أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

أوستن وبلينكن رأسا الحربة بتسخير المؤسسات الإقتصادية والمالية والعسكرية في خدمة إسرائيل

وزيرا الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتوني بلينكن الأميركيان أديا الدور المحوري والرئيسي في الدفع لتسخير كل مقدرات بلادهما ومؤسساتها المالية والاقتصادية والاستخباراتية والأمنية ووضعها في خدمة “إسرائيل” وحربها.

لا تتوقف العلاقة بين “إسرائيل” والولايات المتحدة على القيمة الإستراتيجية لكيان الإحتلال الصهيوني بقدر ما ترتبط بتشكل السياسة الداخلية الأميركية التي تميزت على الدوام بوجود إجماع مؤسسي يحتضن ويدعم ويدافع عن الاحتلال، وأيضاً بأنّ هذه الأمور أصبحت من الثوابت التي تتقيد بها كل القيادات من رؤساء وسياسيين ومشرعين.

وانطلاقاً من هذه النقطة، هبت واشنطن لإنقاذ “إسرائيل” من الانهيار في أعقاب عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، إلى حد أن الكونغرس الأميركي سوّى خلافاته بسرعة قياسية من أجل إقرار حزمة مساعدات مالية عاجلة “تحت العنوان العسكري” بقيمة 14.3 مليار دولار كان قد طلبها الرئيس جو بايدن لمساعدة الكيان، إضافة إلى فتح أبواب المصانع والمخازن العسكرية الأميركية لتزويد ما يحتاجه الاحتلال في حرب الدموية على غزة.

أما ما تجدر معرفته، فهو الدور المحوري والرئيسي الذي أداه وما زال كل من وزيري الدفاع لويد أوستن والخارجية أنتوني بلينكن في الدفع لتسخير كل مقدرات بلادهم ومؤسساتها المالية والاقتصادية والاستخباراتية والأمنية ووضعها في خدمة إسرائيل وحربها.

 في الواقع، إن التزام الولايات المتحدة بمساعدة إسرائيل له جذور طويلة الأمد؛ فعلى مدى عدة عقود طويلة، وافقت كل من الإدارات الجمهورية والديمقراطية وقادة الحزبين في الكونغرس على مساندة إسرائيل التي منحتها واشنطن أكثر من 260 مليار دولار كمعونات عسكرية واقتصادية منذ الحرب العالمية الثانية، هذا عدا عن مدّها بنحو 10 مليارات دولار أخرى في شكل مساهمات لأنظمة الدفاع الصاروخي مثل القبة الحديدية.

وقد عدّ ذلك أكبر مبلغ جرى إعطاؤه لأي “دولة” خلال هذا الإطار الزمني، وهو ما يزيد بنحو 100 مليار دولار عن مصر؛ ثاني أكبر متلقٍ تاريخياً.

 كانت جميع التقديمات الأميركية لإسرائيل مؤخراً عبارة عن منح وقروض للحصول “حصراً” على معدات وخدمات عسكرية لتمويل جيشها وآلته الحربية الفتاكة.

عادةً ما يُسمح لإسرائيل بالوصول أولاً إلى تكنولوجيا الدفاع الأميركية بهدف البقاء في صدارة الجيوش المجاورة في المنطقة أولاً، والمحافظة على “تفوقها العسكري النوعي” ثانياً، وهو ما صاغه الكونغرس ليصبح قانوناً عام 2008.

عام 2016، أعلنت إدارة الرئيس باراك أوباما عن أكبر حزمة مساعدات أمنية للبلاد على الإطلاق، وتعهدت بتقديم 38 مليار دولار لـ”إسرائيل” على مدى العقد المقبل.

طيلة الأعوام الخمسين عاماً الماضية، تلقت إسرائيل مساعدة خاصة وثابتة نحو 3 مليارات دولار سنوياً بعد تعديلها وفقاً للتضخم .

من ناحيتها، تشير تقديرات خدمة أبحاث الكونغرس CRS إلى أن المساعدات العسكرية الأميركية تعكس 16% من إجمالي ميزانية الدفاع الإسرائيلية، كما أن 92% من الأسلحة التي تستوردها تل أبيب تأتي من الولايات المتحدة.

يؤكد العديد من السياسيين والدبلوماسيين الأميركيين أن إسرائيل لم تكن قادرة على خوض حربها ضد غزة دون واشنطن.

من هنا، فالأسلحة التي طلبتها للمضي قدماً في عمليات القتل الجماعي الجارية بغزة مدرجة في وثيقة تحمل عنوان “طلبات القائد الأعلى لإسرائيل” مؤرخة في أواخر أكتوبر، ويتم تداولها في البنتاغون.

بقيت هذه الأسلحة التي تستخدمها “إسرائيل” كجزء من عمليتها العسكرية الدموية الواسعة النطاق سرية حتى الآن على النقيض من الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الأسلحة التي تسلمها إلى أوكرانيا، لكن مجلة بلومبرغ نشرت أواخر أكتوبر الماضي هذه الوثيقة، بحيث أظهرت أن الولايات المتحدة سلمت جيش الاحتلال أنواعاً متعدد من الذخائر والعتاد الحربي يتضمن الآتي:

1- 1000 قنبلة من طراز GBU-39B أو SDB ذات القطر الصغير، وهي عبارة عن ذخيرة موجهة ذات مدى يعمل في جميع الأحوال الجوية ليلاً أو نهاراً. يستخدم نظام SDB عربة ذكية قادرة على حمل 4 ذخائر جو- أرض موجهة من فئة 250 رطلاً (نحو 115 كغ). ووفقاً لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تلقت إسرائيل من الولايات المتحدة 8550 وحدة من نظام SDB بين عامي 2010 و2022، وهو عدد كبير نسبياً لـ “دولة” واحدة.

2- 1800 قنبلة من طراز JDAM (يتراوح وزنها من 230 إلى 910 كلغم) تتميز بأنها موجهة بدقة عالية وتعمل بجميع الظروف الجوية.  وبحسب “معهد ستوكهولم”، تسلمت تل أبيب نحو 12,489 قنبلة JDAM منذ عام 2010. وعام 2015، وافقت وزارة الخارجية الأميركية على بيع إسرائيل 14,500 من قنابل JDAM ومجموعة أخرى من الذخائر .

3- 2000 صاروخ من طراز “هيلفاير” يمكن إطلاقها من مروحيات “أباتشي”. وقد تم نقل بعضها إلى إسرائيل من منشآت التخزين الأميركية في ألمانيا وكوريا الجنوبية.

4- مجموعة من قذائف الهاون وذخائر أخرى. وفي وقت لاحق، تسلمت “إسرائيل” أيضاً نحو 400 قذيفة هاون عيار 120 ملم.

5- 36000 طلقة من مدفع عيار 30 ملم.

6- 4800 قاذفة صواريخ محمولة من طراز M141 الخارقة للتحصينات (سلاح فردي عبارة عن صواريخ من عيار 83 ملم تستخدم لمرة واحدة ).

7- ما لا يقل عن 3500 جهاز رؤية ليلية، و5000 جهاز من طراز PVS-14.

8- أكثر من 57000 قذيفة مدفعية شديدة الانفجار عيار 155 ملم.

9- 20,000 بندقية من طراز M4A1.

10- 75 مركبة تكتيكية خفيفة من الطراز الجديد المشترك التابع لكل من الجيش ومشاة البحرية الأميركية، والتي ستحل محل مركبات هامر.

أما الأكثر أهمية، فكان طلب “إسرائيل” أيضاً 200 طائرة بدون طيار خارقة للدروع من طراز Switchblade 600 من إنتاج شركة AeroVironment Inc.

وبحسب الوثيقة، لا يوجد لدى الجيش الأميركي أي طائرة Switchblade 600s في مخزونه، وليس من الواضح ما إذا كانت شركة AeroVironment تمتلك هذه الطائرات بمخزونها أم ستحتاج إلى صناعتها، فيما رفض متحدث باسم الشركة التعليق على استفسارات الصحافة.

كانت إدارة بايدن فعّالة بشأن عمليات نقل الأسلحة إلى “إسرائيل” في أعقاب اندلاع المحرقة في غزة، مستخدمة كل ما أمكن من أدوات لتسريع وصول تلك المساعدات.

ولهذه الغاية، تم تحويل المخزونات المخصصة للاستخدام الأميركي إليها. واستناداً إلى مسؤول كبير في البنتاغون، فإن “تسريع المساعدة الأمنية” لإسرائيل كان المهمة رقم واحد.

اللافت أن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن وزميله وزير الخارجية أنتوني بلينكن كانا رأس الحربة في هذه العملية، لكونهما والعديد من كبار المعينيين الآخرين في البنتاغون يتمتعون بخبرة عميقة في العمل في صناعة الأسلحة وبيعها.

أوستن هو عضو سابق في مجلس إدارة “شركة رايثيون”، وهو المقاول العسكري الرئيسي الذي يشارك في إنتاج مكونات صواريخ القبة الحديدية مع شركة “رافائيل الإسرائيلية” لأنظمة الدفاع المتقدمة RTX. كذلك تمت إعادة تسمية شركة Raytheon كواحدة من أهم مقدمي الخدمات لـ”إسرائيل”.

 وبالرغم من أن أوستن قام بتحييد نفسه عن تعاملات وزارته مع شركة رايثيون، فإنه لم يوفر أي جهد لتزويد “إسرائيل” بالأسلحة المميتة، وهو ما عكسه تصريحه الشهير لمجلس الشيوخ: “إننا نعمل على تدفق المساعدات الأمنية إلى إسرائيل بسرعة الحرب“.

عملياً، استغل بلينكن كل تاريخه السابق في عالم السلاح، ووظفه لخدمة ضرب غزة، فهو كان مشاركاً في تأسيس شركة WestExec Advisors عام 2017، والتي عملت مع مقاولين عسكريين وشركات ناشئة جديدة في مجال التكنولوجيا العسكرية وشركات إسرائيلية.

إلى جانب ذلك، قدم بلينكن المشورة لمقاول الدفاع شركة “بوينغ” التي سارعت في أكتوبر الماضي إلى نقل 1000 قنبلة ذكية و1800 قنبلة موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) إلى إسرائيل.

وعلى المنوال نفسه، هناك قسم كبير من الفريق الذي عمل على حصول “إسرائيل” على حزمة أوباما البالغة 38 مليار دولار على مدى 10 سنوات، يكمل مسيرة دعمها في إدارة بايدن.

ومن بين المسؤولين الرئيسيين الآخرين في وزارة الخارجية دانييل شابيرو، الذي عمل أيضاً لدى شركة NSO Group الإسرائيلية لبرامج التجسس عندما كان خارج الحكومة.

إضافة إلى ذلك، يتمتع قادة الاستخبارات الأميركيون أيضاً بخبرة واسعة في صناعة السلاح، وفي مقدمة هؤلاء “أفريل هاينز”، مديرة مكتب الاستخبارات الوطنية التي عملت كمستشارة لشركة Palantir القوية لمعالجة البيانات، وكانت من أشد المؤيدين لإسرائيل، وهي توفر التكنولوجيا المتقدمة للجيش الإسرائيلي.

في المحصلة، صحيح أن “إسرائيل” هي التي تتصدر واجهة الحرب، وأنها اعترفت بأنها “تركّز على الضرر وليس على الدقة” عند ضرب غزة، لكن كل ما حلّ بالقطاع ولبنان صُنع في أميركا؛ المسؤولة الأولى عن الخراب الحاصل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق