أخبار العالمالشرق الأوسط

مخطط تهريب النفط السوري يجمع تركيا والأكراد السوريين وعائلة بارزاني

أحمد الخالد، صحفي وكاتب سوري:سوريا-8-12-2020

شركات تابعة لعائلة بارزاني تنقل النفط المستخرج في الأراضي تحت سيطرة الأكراد السوريين وتصدره لتركيا

أعطى تراجع تدريجي لحدة القتال على جبهات الصراع السوري في السنوات القليلة الماضية أملاً صغيراً في تحقيق الاستقرار وتحسن الوضع العام في البلد بعد تدمير بنيتها التحتية بشكل شبه كامل خلال عقداً من الزمان.

ولكن إتضح أن نطاق التغيرات الإيجابية أقل بكثير مما كان متوقعاً. ضربت الأزمة مناطق التي تسيطر عليها كلا من الحكومة السورية والمعارضة على حد سواء، ولا تزال مناطق خاضعة لسيطرة الأكراد السوريين في شرق الفرات تعاني من الانهيار الاقتصادي أيضاً.

بالرغم من أن هذه المناطق تحتوي أكبر حقول النفط والغاز في البلد، كانت الإدارة الذاتية الكردية تواجه صعوبات فيما يعلق بنقص الأسواق الداخلية والخارجية لبيعها.

باعت الإدارة الكردية كميات صغيرة من النفط للسلطات السورية وفصائل المعارضة وغير أن كان لا بد لها تصدير النفط السوري إلى الخارج لتحقيق إيرادات كبيرة. وجد الأكراد السوريون تركيا، التي تعد عدواً لدوداً لهم، شريكاً في هذه المهمة الصعبة في حين أصبحت عائلة بارزاني الحاكمة في إقليم كردستان العراق وسيطاً بينهما.

الحلف لا يمكن توقع عنه


أفادت مصادر مطلعة عن عمليات تهريب النفط السوري بأن قيادة قوات سوريا الديمقراطية (“قسد”) والاستخبارات التركية تمكنت من التوصل إلى اتفاق من شأنه تأمين نقل النفط إلى تركيا عبر إقليم كردستان.

أما الصفقة لا تعني تغير سياسة أنقرة تجاه “قسد” ويسمى السياسيون الأتراك، بما في ذلك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عناصر “قسد” بـ “إرهابيين” ويأكدون على ضرورة تحييد كامل لجميع الجماعات الإرهابية على طول الحدود التركية.

من الواضح أن قادة “قسد” اتخذوا نهجاً عملياً في هذا الصدد وقوبل هذا التحرك بتفهم من الدوائر الحاكمة في تركيا التي تهتم منذ طويل بتدهور الوضع الاقتصادي الداخلي.

في المقابل، مشاركة عائلة برزاني في الصفقة بين الأكراد والأتراك لا تبدو مفاجئة. في غضون 20 سنة التي تستمر كردستان العراقية في البقاء تحت حكم العائلة المؤثرة الإقليم كان يعزز العلاقات الاقتصادية مع تركيا وذلك إلى حد كبير بفضل تعاونهما في مجال تصدير النفط، مما لا يزال يثير غضب السلطات العراقية التي تتطلع إلى الحصول على نصيب من إيرادات النفط.


لقد ظهرت تقاريرحول تورط الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ونجله منصور وإبن شقيقه نيجيرفان وهو رئيس الإقليم الحالي في عمليات تصدير النفط المثيرة للجدل.

بصرف النظر عن استخدامهم إيرادات النفط لشراء العقارات الفاخرة في الولايات المتحدة وأوروبا من خلال عدة شركات وهمية، شارك أفراد عائلة بارزاني في نقل النفط السوري لصالح شركة “ديلتا كريسنت إنرجي” الأمريكية التي وقعت اتفاق مع “قسد” في أيلول/أغسطس من العام الجاري.

في واقع الأمر، تم التوصل إلى الاتفاقيات بين “قسد” وعائلة بارزاني وتركيا بموازاة توقيع الصفقة بين “قسد” و”ديلتا كريسنت إنرجي”. ولم يعرف بعد ما إذا كان الأمريكيون مدركين لمخطط لتهريب النفط كان يستخدمها شركائهم الأكراد.

في نهاية الأمر، رغم خلافات عميقة بينها، تمكنت الأطراف الثلاثة من إيجاد نقطة التوازن بين مصالحها وبات النفط السوري يحقق دخلاً جسيماً لجميع مشاركين الصفقة.

طرق التهريب


تبدأ عملية تهريب النفط في محافظة حسكة وتحديداً في حقول واقعة بين مدن رميلان وتل عدس حيث يتم إنتاج النفط وتشحينه ونقله بصهاريج إلى مشروع مصفاة طراميش ومن هناك تغادر الشاحنات إلى العراق بطريقين.

الطريق الأول يمر بعيداً عن طرق عامة على طول مجاري أنهار جافة إلى معبر سيمالكا الحدودي في شمال شرق محافظة الحسكة. أما الطريق الثاني، فهو يُستخدم بشحنات التي تحمل لوحات التسجيل العراقية التي تسافر عبر معبر الوليد الحدودي إلى محافظتي دهوك وأربيل في العراق. والجدير بالذكر أن الشحنات المستخدمة في التهريب تابعة لشركة “ناجي” الكردية التي يقع مقرها في مدينة دهوك.

ويتم تصدير النفط من العراق إلى تركيا بوساطة شركة وهمية “أصلان أغلو” العاملة في سوريا والعراق وتركيا. وحجم النفط الذي يتم نقله يومياً هو حوالي 6000 طن نفط أو 200 شاحنة.

علاوة على ذلك، وافق قادة “قسد” والاستخبارات التركية في تشرين الأول/أكتوبرعلى طريقا جديدا الذي يتصل بشكل مباشر تل عدس بمدينة القامشلي الواقعة على الحدود السورية التركية. وأدى ذلك إلى زيادة حجم التهريب بـ 50 بالمئة تقريباً حتى يصل 9000 طن يومياً.

لا شك أن هذا المخطط مربح جداً لجميع ضالعين فيه: قام الأكراد السوريين بتأمين السوق الخاريجي لتصدير النفط ومنعت عائلة بارزاني من صعود منافس جديد محتمل وحصل الأتراك على نفط رخيص.

إن سوريا الخاسرة الوحيدة لأن حينما تثري الأرباح من بيع الثروات الطبيعية المهربين على حساب المواطنين، فسيظل إعادة استقرار سوريا وإنعاش اقتصادها هدفاً بيعد المنال.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق