“أوهايو” النووية الأمريكية، تصل إلى الشرق الأوسط … هلباتاحتمال الحرب قريب ؟
فاتن جباري قسم العلاقات الدولية والشؤون الاستراتيجية
تقديم: يزداد القلق الدولي يوما بعد يوم بخصوص التموقع الامريكي واحتمال الحرب المباشرة في منطقة الشرق الأوسط في ضل احتدام الصراع بالمنطقة و التخوف من ضرب المصالح و القواعد الأمريكية هناكوفي هذه الحالة، تخاطر واشنطن بمزيد من التصعيد وحتى التدخل الأمريكي المباشر في حرب على مستوى المنطقة. خصوصا في ضل ارتفاع درجة الانفاق الامريكي العام منذ الحرب الأوكرانية و نسبة الدين الخارجي والعجز في الميزانية الأمريكية الذي يزيد عن تريليون دولار كل عام في وقت السلم.
اذ يرى مختصون وان المصلحة المركزية للولايات المتحدة هي البقاء خارج الباب لصراعات الشرق الأوسط وتجنب الانجرار إلى حملة عسكرية مدمرة في جميع أنحاء المنطقةاكتفائا بالتدخل المحدود لحماية مصالحها هناك ويأتي ذلك عقب حشد قوات دعم فصائل المقاومة الفلسطينية المسلحة التي استهدفت القواعد الأمريكية بمنطقة البحر الأحمر من المحور اللبناني أو اليمني ، العراقي و كذلك السوري .
ومع استمرار الحرب بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، انتاب القوات الأمريكية حالة من الذعر بشأن قواعدها العسكرية في العديد من الدول المجاورة لبؤرة الصراع، لذلك أعلنت القيادة المركزية الأمريكية يوم امس الاثنين، وصول أكبر غواصاتها النووية “أوهايو” إلى الشرق الأوسط، لتنضم إلى حاملتي الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” و”يو إس إسأيزنهاور” في منطقة الشرق الأوسط، حسبما ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية.
اولا – “النووية الأمريكية اوهايو ” والقدرات الفائقة
تعد غواصة أوهايو من أكبر غواصات الصواريخ الباليستية في العالم، إذ تحمل 24 صاروخ ترايدنت النووي، كل صاروخ يحتوي على ثمانية رؤوس نووية.وتتكون غواصات الفئة أوهايو التابعة للبحرية الأمريكية من 14 غواصة وصواريخ باليستيةوأربع غواصات صواريخ كروزوالأخيرة تم تحويلها لإطلاق صواريخ توماهوك الكروز بدلًا من حمولتها الأصلية من الصواريخ الباليستية المسلحة بالنووي.
هذا السلاح النووي الحامل للصواريخ “توماهوك” رأسًا حربيًا عالي الانفجار يزن ما يصل إلى نحو 453.5 كيلوجرام، بما يمكنها من الوصول إلى مسافة تقارب 1500 ميل.وتم تصميم الغواصة للعمليات السرية والقتال تحت الماء، وتستطيع البقاء تحت الماء لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وتتميز بالسرعة والهدوء وتشكل هذه الغواصات جزءًا من “الثالوث النووي” الأمريكي، والذي يتضمن أسلحة نووية على الأرض، وفي الجو، وعلى الغواصات.
ادى تدخل بعض أطراف محور المقاومة في التصعيد في المنطقة بسبب الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى مخاوف من توسع الصراع بسرعة، لتجد الولايات المتحدة نفسها في حالة حرب مع إيران وشركائها الإقليميين، الذين اعتبرهم الكثير في الكونغرس جزءً من لما تعتبره الإدارة الأمريكية “محور الشرّ” الجديد الذي يضمّ روسيا والصين وايران.
وتأتي هذه التطورات الخطيرة عقب خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، الذي أكّد أنّ الحرب على مستوى المنطقة لا تزال ممكنة. وينصح إدارة بايدن بإدراك حقيقة أنّ حربًا أوسع في الشرق الأوسط ستكون مدمرة للولايات المتحدة بالنظر إلى الضعف العسكري النسبي لشركائها الإقليميين، وبالنظر إلى تورطها في أوكرانيا ومحاولة ردع الصين، والعجز في الميزانية الأمريكية الذي يزيد عن تريليون دولار كل عام في وقت السلم.
ثانيا – فرضية الانجرار الأمريكي المباشر نحو الحرب
تتجه الولايات المتحدة نحو حرب أخرى في الشرق الأوسط فيما يتصاعد الصراع بين إسرائيل وحماس بسرعة في جميع أنحاء المنطقة ويخاطر بجر الولايات المتحدة مباشرة إلى المعركة.
لقد تلقت المصالح الامريكية تهديدات تمثلت في ضرب قواعدها بالصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي أطلقتها حركة الحوثيين اليمنية على إسرائيل والهجمات المستمرة على المواقع الأمريكية في المنطقة تظهر أن هذا الصراع يتوسع بسرعة. تجد الولايات المتحدة نفسها الآن في وضعية حرب جديدة مع إيران وشركائها الإقليميين، الذين اعتبرهم الكثيرون في الكونغرس جزءا من محور الشر الجديد الذي يضم روسيا والصين.
وتستعد الإدارة الامريكية لبايدن لمثل هذا السيناريو، ومع ذلك يتزايد الخوف بين الشعب الأمريكي من أن الولايات المتحدة ستنجر إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط بسرعة وهو ما سيشكل الكارثة على حد تعبير غالبية الأمريكيين.
ويذكر انه في أعقاب هجوم الفصائل الفلسطينية المسلحة على إسرائيل منذ 7 أكتوبر، زادت الولايات المتحدة بشكل كبير من وجودها العسكري في الشرق الأوسط وما يجعل الصراع الإقليمي على منحى أوسع. هو الحشد العسكري للولايات المتحدة بمجموعتين ضاربتين من حاملات الطائرات، مع ما يقرب من 7 فرد في كل منهما، ومدمرتين للصواريخ الموجهة، وتسعة أسراب جوية إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. كما نشرت واشنطن 500 جندي إضافي في المنطقة، مع 4 آخرين على أهبة الاستعداد،تضافة الى القواعد و الثكنات العسكرية الامريكية المتوزعة بمنطقة البحر الأحمر و الخليج العربي.
هذا وتتزايد وتيرة الصراع العسكري في جميع أنحاء المنطقة. وقد تم بالفعل استهداف القوات الأمريكية في الشرق الأوسط 23 مرة على الأقل في العراق وسوريا من قبل جماعات مرتبطة بإيران. وردا على ذلك شنت القواعد الامريكية غارات جوية على منشأتين مرتبطتين بالحرس الثوري الإيراني في سوريا، كمت تواصل جماعة حزب الله الرد بشكل يوصف بالعنيف .
خلاصة :يأتي خطر نشوب حرب كبرى في الشرق الأوسط في الوقت الذي تشارك فيه الولايات المتحدة في مساعدة أوكرانيا ضد الغزو الروسي ومحاولة ردع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بينما تحمل مديونية تبلغ 33 تريليون دولار وتعاني من عجز في الميزانية يزيد عن 1 تريليون دولار وبالتالي ، فإن مثل هذه الحرب ستكون كارثية، وتزعزع استقرار المنطقة سياسيا واقتصاديا وعسكريا حيث ان فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط أثناء محاولة متابعة مصالح واشنطن المعلنة في أوروبا ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ يخاطر بإغراق أمريكا نحو أزمة اقتصاديةومن شأن الحرب أن تهدد بتمكين محور المعسكر الشرقي من فرصة جيدة في جميع أنحاء المنطقة على حساب الاستقرار الحقيقي لأمريكا .