أخبار العالمإفريقيا

أنقرة والقاهرة تعززان شراكتهما الاستراتيجية: زيارة دبلوماسية تناقش التعاون الاقتصادي والتحديات الإقليمية

يصل وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي إلى العاصمة التركية أنقرة، الثلاثاء، في زيارة تحمل دلالات استراتيجية على مستوى العلاقات الثنائية، حيث يلتقي نظيره التركي هاكان فيدان لبحث ملفات التعاون الاقتصادي والاستثماري، إضافة إلى مناقشة الأوضاع الإقليمية الملتهبة، وعلى رأسها الحرب في قطاع غزة، وتطورات المشهد في سوريا وليبيا والقرن الأفريقي.

تعميق الشراكة المصرية – التركية: خطوات نحو تعاون استراتيجي

تأتي هذه الزيارة في سياق تطور العلاقات بين القاهرة وأنقرة، التي شهدت نقلة نوعية عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى تركيا في سبتمبر الماضي، حيث تم توقيع 17 مذكرة تفاهم في قطاعات حيوية مثل الاقتصاد، والطاقة، والزراعة، والتكنولوجيا، والبنية التحتية، مما يشير إلى التوجه نحو تحالف اقتصادي موسّع.

ووفقًا لمصادر دبلوماسية تركية، سيبحث الوزيران الخطوات التنفيذية لاجتماع مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى المرتقب في 2026، والذي يهدف إلى إعادة صياغة العلاقات بين البلدين على أسس استراتيجية متينة. ومن بين القضايا المطروحة تعزيز الاستثمارات التركية في مصر، وتحفيز تدفق رؤوس الأموال المصرية نحو السوق التركي، وذلك في إطار خطة طموحة للوصول بحجم التبادل التجاري إلى 15 مليار دولار سنويًا بحلول 2025، مقارنة بـ 8.8 مليار دولار حاليًا.

ويُعزى هذا التوجه إلى إدراك متبادل لأهمية الاستفادة من التكامل الاقتصادي بين البلدين، إذ تُعد تركيا ثالث أكبر سوق للصادرات المصرية، فيما تستفيد الشركات التركية من اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الجانبين عام 2007، والتي ساهمت في نمو الاستثمارات التركية في مصر إلى 2.5 مليار دولار، وفقًا لبيانات رسمية.

قضايا إقليمية ساخنة: ملفات غزة وسوريا وليبيا تتصدر المحادثات

تكتسب الزيارة بعدًا سياسيًا مهمًا، حيث يتوقع أن يركّز عبد العاطي وفيدان على الأزمة في قطاع غزة، في ظل الجهود الإقليمية والدولية المستمرة للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية. ومن المتوقع أن يبحث الجانبان آليات إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بشكل مستدام، إلى جانب العمل المشترك على دفع جهود التسوية السياسية وفقًا لمبدأ حل الدولتين.

وفيما يخص سوريا، تشير التسريبات إلى أن المباحثات ستتناول سبل مكافحة التنظيمات المسلحة مثل داعش و”حزب العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب الكردية”، إضافة إلى التنسيق بشأن مستقبل الوجود العسكري التركي في شمال سوريا. كما ستتم مناقشة مستجدات الأوضاع في ليبيا، في ضوء الاهتمام المشترك باستقرار البلاد، وسبل دعم مسار المصالحة الوطنية.

تحولات جيوسياسية في العلاقات المصرية – التركية

تتزامن هذه التحركات مع تغيرات في موازين القوى بالمنطقة، حيث يسعى كل من القاهرة وأنقرة إلى ترسيخ دورهما كلاعبين إقليميين رئيسيين. وتعكس زيارة عبد العاطي لأنقرة مدى التقارب السياسي والاستراتيجي الذي يشهده البلدان بعد سنوات من التوتر الحاد، خاصة أن هذه المباحثات تأتي بعد زيارة السيسي التاريخية لأنقرة، والتي أعادت رسم مسار العلاقات الثنائية، وأكدت الرغبة في تجاوز الخلافات والعمل على بناء شراكة مستدامة.

كما تشير التطورات إلى رغبة البلدين في تعزيز التشاور بشأن الأمن الإقليمي، والتحديات التي تواجه منطقة الساحل والقرن الأفريقي، لا سيما في ظل تصاعد التهديدات الأمنية المرتبطة بالتطرف والإرهاب، وتأثير الصراعات الإقليمية على استقرار الدول المجاورة.

مستقبل العلاقات: تعاون استراتيجي أم شراكة ظرفية؟

بينما يفتح اللقاء المرتقب بين وزيري الخارجية المصري والتركي آفاقًا واسعة للتعاون، تبقى التحديات قائمة، خاصة في ظل وجود ملفات شائكة مثل التوازنات الإقليمية في شرق المتوسط، والموقف من التنظيمات المسلحة، والتدخلات الخارجية في ليبيا وسوريا. ومع ذلك، فإن التقارب المتسارع يعكس قناعة مشتركة بضرورة تجاوز الخلافات والتركيز على الفرص الاقتصادية والاستراتيجية التي تخدم مصالح البلدين، ما قد يؤسس لتحالف طويل الأمد يساهم في إعادة تشكيل المشهد الإقليمي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق