الانقسامات والصراعات البسيطة التي اتخذت اليوم حربا أهلية دامية وُثّقت بدايتها في 15 من شهر ابريل الفارط.
ولعلّ ما يثير الكثير من التساؤلات في هذه الفترة، هو تداعيات الحرب الداخلية التي تعاني منها السودان على دول الجوار متمثّلة في، مصر، ليبيا، تشاد، جنوب السودان، افريقيا الوسطى، اثيوبيا، وايتريا.
حيث انّ هذه الدول نفسها تعاني من ازمات داخلية وقضايا متشابكة وعدم استقرار على مختلف الاصعدة يجعل تأثرها بالحرب السودانية أمرا محتّما، حتى انّ هذه التداعيات يمكن ان تمتد على البحر الأحمر بأن تهدد امنه وذلك من شأنه ان ينعكس على التجارة الدولية.
بدأت تلوح التأثيرات على المستوى الداخلي منذ الايام الاولى للحرب، انطلقت من البنية التحتية الهشة ممّا ضاعف من الحاجة الى المساعدات الانسانية والغذائية وطلب المأوى، وخاصّة وقد تمّ الهجوم على منظّمات الاغاثة بقتل عدد موظّفيها ونهبها.
ادّى ذلك الى ارتفاع عدد المهاجرين الى الدول المهاجرة حيث ناهز 100 ألف شخص، وقد تمّ الاشارة من طرف المفوضية السامية للاجئين الى امكانية ان يرتفع العدد الى ثمانية اضعاف في حال استمرار النزاع. وحصول ذلك يعني ارتفاع التحديات التي ستواجه الدول المجاورة.
السودان.. موقع ذو استراتيجية هامّة
تتخذ السودان موقعًا استراتيجيًا في شمال شرق إفريقيا، حيث يحده من الشمال مصر، ومن الشرق البحر الأحمر، ومن الجنوب جنوب السودان، ومن الغرب تشاد وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديمقراطية. يتمتع السودان بموقع جغرافي يجعله قطبًا للتجارة والنقل في المنطقة. تعد العاصمة الخرطوم موقعًا استراتيجيًا بالنسبة للسودان، حيث تقع في نقطة انطلاق النيل الأبيض والنيل الأزرق ليشكلا نهر النيل، الذي يمتد عبر القارة الأفريقية ويعد من أهم الممرات المائية في العالم. يمكن استخدام هذا الموقع المهم للتجارة والنقل البحري بين السودان والدول المجاورة، ويعتبر النيل مصدرًا رئيسيًا للمياه العذبة وتوليد الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، تعد السودان نقطة تلاقي العديد من الطرق البرية والجوية في شمال شرق إفريقيا. تمر الطرق البرية الرئيسية عبر السودان، مما يجعلها مركزًا للتجارة والتواصل بين الدول المجاورة. وتمتلك السودان أيضًا عددًا من المطارات الدولية والموانئ البحرية التي تعزز دورها كمركز للنقل والتجارة. وفي السياق السياسي والعسكري، يعتبر السودان موقعًا استراتيجيًا في إقليم القرن الإفريقي، حيث تشهد المنطقة توترات سياسية ونزاعات مسلحة. لذلك، يمكن للسودان أن يلعب دورًا حاسمًا في التوسط والتسوية السلمية للنزاعات في المنطقة، ومن جانب اخر يمكن ايضا ان يمثل نقطة حاسمة في تدهور الاوضاع الامنية لهذه البلدان في ضلّ ما يشهده من نزاعات كبيرة.
تأثيرات واسعة على دول الجوار:
تعتبر الحرب الحالية في السودان من المسائل المعقدة والتي يمكن أن تؤثر على دول الجزار بعدة طرق. منذ الانقسام السياسي في البلاد عام 2011 وحتى الان، هناك توتر وصراع مستمر في العديد من المناطق بالسودان، مثل دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق. قد يؤدي استمرار الحرب وعدم التوصل الى حل سلمي الى تأثيرات سلبية على دول الجوار على النحو التالي:
- تدفق اللاجئين: يشهد السودان تدفقا كبيرا من اللاجئين الهاربين من الصراعات والاضطرابات الداخلية. هذا يؤثر بشكل كبير على دول الجوار (تشاد، النيجر، اريتريا، اثيوبيا، جنوب السودان). تتحمل هذه الدول اعباء انسانية واقتصادية كبيرة في استقبال ورعاية اللاجئين وتوفير الاغاثة اللازمة لهم.
- الأمن الحدودي: تؤثر الازمة السودانية على الامن الحدودي لدول الجوار. قد تنشأ تحركات مسلحة عبر الحدود وتهديدات أمنية محتملة نتيجة للصراعات الداخلية في السودان. هذا يشكّل تحديًا لقوات الامن في الدول المجاورة ويمكن أن يزيد من حدة التوترات الاقليمية.
- التهديدات الأمنية: يمكن أن تؤدي الحرب الى تفشي العنف والتطرف في المنطقة، وبالتالي زيادة التهديدات الامنية لدول الجوار. قد يؤدي العنف والصراع عبر الحدود ويؤدي الى تصعيد التوترات بين الدول.
- التأثير الاقتصادي: يمكن أن تؤثر الحرب على الاستقرار الاقتصادي لدول. يتضمن ذلك تعطيل التجارة والنقل والاستثمارات، مما يؤدي الى تدهور الاوضاع الاقتصادية في المنطقة بشكل عام.
- بالنسبة مصر:
الحرب الأهلية في السودان تؤثر بشكل كبير على مصر بسبب العلاقات الثنائية والروابط التاريخية والاقتصادية بين البلدين، بالتالي يمتد التأثير بدرجة اولى على مجال التجارة والاستثمار بسبب اضطرابات الحرب، حيث ستتأثر صادرات وواردات كلا الدولتين بسبب تعطيل الحركة التجارية وتقلص الاستثمارات المشتركة، ونظرا في انّ مصر تقع في منطقة حساسة جغرافيا، فإنّ أي تغير في الاستقرار السياسي والامني قد ينعكس على الامن الاقليمي ويؤثر على استقرار مصر.
- بالنسبة لليبيا: باعتبار خصوصية الوضع في ليبيا، قد يتأثر الجانب الامني كثير من خلال امكانية تدفق الأسلحة والمقاتلين عبر الحدود في ليبيا، ممّا يساهم في زيادة العنف وعد الاستقرار في البلاد ومزيد الانقسام والاصطفاف.
- بالنسبة لتشاد: نظرا وانّ تشاد لها ارتباطات اقتصادية كبيرة بالسودان، يمكن للتبادل التجاري ان يتأثر بسبب الصراع، وخاصّة من خلال تعطل أو قطع الطرق التي يقوم عليها هذا التبادل.
تأثيرا داخلية:
الأز الازمة الإنسانية: سببت الحرب في السودان تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص وتسببت في أزمة إنسانية جسيمة. الملايين من السودانيين فروا من منازلهم وتشردوا داخل البلاد أو لجأوا إلى الدول المجاورة، مما أدى إلى نزوح كبير ونقص في المأوى والموارد الأساسية مثل الماء والغذاء والرعاية الصحية.
انتهاكات حقوق الانسان: خلال الحرب، وقعت انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في السودان، بما في ذلك القتل والاغتصاب والتعذيب والقمع. الأطراف المتحاربة والميليشيات المتحالفة معها تورطت في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ولجوء إلى العنف الجماعي ضد السكان المدنيين.
الانقسام السياسي والطائفي: زادت الحرب من الانقسام السياسي والطائفي في السودان. توجد صراعات عرقية وقبلية ودينية مستمرة في البلاد، وتزداد التوترات السياسية بين القوى المتنافسة. هذا يعيق الاستقرار السياسي ويعرقل الجهود المبذولة لتحقيق السلام والوحدة الوطنية.
الآثار الاقتصادية: تضررت الاقتصادات المحلية والوطنية في السودان بشكل كبير بسبب الحرب. تم تدمير البنية التحتية الأساسية مثل الطرق والجسور والمدارس والمستشفيات، مما أثر على الإنتاجية وتدفق السلع والخدمات. تعاني البلاد أيضًا من نقص في الاستثمارات الأجنبية.