إعلان إتفاق إيطالي بريطاني حول ترحيل المهاجرين من تونس… وغياب تونسي
قسم الأخبار 20-12-2023
أثار إعلان رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، عن مشاركة بريطانيا، في تمويل مشروع لمساعدة المهاجرين في تونس، على العودة إلى أوطانهم، انتقادات كبيرة في تونس وتساؤلات حول تدخل بريطانيا في الموضوع، فهي بعيدة كل البعد ولكنها تدخل عبر إيطاليا.
وكعادتهم الدول الأوروبية تفرض على دول شمال إفريقيا الوصاية من دون موجب. ويعتبر تدخل في السيادة الوطنية من دون مبرر بل يعتبر تدخلا قسري، فليس يعني أن تتفق إيطاليا مع بريطانيا أن تونس موافقة على ذلك.
وخلال لقاء جمعها برئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، في روما، السبت الماضي، قالت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني: “الطرفان التزما بالمشاركة في تمويل مشروع لتعزيز ومساعدة العودة الطوعية للمهاجرين من تونس إلى بلدانهم الأصلية”.
والسؤال المطروح: لماذا بريطانيا؟ وماذا تقصد إيطاليا بهذه الإتفاقية؟ وهل أن الحكومة التونسية موافقة على ذلك؟ ولماذا الإعلان عن الإتفاق لم يكن الجانب التونسي حاضر؟
ويهدف هذا الاتفاق، بحسب البيان المشترك للبلدين، إلى الحد من تداعيات الهجرة غير الشرعية على البلدين وتقليص تدفقات المهاجرين غير الشرعيين عليهما، التي ارتفعت في السنوات الأخيرة.
ووعد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، بتقديم الدعم اللازم لهذا المشروع، دون تحديد حد الاعتمادات المالية التي ستخصص لتنفيذه، قائلا: “إذا لم نجد حلا لهذه المعضلة في الوقت الراهن، فإن القوارب ستستمر في القدوم إلينا وسنخسر مزيدا من الأرواح”.
اتفاق تغيب فيه الأطراف التونسية
وحول حيثيات هذا الاتفاق، فأن المشروع المشترك الذي أعلنت عنه القيادات الرسمية الإيطالية والبريطانية، سينفذ بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة من دون الرجوع الى الجهة الرسمية التونسية.
فالإعلان عن هذا الاتفاق جاء من دون حضور أي جانب تونسي، ولم تشرح فيه آليات تنفيذه.
وفي إنتهاك صارخ للسيادة الوطنية التونسية توقع إيطاليا اتفاقا من أجل ترحيل المهاجرين في أراضي مخالفة لأراضيها ومن دون الرجوع الى الجانب الرسمي التونسي.
فهل أصبحت تونس مقاطعة إيطالية حتى يتحدث المسؤولون الإيطاليون باسمها؟ وفي أي ظروف سيقع ترحيل هؤلاء المهاجرين؟
وفي تصريح لوزير الداخلية الإيطالي الذي أكد فيه قبل أسبوع بأن تونس تمكنت من منع أكثر من 89 ألف مهاجر غير نظامي من القدوم إلى إيطاليا، هو دليل آخر على أن تونس تحولت إلى حارس للحدود الأوروبية كما تريد وتخطط ميلوني.
ولا يخفى على أحد أن جورجيا ميلوني ستستغل هذا الاتفاق لدعايتها السياسية، وفي المقابل تجعل تونس في إحراج وضغط شعبي وخاصة إنتقادات حقوقية.
مصالح بريطانية وإيطالية مشتركة
كما أن هذا الاتفاق يعكس هواجس كبيرة لدى بريطانيا وأوروبا، من تفجر تدفقات الهجرة من تونس إلى أراضيها، وهذه الهواجس تستند إلى معلومات إيطالية حصل عليها وزير الداخلية البريطاني، وبالتالي وفي عملية إستباقية وقع هذا الإتفاق مع ميلوني ليحميا نفسه في غفلة من تونس…
المعطيات التي أعطتها إيطاليا الى بريطانيا، قادت وزير الداخلية البريطاني إلى زيارة تونس، مؤخرا، وعقد اتفاقات مع وزارة الداخلية التونسية لتزويدها بمجموعة من المعدات اللوجستية وغيرها للمساهمة في مراقبة الحدود.
مع العلم أن هذا التمويل لن يمنح إلى تونس بطريقة مباشرة، بل عن طريق منظمة الهجرة الدولية التي ستتكفل بعمليات العودة الطوعية التي هي في الأصل عودة قسرية.
كما أن المنظمة الدولية للهجرة نظمت بالشراكة مع الدولة التونسية، رحلات “شارتر” لإعادة مهاجرين إلى غامبيا وبوركينا فاسو، ستنطلق في الأيام القليلة المقبلة، وربما تتلوها رحلات أخرى.
وصاية إيطالية على تونس
هذا ما نعتبره جزءا من الوصاية الإيطالية على تونس التي إنكشفت في السنة الأخيرة، فإيطاليا أصبحت توجه الرسائل إلى صندوق النقد الدولي وتتحدث في الشأن التونسي مع دول أخرى على غرار الولايات الولايات المتحدة الأمريكية وحتى مع دول عربية، وسط صمت رسمي تونسي.
كما أن هذه الاتفاقات تندرج أيضا في إطار تدخلات أطراف أوروبية عديدة في تونس، تحت مسمى مساعدتها على ضبط الحدود، ضمن سياسة دعم الحصن الأوروبي ومنع وصول المهاجرين إلى فضاء “شنغن” مهما كانت الكلفة الإنسانية.
كما لا ننسى التصريحات الأوروبية التي تؤكد هذا التوجه، على غرار دعوة وزير الداخلية الإيطالي، إلى فرض حصار بحري ضد الهجرة غير النظامية، ودعوة الرئيس الفرنسي إلى إرسال خبراء أمنيين لمساعدة تونس على ضبط تدفقات المهاجرين.
وفي 16 يوليو الماضي، وقّعت تونس مع الاتحاد الأوروبي، مذكرة تفاهم حول “الشراكة الاستراتيجية والشاملة” تنص في جانب من بنودها على تعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية ودعم العودة الطوعية للمهاجرين.