إيران تنشر شبكة قواعد الطائرات بدون طيار لتعزيز أمنها الحدودي

قسم البجوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 11-04-2025

في 9 أبريل 2025، وخلال المؤتمر الوطني العشرين لقادة القوات البرية للجيش الإيراني (أرتيش)، قدّم العميد كيومرث حيدري التوجه الاستراتيجي الجديد لإيران في مجال تكنولوجيا الدفاع. وقد شكّل المؤتمر، الذي عقد في مقر القوات البرية بطهران أرضيةً للإعلان عن خطة شاملة لتوسيع وتحديث الشبكة الوطنية الإيرانية لقواعد الطائرات المسيّرة.
ومن المتوقع أن تلعب هذه القواعد دورًا محوريًا في الدفاع الإقليمي، وهي مصممة لتعزيز قدرة إيران على مواجهة التهديدات العابرة للحدود وحماية حدودها.
في كلمته، أكد الجنرال حيدري أن الطائرات المسيرة أصبحت من أكثر الأدوات حسمًا في الصراعات المستقبلية، مؤكدًا مكانتها المحورية في العقيدة العسكرية الإيرانية.
وسلط الضوء على التقدم المحرز في الإنتاج المحلي لأنظمة الطائرات المسيرة، والتي أصبحت الآن مدمجة بالكامل في القوات المسلحة للبلاد تحت إشراف وزارة الدفاع.
ووفقًا له، فقد طورت القوات البرية للجيش الإيراني ونشرت مجموعة واسعة من الطائرات المسيرة والطائرات الصغيرة، التي أصبحت أدوات أساسية للمراقبة والاستطلاع وعمليات الضرب الدقيقة.
مجموعة شاملة من الطائرات العسكرية المسيرة
في صميم هذه الاستراتيجية، طورت إيران مجموعة شاملة من الطائرات العسكرية المسيرة، التي تُعدّ الآن عنصرًا أساسيًا في دفاعها غير المتكافئ.
من أبرز هذه الطائرات: مهاجر-6 وأبابيل-3، اللتان تُستخدمان بشكل رئيسي في مهام الاستطلاع المسلح والمراقبة الموسعة.
بفضل أنظمة الملاحة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، توفر هذه الطائرات المسيرة قدرة طيران عالية وقدرات جمع بيانات آنية تستطيع مهاجر-6 حمل ذخائر دقيقة التوجيه، مما يجعلها أداة تكتيكية قيّمة لمراقبة الحدود ودعم الوحدات المنتشرة في المناطق النائية.
بالتوازي مع ذلك، طورت إيران طائرات هجومية بدون طيار بعيدة المدى ذات قدرات محسنة تنتمي طائرة “شاهد-136” المعروفة على نطاق واسع باستخدامها في أوكرانيا من قبل القوات الروسية، إلى فئة من الذخائر المتسكعة المصممة لضربات مشبعة على مسافات طويلة.
و تؤدي أنظمة أخرى، مثل “آراش-2″ و”غزة” و”أبابيل-5″ و”كرار”، مجموعة من الأدوار من جمع المعلومات الاستخبارية إلى الضربات الدقيقة وعمليات السرب.
المراقبة بعيدة المدى والضرب
وتتميز “غزة” و”أبابيل-5″ بقدراتهما على المراقبة بعيدة المدى والضرب، بينما يمكن تزويد “كرار” بصواريخ جو-أرض أو جو-جو، مما يعزز تنوعها التشغيلي. وعلى الرغم من العقوبات الدولية، تعكس هذه المنصات قدرات الإنتاج المحلية لإيران ونيتها المعلنة في أن تصبح قوة كبيرة في مجال الطائرات بدون طيار.
وتم بالفعل بناء أو ترقية العديد من قواعد الطائرات بدون طيار في جميع أنحاء البلاد مع التركيز بشكل خاص على المناطق الحدودية الحساسة استراتيجيًا.
وتم تجهيز هذه المرافق بتقنيات متقدمة مصممة لدعم الطائرات بدون طيار القادرة على تحديد وتحييد التهديدات للسيادة الوطنية. ويعد هذا الجهد جزءًا من مشروع حصار الحدود الشرقية، وهي مبادرة ذات أولوية تهدف إلى تأمين الحدود الشرقية لإيران مع باكستان وأفغانستان.
حتى الآن، تم إكمال 70 كيلومترًا من نظام المراقبة الذكي هذا يجمع الإعداد بين أجهزة الاستشعار وطائرات المراقبة بدون طيار ووحدات الاستجابة الآلية. ووصف الجنرال البرنامج بأنه “عرض للهندسة العسكرية الإيرانية” حيث يدمج التقنيات المتقدمة وقدرات الاستجابة السريعة وإطار أمني طويل الأجل تعمل عشرة ألوية متخصصة حاليًا لتسريع تنفيذ هذه البنية التحتية الأمنية.
التوترات الإقليمية
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية وتزايد الضغوط من الولايات المتحدة وإسرائيل، تستغل إيران هذا الزخم التكنولوجي لتعزيز وضعها الدفاعي. ويهدف برنامج الطائرات المسيرة، الذي يعتمد على سنوات من البحث والتطوير المحلي، إلى تحسين جمع المعلومات الاستخباراتية الآنية وزيادة دقة الضربات، ودمج منصات الطائرات المسيرة بشكل كامل في العمليات الشبكية.
وأصبحت أنظمة مثل مهاجر-6 وأبابيل-3 أساسية في العمليات البرية، إلى جانب نماذج أكثر تطورًا مثل أراش-2، وغزة وشاهد-136، وأبابيل-5، وكرار، والتي تجذب أيضًا اهتمام الشركاء الدوليين.
ويرى العديد من المحللين أن هذا التطور يبرز قدرة الجيش الإيراني على الصمود في بيئة أمنية صعبة، وأشار ريان بول، المحلل البارز في شبكة RANE، إلى أن هذه القدرات تُمكّن إيران من توسيع نفوذها في المناطق المجاورة دون الاعتماد حصريًا على الحرس الثوري الإسلامي.
ويرى أن الشبكة المتنامية لقواعد الطائرات المسيرة تمثل طريقة سريعة ومرنة وفعالة من حيث التكلفة لبناء ردع تقليدي، على الرغم من أن هذه الأنظمة لا تزال متفوقة تقنيًا على الترسانات الغربية.
من المتوقع أن توزّع قواعد الطائرات المسيّرة الجديدة على حدود إيران الغربية والشرقية والجنوبية، حيث تُقدّم كل منطقة قيمة استراتيجية متميّزة. ففي الغرب، يمكن لهذه القواعد تسهيل الوصول السريع إلى العراق، وربما إسرائيل.
وفي الجنوب، ستعزّز وجود إيران في الخليج العربي ومضيق هرمز؛ وفي الشرق، ستدعم مراقبة التحركات عبر الحدود مع باكستان وأفغانستان، لا سيما في جهود مكافحة التهريب ومراقبة الحدود.
ويتكشّف هذا التوسع العسكري في ظلّ المفاوضات الدبلوماسية الجارية في عُمان بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج طهران النووي. في هذا السياق، يمثّل نموّ قدرات الطائرات المسيّرة دليلاً على السيادة التكنولوجية، وأداةً استراتيجيةً لتوسيع مساحة المناورة الإقليمية لإيران.
ايران قوة إقليمية
يشير إعلان الجنرال حيدري عن توسيع شبكة قواعد الطائرات المسيرة في إيران إلى طموح البلاد الأوسع لترسيخ مكانتها كقوة إقليمية ذات قدرات مستقلة في المراقبة والعمليات الهجومية والردع.
ولا يهدف هذا المشروع إلى تعزيز أمن الحدود فحسب، بل أيضًا إلى تعزيز مكانة إيران الاستراتيجية في ظل بيئة جيوسياسية وتكنولوجية تنافسية متزايدة. ومن خلال هذا النشر، تهدف إيران إلى ترسيخ دور بارز في مجال الأنظمة غير المأهولة، مع تكييف عقيدتها العسكرية مع الطبيعة المتطورة للحرب المعاصرة.