أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

إيران بعد الانتخابات: تحديات جديدة أمام المشهد السياسي الإقليمي والدولي

تعد إيران اليوم إحدى الجهات الفاعلة الرئيسية على الساحة الإقليمية والدولية، حيث يمتد نفوذها خارج حدودها الوطنية إلى الصراعات العالمية. وتلعب دوراً حاسماً في تشكيل التوازنات السياسية والاستراتيجية في الشرق الأوسط وخارجه. ، تظل إيران محوراً مهماً في التحولات الجيوسياسية، خاصة في الشرق الأوسط. لدلك تُعد الانتخابات الإيرانية محطة فارقة تعكس توجهات الشعب وتؤثر بشكل مباشر على السياسات الداخلية والخارجية، ما يجعل ما بعدها مرحلة خطرة ينتظرها العالم أجمع.

التطورات السياسية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية :

يمثل تزامن وفاة الرئيس الإيراني مع الانتخابات الرئاسية مرحلة حساسة يمكن استغلالها من قبل القوى الخارجية لتحقيق أهدافها السياسية ضد إيران. إن محاولات الولايات المتحدة والغرب لشيطنة إيران واستغلال هذا الظرف، خاصة بعد  عملية الطوفان أقصى في فلسطين المحتلة وتصاعد التوترات الإيرانية الإسرائيلية  والاضطرابات الإقليمية كانت فاشلة على الرغم من هذه الضغوط، تمكنت إيران من تحقيق انتقال سياسي مستقر واستراتيجية فعالة لمواجهة التوترات الخارجية من خلال تعزيز الوحدة الداخلية، بما يضمن استقرار الوضع خلال فترة الانتخابات وما بعدها. 

انتُخب الإصلاحي “مسعود بيزشكيان” رئيسًا جديدًا لإيران، متغلبًا على المحافظ “سعيد ياليلي”.لكن سلطة رئاسة بيزشكيان ستكون محدودة بسبب النظام السياسي الإيراني ونفوذ المرشد الأعلى والحرس الثوري. وهذا يعني أن قدرة بيزشكيان على تنفيذ تغييرات كبيرة محدودة، خاصة في سياسات مثل الإصلاح القضائي و الديناميكيات الإقليمية. 

ومع ذلك، يمكن أن تبتعد سياسته الخارجية عن انحياز  لصالح روسيا والصين. وخلال حملته الانتخابية، أعرب  “مسعود بيزشكيان” عن رغبته في الانخراط مع الغرب، وخاصة الاتحاد الأوروبي. وقد أشار بيزشكيان إلى رغبته في الحد من التوترات الإقليمية، خاصة مع جيران إيران في الخليج العربي. ونظراً تركيز حملته الانتخابية على التنمية الاقتصادية، فمن المتوقع أن تنخرط حكومته على الأرجح في مفاوضات نووية مع الغرب وقد يؤدي ذلك إلى بذل جهود دبلوماسية كبيرة للحد من التوترات ومعالجة البرنامج النووي الإيراني.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن ولي العهد السعودي أعرب خلال الاتصال الهاتفي عن ارتياحه لتعزيز العلاقات بين إيران والسعودية في مختلف المجالات، وقد أعرب الرئيس الإيراني المنتخب عن امتنانه لولي العهد السعودي على رسالة التهنئة بفوزه في الانتخابات الرئاسية .

التحديات الإيرانية الإسرائيلية:

أعلنت إيران عن دعمها لعملية ”طوفان الأقصى“ التي أطلقتها حركة حماس ضد المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، والتي وصفها المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بأنها ”صفحة جديدة في المقاومة والعمليات العسكرية“. وجاءت هذه التصريحات رداً على تأييد الولايات المتحدة الأمريكية لإسرائيل ودعمها القوي لعمليتها العسكرية ضد حماس، بالإضافة إلى إرسالها وطائرات وسفن حربية إلى المنطقة. وقد ازدادت حدة التوتر بسبب التصعيد العسكري الإسرائيلي والحصار الشامل على قطاع غزة. 

وتشير التقارير إلى أن مسؤولين إيرانيين شاركوا في التخطيط لهجوم حماس على إسرائيل، وعُقد اجتماع في بيروت بحضور ضباط كبار من الحرس الثوري الإيراني ومسؤولين من حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني للتحضير للهجوم.

بدأ الصراع العسكري بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مجمع القنصلية الإيرانية في دمشق بسوريا. في 1 أبريل 2024، والتي أسفرت عن مقتل عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين. ورداً على ذلك، أطلقت إيران وحلفاؤها حزب الله والحوثيون أكثر من 330 طائرة مسيّرة وصاروخاً على أهداف في إسرائيل في تاريخ 13 أبريل 2024. 

في 19 أبريل 2024، شنت إسرائيل غارات جوية استهدفت منشأة دفاع جوي إيرانية بالقرب من أصفهان. كانت الهجمات الإسرائيلية تهدف إلى تدمير موقع رادار للدفاع الجوي.وتهدف طهران من خلال تقاربها مع الدول العربية إلى التشويش على جهود إسرائيل لتشكيل جبهة إقليمية تجمع تل أبيب ودول الإقليم لمعاداة إيران ونفوذها. 

وتشير بعض التحليلات إلى أن إيران  قد دعمت حركة حماس في تنفيذ هذه العمليات التي تختلف حتى عن عمليات حركة الجهاد الإسلامي، من أجل تحريك القضية الفلسطينية وإثارة المشاعر العربية والإسلامية  و حتى العالمية ضد تل أبيب.اي محاولة طهران استخدام هذه العملية لإبطاء عملية التقارب والانفتاح الإسرائيلي تجاه دول المنطقة، مقابل المضي قدما في التقارب والانفتاح مع إيران. من جانبه أعرب نائب رئيس البرلمان الإيراني، مجتبى ذو النوري، عن ”أمله في أعقاب هجمات حماس أن يتم تأجيل قضية اعتراف دول المنطقة بإسرائيل إلى الأبد“.

وإذا تراكمت هذه العوامل وبقيت دون حل، فإن احتمال تصاعد النزاع إلى نقطة اللاعودة يبقى قائماً. وقد يؤدي هذا السيناريو إلى عواقب إقليمية ودولية كارثية. فقد يقود التوتر المتزايد إلى صراع عسكري واسع النطاق بين إسرائيل وإيران، مما قد يشعل سلسلة من الصراعات في الشرق الأوسط. بالإضافة إلى ذلك، قد يتسبب التصعيد في تدخل دولي، حيث قد تجد دول كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا نفسها مضطرة للتدخل لحماية مصالحها في المنطقة. وقد يؤدي ذلك إلى مواجهة بين القوى العالمية، مما يزيد من احتمال نشوب حرب واسعة النطاق.

التصعيد المستمر بين الولايات المتحدة والجمهورية الإسلامية:

يعود الصراع بين الولايات المتحدة وإيران إلى عقود ، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018 وأزمة الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في عام 1997، وانحياز السياسة الخارجية الإيرانية إلى روسيا والصين. 

وقد ساهم الدعم الإيراني للجماعات المسلحة مثل حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن والجماعات الشيعية في العراق وسوريا في تأجيج الصراعات الإقليمية وأدى إلى مواجهات غير مباشرة مع القوات الأمريكية. وقد اشتد هذا التصادم بعد السابع من أكتوبر، خاصة مع التمويل الأمريكي الضخم للقوات العسكرية الصهيونية لإبادة الشعب الفلسطيني ومهاجمة حركات المقاومة الفلسطينية. نفت إيران التقارير التي تحدثت عن مؤامرة اغتيال المرشح الأمريكي” دونالد ترامب“، مؤكدة أن هذه المزاعم لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى تشويه سمعتها وزيادة التوترات الدولية. 

وأثارت هذه التقارير التي نشرتها بعض وسائل الإعلام موجة من التساؤلات ، حيث زعم أن إيران كانت تخطط لاغتيال ترامب ردًا على اغتيال قائد فيلق القدس ذراع الخارجي للحرس الثوري الإيراني، “قاسم سليماني” في 2020. الذي  لعب دورا محوريا في تمدد النفوذ الإيراني الخارجي.يستمر التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران خاصة  مع تصاعد الخلافات العسكرية والسياسية بين البلدين بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني في عام 2018. ويؤدّي تصاعد هذه الادّعاءات والتصريحات إلى زيادة حدة التوترات وتعقيد محاولات التوصل إلى حلول دبلوماسية بين الجانبين.

لطالما كانت الانتخابات الإيرانية علامة فارقة مهمة تؤثر على السياسات الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية. ومع استمرار التوترات بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، فإن أي تغيير في القيادة الإيرانية قد يزيد من تعقيد العلاقات الدولية. وتساهم الادعاءات الأمريكية الأخيرة ضد إيران، والتي تشمل مزاعم بمحاولات اغتيال ومواصلة تطوير البرنامج النووي، في زيادة الضغوطات. تتزامن هذه الادعاءات مع تدهور الوضع في الشرق الأوسط، حيث تستمر الإبادة الجماعية للفلسطينيين من قبل الكيان الصهيوني، مما يزيد من احتمال التدخلات العسكرية والنزاعات المسلحة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق