آسياأخبار العالمبحوث ودراسات

أهم ما جاء في كتاب شي جين بينغ: مكافحة الفقر

الفكرة الرئيسية للكتاب: مكافحة الفقر

يُعد كتاب مكافحة الفقر للرئيس شي جين بينغ مرجعاً أساسياً لفهم “النموذج الصيني” في القضاء على الفقر المدقع، وهو النموذج الذي أعلنت الصين نجاحها في تحقيقه بالكامل بحلول نهاية عام 2020.

يتلخص كتاب شي جين بينغ حول مكافحة الفقر في التركيز على مقاربة شاملة تبدأ من التنمية المحلية وتوفير الخدمات الأساسية، مع التركيز على حل المشاكل الحقيقية التي يواجهها الفقراء.

ويشمل ذلك تحسين البنية التحتية (الطرق والمياه والكهرباء)، وتوفير التعليم للجميع، وضمان فرص العمل من خلال التدريب والمساعدة في زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية، بالإضافة إلى التمكين الاقتصادي للأفراد من خلال مساعدتهم في تطوير قدراتهم.

تناول هذا الكتاب التفاصيل الدقيقة عن رحلة النهوض من الفقر والظروف الاقتصادية الصعبة التي عانت منها مناطق الأقليات العرقية بجمهورية الصين الشعبية.

وقد استشهد هذا الكتاب بقومية” الشي” التي تسكن منطقة نينغدة حيث الموارد الطبيعية والجبال الغير مستغلة مرورا بالتحول نحو صناعة الغابات والإنتاج الغابي والحيواني والتصنيع القائم على الزراعة والانفتاح الاقتصادي بغزو الأسواق المحلية والإقليمية بمنتجات أنشطة الأعمال والاهتمام بالجوانب الفكرية والثقافية بالتوازي مع نواحي التطور المادي بذات الأهمية للقضاء علي الفقر بصورة جذرية.

محاور الكتاب الرئيسية:

المقاربة الشاملة:

يؤكد الكتاب على أن مكافحة الفقر تتطلب معالجة المشاكل الحقيقية في المجتمعات الفقيرة.

التنمية المحلية:

يركز على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في عملية التنمية والتخطيط لها.

الاستثمار في رأس المال البشري:

التعليم:

التأكيد على ضرورة التحاق جميع الأطفال بالمدارس للقضاء على الأمية.

التدريب المهني:

 توفير التدريب للشباب لتمكينهم من الحصول على وظائف جيدة.

توفير الخدمات الأساسية:

ضمان الحصول على الخدمات الأساسية مثل الطرق والمياه والكهرباء لتحقيق المساواة.

التمكين الاقتصادي:

مساعدة الفقراء في تطوير قدراتهم:

من خلال منحهم تقنيات وأدوات جديدة وتحسين ممارساتهم الإنتاجية.

تطوير القطاع الزراعي:

 العمل على زيادة القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.

تشجيع الاعتماد على الذات:

تعليم الناس كيفية الاعتماد على أنفسهم وتحسين مستوى معيشتهم في بيئتهم.

شي جين بينغ وارتباطه الوثيق بحرب الفقر

أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي كان عمله مرتبطا ارتباطا وثيقا بحرب البلاد ضد الفقر، أن الصين حققت “نصرا كاملا”.

خلقت البلاد “نموذجا صينيا” لتخفيف حدة الفقر وقدمت إسهامات عظيمة في القضاء على الفقر عالميا، حسبما ذكر شي خلال كلمته في اجتماع كبير للاحتفال بإنجازات البلاد في القضاء على الفقر والإشادة بالنماذج المثالية في تلك القضية وتكريمها.

وخلال معركة القضاء على الفقر في الداخل، كان الرئيس الصيني يدرك تماما أن القضاء على الفقر هدف مشترك للبشرية جمعاء فالفقر كما يقول المثال العربي “كافر”، والبطون الخاوية لا تفكر، وبالتالي أهم استراتجية يجب ان توضع هي الحرب على الفقر الذي من خلاله تدمر الشعوب والدول، والرئيس الصيني يدرك ذلك جيدا. وبالتالي حث بلاده على لعب دور استباقي بشكل متزايد في الجهود العالمية لتخفيف حدة الفقر، وبحكمته المعتادة  وصف شي ذلك بأنه “المنظور الأكبر”.

التنمية المرتكزة على الشعب

ولا يفوت أحد معرفة فكر الرئيس شي ومن أين تأتي حكمته ومبادراته، فهو الرئيس الذي خرج من القاعدة الشعبية، وعاش مع القاعدة الكبرى للمجتمع الصيني من وسط الشعب الصيني، وهو الذي يدرك تماما ما الذي يعانيه شعبه، بل انه عاش في مرحلة من مراحل عمره الفقر والحرمان، ولما أصبح رئيسا لم ينسى أنه ابن الشعب، ولم ينسى معاناة الشعب الفقير المنهك، ولم ينسى أنه خرج من رحم المجتمع الصيني المفقر والمجهّل، وبهذا عمل على مبادرة مكافحة الفقر والجهل، من أجل الشعب الصيني العملاق الذي نراه اليوم،  وكذلك من أجل الإنسانية التي تعاني الفقر والجهل وعدم الاستقرار وعدم العدالة فعشرة بالمائة من شعوب العالم تعيش الرافهية وباقي شعوب العالم تموت جوعا.

وفي أواخر الستينيات، ذهب شي، الذي كان حينها أقل من 16 عاما، إلى قرية صغيرة على هضبة اللوس بمقاطعة شنشي شمالي الصين وعمل هناك لسبع سنوات.

في ذلك الوقت، لم يكن للمزارعين هناك سوى العرق والكدح ليقدموه أملا في حياة أفضل ولكن بسبب الندرة الشديدة في الموارد كان هذا أمرا بعيد المنال، وكانت هذه التجربة الصعبة دافعا له بعد اعتلاء عرش الصين أن يكون رئيس الفقراء وكانت حتمية تفكيره ومبادئه تدفعه لإيجاد حلال لهؤولاء المزارعين الفقراء، كما شكلت هذه التجربة قوة دفع مستمرة في تفاني شي في قضية مكافحة الفقر.

وبنهاية عام 2010، بلغ الاقتصاد الصيني نحو ستة تريليونات دولار أمريكي، وتخطى اليابان ليصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بينما كان هناك نحو 150 مليون شخص يصل دخلهم إلى أقل من دولار أمريكي واحد في اليوم.

وعندما ارتفع نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي من 4551 دولار أمريكي في عام 2010 إلى 10276 دولار أمريكي في 2019 ليتخطى بذلك حاجز 10 آلاف دولار للمرة الأولى، قال شي مرارا “يجب عدم ترك أي منطقة فقيرة أو فرد فقير“.

الرئيس شي ينجح في هدفه الشامل في مكافحة الفقر:

وعلى مدار العقد الماضي، كان الهدف الشامل للمسعى الصيني في مكافحة الفقر هو تحقيق “التأكيدين والضمانات الثلاثة” وهو ما يعتبره الرئيس شي ” مفتاح النجاح في المرحلة الأخيرة من مكافحتنا للفقر”:

  • ضمان عدم قلق فقراء الريف بشأن المطعم والملبس،
  • وتمكنهم من الالتحاق بالتعليم الإلزامي
  • والحصول على الخدمات الطبية الأساسية والإسكان الآمن.

وأوضح شي خلال جولة تفقدية ببلدية تشونغتشينغ جنوب غربي الصين في أبريل عام 2019 أنه “بحلول عام 2020 سننجح في تحقيق التأكيدين والضمانات الثلاثة لمواطني الريف الفقراء، وهذا مطلب أساسي ومؤشر رئيسي في جهود القضاء على الفقر”. واليوم قد حصل ذلك وحصل ما أراده الرئيس للصين ككل وليس لمنطقة واحدة ومقاطعة “يوننان” هي أكبر مثال على ذلك.

وبينما يقترب الشعب الصيني مما يعرف بالحلم الصيني، لا يزال يعيش مئات الملايين من الشعوب في الدول الأخرى في فقر مدقع. وسلطاتهم ومسؤوليهم لا ينظرون اليهم ولا يتذكرونهم إلاّ في الانتخابات ويعتبرونهم قواعد انتخابية فقط.

وذكر شي خلال كلمته في قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2015 بمقر الأمم المتحدة في نيويورك “لا يمكننا سوى الشعور بالقلق الشديد إزاء ذهاب أكثر من 800 مليون شخص كل يوم إلى الفراش ومعدتهم فارغة”.

والمثير للإنتباه ان الرئيس الصيني لم يطرح موضوع مكافحة الفقر في بلاده فقط فقد أخذ على عاتقه الحديث عن شعوب العالم المفقرة والمجهلة والتي تعاني الفقر والحاجة وعدم الأمن، وقد قالها صراحة وبما أننا دولة نامية، ستتقاسم الصين الفرص التنموية لديها مع الدول النامية الأخرى، فلقد تعهد الرئيس شي في اليوم نفسه في اجتماع طاولة مستديرة رفيع المستوى بشأن التعاون الجنوبي-الجنوبي، وقال “الصين ستربط تنميتها بشكل وثيق مع النمو المشترك للعالم النامي، وستربط الحلم الصيني بأحلام جميع شعوب الدول النامية فيما يتعلق بحياة أفضل، وستتعاون مع الدول النامية الأخرى لخلق مستقبل أكثر إشراقا للتقدم المشترك” يعني التخفيف المستهدف للفقر.

نجاح مكافحة الفقر في مقاطعة يوننان

في سنة 2012، كان لا يزال هناك ما يقرب من 100 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر الوطني – 2300 يوان (نحو 356 دولارًا بالقيمة الحالية) أو أقل سنويًا، وهي فترة جديدة ولكنها قاسية في حرب الصين ضد الفقر.

تثبت فكرة “التخفيف المستهدف للفقر” أنها سلاح الصين العظيم في حملتها الأخيرة ضد الفقر، التي طرحها شي لأول مرة خلال جولة تفقدية في عام 2013 في قرية شيبادونغ، وهي قرية من أقلية مياو في مقاطعة يوننان وسط البلاد.

وعلى الرغم من موقعها في أعماق الجبال، تزخر شيبادونغ بالروعة القومية والموارد الإيكولوجية. ولذلك، قرر القرويون الرهان بمستقبلهم على ست صناعات رئيسية، لا سيما التطريز التقليدي والسياحة الريفية.

وفي مطلع عام 2017، تم انتشال جميع السكان الفقراء في القرية البالغ عددهم 533 من الفقر، في حين نما صافي دخل الفرد تسعة أضعاف تقريبًا بين عامي 2013 و2019.

وفي عام 2018، قاد رئيس لاوس بوننهانغ فوراتشيث، وفدًا إلى شيبادونغ للتعلم من تجربتها في مكافحة الفقر.

ونظرًا لأن لاوس تسعى جاهدة للحد من الفقر، فقد أصبح نجاح القرية نموذجًا لبلاده، وكتب بوننهانغ إلى سكان القرية في عام 2019.

وبعد أن شقت الصين طريقها للحد من الفقر بخصائص صينية، فإن الصين، بتوجيه من شي، تساعد البلدان النامية الأخرى في الاستفادة من مواردها وتحويلها إلى مميزات للتنمية.

وفي عام 2000، ساعد شي في إطلاق مشروع “جونكاو” التجريبي للمساعدة في تحسين معيشة شعب بابوا نيو غينيا، عندما كان حاكم مقاطعة فوجيان جنوب شرقي الصين.

جونكاو، المعروف باسم “العشب السحري” واكتشفه العلماء الصينيون، هو بديل اقتصادي وصديق للبيئة للأخشاب، ويمكن استخدامه ركيزة لزراعة الفطر.

وبعد 18 عامًا، خلال زيارة شي لبابوا نيو غينيا، وقعت الدولتان مشروع مساعدات آخر بشأن استخدام تكنولوجيا العشب. وفي سنة 2023، نجح المشروع وتمّ انتشال أكثر من 30 ألف من السكان المحليين من براثن الفقر، عبر برنامج المساعدات.

وخلال اجتماع للأمم المتحدة في عام 2019، وصفت الرئيسة السابقة للجمعية العامة ماريا فرناندا إسبينوزا جارسيس “جونكاو” بأنه “رمز مبادرة الحزام والطريق الصينية”، الذي، وفقًا لتقديرات البنك الدولي، يمكن أن يسهم في انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و32 مليونا من الفقر المعتدل.

“معجزة تاريخية”

وفي سنة 2021 ومنذ ان اعلن الرئيس الصيني حربه على الفقر وفي ثمانية سنوات فقط انتشلت الصين 98.99 مليون ريفي فقير تحت خط الفقر الحالي، من الفقر، مع إزالة 832 محافظة فقيرة و128 ألف قرية فقيرة من قائمة الفقر، وقد اعتبر الرئيس شي بإنجاز البلاد في القضاء على الفقر المدقع بصفتها “معجزة تاريخية“.

وقال الرئيس الصيني شي بعد جائحة كورونا التي لا تزال الى اليوم تعاني من مخلفاته الدول النامية نقلا عن قصيدة صينية “بعد سقوط سفينة، ستبحر ألف واحدة فصاعدا”.

 “بهذه الروح، فلنتكاتف لتحقيق حياة أفضل لشعبنا وبناء مجتمع مصير مشترك للبشرية”.

الخلاصة:

كنت مؤخرا في الصين وجلب انتباهي هذا الكتاب فأنا من بلد نامي يعاني الفقر والتجهيل فأخذت هذا الكتاب لعلي أجد فيه ما يمكن تحقيقه على أرض بليدي، ولعلي أجد فيه ظالة شعبي التونسي، وفعلا وبعد الزيارات الميدانية ودهشتي مما تحقق من برامج لمكافحة الفقر فهذا الكتاب يجب ان يكون دليلا لمسؤولينا وحكامنا وشعوبنا.

ادهشنى الصينيون بهذا الانجاز العظيم الذي تمثل في القضاء على الفقر كحلم صعب التحقق في ظل غياب النهج المتكامل بين النظري والواقعية القابلة للتطبيق في جهود عملية النهوض من الفقر والتي حوتها العديد من المنشورات الاقتصادية التي تركز على الجوانب النظرية لهذا الهدف الاستراتيجي وتغفل عن الأطر العملية، ولكن الكتاب والبرنامج هو السهل الممتنع الذي يسهل تحقيقه بإرادة فعلية وإيمانا بأننا قادرينا، وايمنانا بقدراتنا وكفاءاتنا وخاصة مراعاة الخصوصية الاجتماعية وليست بعض النظريات التي يتلقاها الخبير الاقتصادي في مدارس الغرب التي لا يمكن تطبيقها على أرض الواقع ولا تحترم الخصوصية المجتمعية وبذلك قد فشلت كل التجارب.

إن اقل ما يمكن أن يصف به هذا الكتاب انه يمثل خارطة طريق ومصفوفة تنفيذية لتحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر.

تعد التجربة الرائدة لدولة الصين الشعبية في النهوض من الفقر والتي يرويها هذا الكتاب درسا مستفادا يستحق الوقوف عنده بالبحث والدراسة والتحليل كونه يوفر موجهات إرشادية وخارطة طريق ترسم بوضوح تام معالم المسار الواجب إتباعه لبلوغ الأهداف المنشودة.

هذا الكتاب هو دليل لتحقيق تحقيقا التنمية الاقتصادية، علاوة عن كونها تجربة عملية قابلة للتطبيق في العديد من البلدان النامية من العالم الثالث بل ويسهل تطبيقه ميدانيا والغريب انه يتطابق تماما مع الخصوصية الاقتصادية والمجتمعية لدولنا النامية.

فلقد استطاعت دولة الصين انتشال ما يزيد من تسعمائة مليون مواطن صيني من الفقر وضمهم إلي قوة فاعلة في تسير دفة التنمية المستدامة في بلدهم خلال فترة زمنية قصيرة.

وبالوقوف على هذه التجربة نرجع قليلا الى افريقيا التي لا يتجاوز عدد سكانها 1.53 مليار حسب آخر الاحصائيات لسنة 2025 وأن اربعمائة مليون نسمة  يعيشون تحت خط الفقر في إفريقيا، وبالتالي وبالرجوع الى استراتجية مكافحة الفقر للرئيس شي، فهانك إمكانية كبيرة للاستفادة وتطبيق هذه التجربة الرائدة والفريدة عالميا، على أرض الواقع بل ويمكن أن تنجح وتحقق أهدافها، فهي تجربة عبارة عن شمعة مضيئة في ظلمات الفقر والفاقة والأمية والجهل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق