أهداف الحرب الجوية الإسرائيلية على لبنان وجهوزية المقاومة
اعداد قسم البحوث والدراسات الاستراجية الامنية والعسكرية 24-09-2024
منذ الساعة الخامسة من صباح يوم الاثنين 23-9-2024 نفذت تشكيلات من سلاح الجو الإسرائيلي وعلى دفعات حملة قصف استراتيجي على مساحة انتشار حزب الله في الجنوب والبقاع وبين الساعة السادسة صباحاً والتاسعة مساءً شاركت 680 طائرة حربية لإسرائيلية بتفيذ أكثر من 900 غارة استهدفت تحقيق الأهداف التالية:
1 تنفيذ عملية صدمة ورعب شاملة للمدنيين في الجنوب والبقاع الغربي وأقسام من البقاع الاوسط والشمالي لحثهم بالقوة النارية على إخلاء أماكن سكنهم واغراق لبنان بمشكلة نازحين تفوق بأضعاف النازحين الذين اضطروا لإخلاء بيوتهم إلى أماكن إيواء مؤقتة قريبة بعد 8-10-2023 في الشريط صفر الممتد من الحدود اللبنانية الفلسطينية عمقاً نحو 3-4 كيلومتر.
2 استهداف بعض المعابر الوصولية بين جنوب وشمال النهر فضلاً عن قطع التواصل بين قرى وبلدات الحافة الأمامية من جهة وبين القرى الكائنة في المنطقة الفاصلة بين الحافة ونهر الليطاني من جهة أخرى وقطع الطرق التي تربط البلدات الرئيسية والقرى ببعضها وبخارجها تجاه المناطق الاكثر أمناً.
3 تنفيذ اغارات جوية على بنك أهداف من 1600 هدف مدني وهدف مرجح أنه عسكري بما يعتقد أنه يخدم العمليات المستقبلية لجيش العدو.
4 ضرب كل مشاعات البلدات والقرى وخطوط القعر والوديان في المناطق المستهدفة لأهداف عسكرية مستقبلية.
5 ضرب كل ما يمس بالحياة في منطقتي شمال وجنوب النهر وخاصة الدورة الاجتماعية والاقتصادية والتجارية فيهما عبر تهجير ما لا يقل عن 600 إلى 700 ألف جنوبي في أقل من 12 ساعة.
من جهتها استمرت المقاومة بتأكيد التزامها الجدي بجبهة المساندة لغزة وأضافت إلى ذلك هدفين جديدين (من ضمن عدة أهداف لم تعلن عنها) بدأت العمل عليهما منذ الساعة 15:00 من بعد ظهر أمس وهما:
1 عدم السماح للعدو بالتمادي أكثر في عدوانه على المدنيين في لبنان.
2 تعطيل كافة أهداف العدوان الجوي الذي اتخذ شكل حملة استراتيجية جوية على مناطق سكن بيئة المقاومة.
الواضح حتى الآن أن العدو اندفع كعادته في كل حروبه على لبنان وغزة منذ العام 2006 وحتى العام 2023 في هدر لائحة أهدافه سريعاً ليتجه بعد استنزاف بنك الاهداف إلى تكرار قصف نفس الاهداف مرة واثنتين وثلاث.
وهذا ما حصل أمس حيث أنه استنزف حسب اعترافه 1600 هدف في أقل من 18 ساعة ومن المتوقع أن يستنزف الجزء الضئيل الباقي من الأهداف في الساعات الـ 48 أو الـ 72 القادمة لتتحول عمليته العسكرية كلها التي أسماها “سهام الشمال” إلى عملية عبثية فارغة من المضمون العسكري.
على مستوى المس بجسم المقاومة حاول العدو أمس تكرار عمليتي استهداف القائدين الجهاديين الكبيرين فؤاد شكر وابراهيم عقيل بتنفيذ محاولة اغتيال لأحد كوادر حزب الله الكبار (علي كركي) في منطقة بئر العبد إلا أن العملية فشلت ولم يتحقق المطلوب.
في المقابل شن العدو على هامش عملية الاغراق الجوي التي نفذها أمس سلسلة عمليات نفسية تبين أن معظمها لم يؤدي غرضها بل أصبح مادة للتندر على المحتوى الضعيف لرسائل الحرب النفسية تلك، والتي ركزت على محاولة فصل البيئة عن المقاومة بتحذير المدنيين من الاقتراب من مراكز وعناصر حزب الله وقد اطلق العدو هذه الرسائل في عدة اتجاهات أهمها ارسال رسائل تحذيرية وبث موادة مسممة في وسائل الاعلام الالكتروني التقليدي والتواصلي (وسائل التواصل) واتخذت تلك الرسائل شكل الاتصال بشخصيات نافذة مقربة من المحور كالوزراء والنواب والصحفيين وتحذيرهم بان مكان عملهم سيقصف. ويعد اعتماد العدو على هذه الدعاية السوداء أولاً وعلى الشائعات ثانياً اسلوباً لمؤازرة الهدف الأولي لحملته الجوية الشاملة على بيئة المقاومة وهو التهجير.
الخلاصة والتقدير
مما سلف يتبين أن الهدف الرئيسي للعدو هو خلق أزمة لاجئين في مساحات واسعة من الجنوب والبقاع يمكنه الضغط بها على قيادة حزب الله لحل أزمة المهجرين من مستوطنات شمال فلسطين دون الاضطرار إلى تقديم تنازلات لحزب الله في موضوع غزة.
وقد تسبب العدو في محاولة فرضه هذه المعادلة بمجموعة من المجازر المتنقلة حتى بلغت حصيتها الأولية ما يقارب الـ 500 شهيد و1700 جريح.
يبدو من السياق العام للأحداث أن العدو يحاذر من الشروع في مناورة برية في لبنان بسبب عدم جهوزية الاستعدادات العسكرية (الفرق والالوية) التي سيزج بها في هكذا مناورة، وبسبب خشيته من الإجراءات التي قد يكون أعدتها له المقاومة، والعدو كما يبدو لن يغامر مباشرةً في القيام بأي خطوة عسكرية برية، حيث يعتقد قادته أن الهدف الكبير الذي تحقق في غارات أمس الاثنين وهو نجاح التهجير الذي سيسعى لمقايضته بترتيبات تضمن عودة المستوطنين إلى الشمال.
بدأت المقاومة بعد ظهر أمس بحملة قصف استراتيجي مقابل على أهداف استراتيجية عسكرية واقتصادية في حدود مدينة حيفا مركزاً على أهداف قد تشكل مدداً لقوات العدو البرية في حال قررت قيادته الشروع في أي وقت بالمناورة البرية. وما صمت المقاومة إلا صمت فعل وتجهيز للمرحلة القادمة التي ستشهد الانخراط الكامل لتشكيلات المقاومة في الحرب المفتوحة ببرامجهم الخاصة بهذا المستوى من الحرب. وذلك بهدف إلزام العدو الذي اتخذ من درجات التصعيد سلماً لمحاولة تعطيل أهم عناصر حرب اسناد غزة.
قيادة المقاومة الاسلامية في حالة تكييف لخططها في هكذا حالات مع ما جرى ويجري منذ يوم الاثنين 23-9-2024 وترى بأن اضطرار العدو لحرق جميع أوراقه منذ مجزرة البايجر والتي تلتها جريمة اغتيال المجموعة القيادية للأركان والعمليات ثم اتبعها بحملة جوية اقل ما يقال فيها أنها مستعجلة، كل هذا يعتبر في نظر المقاومة مؤشراً على أن حملة القصف الجوي أمس على قساوتها وشراستها لا تعدو كونها حرقاً لورقة مهمة بشكل مبكر وهي محاولة الفصل الفاشلة بين بيئتها وجسمها.