إشراك هيكليات دينية مسيحية غربية في النزاع ضد روسيا
أوكرانيا-02-02-2023
شهد التاريخ نماذج متعددة عن استخدام الأديان لمصلحة أهداف متطرفة إرهابية، وصولاً إلى ما يسمى إرهاب الدولة، وهو استغلال فاضح يُتخذ لتبرير العنف وانتشاره.
من المؤسف ان تصبح أوكرانيا المعاصرة، الخاضعة بصورة كاملة للسيطرة والتحكّم الغربيين، أداةً لتحقيق أهداف دول الهيمنة، تجهد في إشراك هيكليات دينية مسيحية غربية، بروتستانتية الطابع، في نزاعها ضد روسيا.
هذه الوقائع تؤكدها وثائق اكتشفتها القوات المسلحة الروسية خلال التطهير والتمشيط للمنطقة الصناعية وأماكن إقامة مقاتلي الكتائب العنصرية “القومية” الأوكرانية في منطقة مصنع أزوفستال للتعدين في مدينة ماريوبول، المطلة على بحر أزوف، والتي سيطرت عليها القوات الروسية والشعبية بعد مواجهات دامية.
ففي المقتنيات الشخصية للنازيين الأوكرانيين، تم العثور على بطاقة رونالد جاكسون، وهو موظف كنيسة كليفلاند المعمدانية في الولايات المتحدة الأمريكية، مع إشارة إلى موقع إنترنت بعنوان “الرب يحب أوكرانيا” (GodLovesUkraine.com). ولدى دخول هذا الموقع تجدون نصوصاً تحتوي على دعوات إلى تقديم الدعم إلى القوات المسلحة الأوكرانية والكتائب النازية “القومية”، بالإضافة إلى صور مشتركة لمجندين أمريكيين ومقاتلين ينتمون إلى قطاع اليمين و”آزوف”.
ومنذ عام 2019، أطلقت كنيسة الرب الخمسينية (كليفلاند، تينيسي) نشاطها في أوكرانيا، وكتب منسق الأنشطة الدولية لهذا التنظيم الديني، الدكتور مايك رينولدز، في تقاريره بشأن مشاركاته في مؤتمر انعقد في مدينة كنيبس في ألمانيا، في الثالث من سبتمبر 2019، بإعجاب وحماسة بشأن الآفاق التي تفتحها الحرب في أوكرانيا أمام كنيسته. فاللاجئون الفارون من الحرب سيخضعون لـ”برامج تعبئة ملائمة”، و لدى عودتهم إلى وطنهم سيكونون في خدمة العمل التبشيري.
بالمناسبة، تمتلك “كنيسة الرب” قسماً متكاملاً، مهمته العمل وسط المجندين والجنود. وبحسب التوجيهات الداخلية لهذه المنظمة، يُطلب إلى الإدارات المحلية والأجهزة المعنية في الدول المضيفة في العالم، تجنيد عسكريين سابقين وجدد، ويتم التركيز على الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة في البلد المستهدف.
وفي نهاية أغسطس 2022، اكتشفت الأجهزة الأمنية الروسية في المناطق المحررة من جمهورية دونيتسك، أنشطة غير قانونية للتنظيم المسيحي اليميني المتطرف، “الجيل الجديد”، الذي يلقى رعاية من دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي، “الناتو”. وخلال عمليات التفتيش في مقر التنظيم في مدينة ميليتوبول، تم العثور على أسلحة فردية وطلقات ذخيرة، وألغام وقنابل يدوية ومعدات اتصال وتجهيزات وألبسة عسكرية، من إنتاج غربي. وبالإضافة إلى ذلك، وُجدت أعلام الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا، ورموز الفرقة الأمريكية المظلية المجوقلة، 101 .
أمّا خلال شهر سبتمبر الماضي، فحدّدت القوات الروسية موقع أحد القساوسة، راعي أبرشية إحدى الكنائس البروتيستانتية في منطقة خيرسون، والذي كان يتلقى دعماً مادياً من كندا. ولم يكتفِ هذا القس بممارسة أعمال تحريضية هدامة، مرتكزة على أفكار عدائية لروسيا، خلال تواصله مع رعية الكنيسة، بل كان يجني الأموال لقاء عمله ضابطَ توجيه مدفعية في صفوف القوات المسلحة الأوكرانية، التي كانت تقوم بأعمال قصف المناطق السكنية المدنية في المنطقة.
من ناحية ثانية، لم يقتصر الدعم الغربي لـ”القوميين” العنصريين الأوكرانيين على المجال الديني التعبوي، فتم رصد تواصل موظفي السفارة الألمانية في كييف مع ممثلي فوج “آزوف” النازي الطابع. ويبدو أن الدبلوماسيين الألمان لم يطووا صفحة انتمائهم إلى الفاشية الهتلرية من تاريخهم المحزن. هذا يفسر حقيقة اكتشاف بطاقات شخصية لستيفان كريس، مستشار السفارة الألمانية للزراعة والتغذية وحماية المستهلك والبيئة في كييف، وُجدت في أقبية مصنع أزوفستال في ماريوبول.
لم تكتفِ تلك الجهات بالتبشير البروتستانتي التحريضي، بل عملت منذ أعوام على بثّ بذور الشقاق وتقسيم الكنيسة الأورثوذكسية الروسية الأوكرانية، التي كانت كنيسة واحدة، فباتت مرجعية كنيسة كييف في القسطنطينية، أي في تركيا حالياً.