احتجاز نشطاء «أسطول غزة» يفتح ملف الانتهاكات الإسرائيلية في البحر والسجون

قسم الأخبار الدولية 06/10/2025
عاد تسعة من النشطاء السويسريين الذين شاركوا في «أسطول أمواج الحرية» إلى بلادهم وهم يحملون روايات صادمة عن ما وصفوه بـ«ظروف احتجاز غير إنسانية» داخل السجون الإسرائيلية، بعد اعتراض القوات البحرية للأسطول الذي كان متجهاً إلى غزة في محاولة جديدة لكسر الحصار المستمر على القطاع منذ أكثر من 18 عاماً.
رحلة إنسانية تحوّلت إلى تجربة قاسية
الأسطول، الذي ضمّ عشرات القوارب المدنية وناشطين من أكثر من عشر دول، انطلق في مهمة رمزية وإنسانية لإيصال مساعدات طبية وغذائية إلى غزة، لكنه واجه تدخلاً عسكرياً إسرائيلياً عنيفاً في عرض البحر. وبعد عملية الاعتراض، نُقل النشطاء إلى سجن النقب الصحراوي، حيث تحدثوا عن معاملة «مهينة ومذلة» شملت الحرمان من النوم والطعام والماء، والاحتجاز في أقفاص، إضافة إلى الاعتداءات الجسدية.
وقالت مجموعة «أمواج الحرية» التي نظمت الرحلة إن بعض المعتقلين بدأوا إضراباً عن الطعام احتجاجاً على سوء المعاملة، فيما لا يزال عشرة سويسريين قيد الاحتجاز رغم تحرك السفارة السويسرية لتأمين حمايتهم القنصلية.
إسرائيل ترفض الاتهامات… والمنظمات الحقوقية تتحرك
في المقابل، نفت وزارة الخارجية الإسرائيلية جميع الاتهامات، ووصفتها بـ«الأكاذيب الباطلة»، مؤكدة أن حقوق المعتقلين «تم احترامها بالكامل». غير أن روايات النشطاء العائدين تعيد إلى الواجهة الاتهامات المتكررة لإسرائيل باستخدام أساليب قاسية ضد المتضامنين الدوليين، سواء في عرض البحر أو داخل السجون.
وتُعدّ هذه الحادثة حلقة جديدة في سلسلة طويلة من المواجهات بين البحرية الإسرائيلية وحملات كسر الحصار، التي تعود جذورها إلى عام 2010 حين هاجمت إسرائيل «أسطول الحرية» التركي، ما أدى إلى مقتل عشرة ناشطين.
بين الرمزية السياسية والانتهاك القانوني
يرى مراقبون أن اعتراض الأسطول الجديد لا يمكن فصله عن السياق الأوسع للحرب الإسرائيلية على غزة، التي أعادت تعريف مفهوم «الأمن القومي» الإسرائيلي على حساب القوانين الدولية. فإيقاف قوارب تحمل مساعدات مدنية يُبرز سياسة ممنهجة تهدف إلى تجريم التضامن الدولي مع الفلسطينيين، وتحويل البحر إلى مساحة احتلال تمتد خارج الحدود البرية.
كما يثير الاحتجاز الجماعي للنشطاء، ومن بينهم الناشطة السويدية غريتا تونبيرغ، أسئلة قانونية وأخلاقية حول شرعية اعتراض القوافل المدنية في المياه الدولية، ومدى احترام إسرائيل لاتفاقيات جنيف التي تضمن حماية المدنيين والمتطوعين الإنسانيين في مناطق النزاع.
البعد الإنساني في مواجهة عسكرة البحر
الأسطول لم يكن تهديداً أمنياً، بل مبادرة رمزية تستعيد البعد الإنساني في حرب فقدت ملامحها الأخلاقية. إلا أن الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع النشطاء تكشف نزعة متزايدة إلى عسكرة كل فعل مدني متصل بالقضية الفلسطينية. وبينما تحاول تل أبيب تقديم نفسها كدولة «تحترم القانون»، تبرز الشهادات الجديدة لتقوّض هذا الادعاء وتسلّط الضوء على جانب خفي من الصراع: الحرب على التضامن الإنساني ذاته.