أخبار العالمأمريكابحوث ودراسات

أميركا الرأسمالية في عهد ترامب

في سياق التحذير من التداعيات الاقتصادية المحتملة لصفقات التجارة والاستثمار التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب مع اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، والتي تتضمن تعهدات استثمارية ضخمة بقيمة 1.5 تريليون دولار.

 يرى المقال الذي نشره موقع “ناشيونال انترست” أنها تفتقر إلى الواقعية وتُستخدم بالأساس كأدوات تفاوضية للضغط في ملفات الرسوم الجمركية، لا كاستثمارات حقيقية.

ويحذر الكاتب من أن تبنّي الولايات المتحدة لممارسات تشبه “رأسمالية الدولة” قد يُقوّض الثقة في الاقتصاد الأمريكي ويدفع الشركاء التجاريين إلى معاملتها كأنها سوق ناشئة، مما قد يؤدي إلى صفقات أقل وشروط تجارية أقل ملاءمة.

النص الكامل للمقال: أميركا الرأسمالية في عهد ترامب

تُهدد صفقات التجارة والاستثمار الضخمة التي أبرمها الرئيس ترامب بخلق اقتصاد قائم على العملة الورقية.

في مقابلة مع قناة “سي ان بي سي” في 5 أغسطس، أشاد الرئيس دونالد ترامب باتفاقياته التجارية الجديدة مع اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي، واصفًا إياها بـ “أعظم صفقات تجارية في تاريخ بلادنا”، مستنداً جزئياً إلى ضمانات استثمار أجنبي غير مسبوقة بقيمة 1.5 تريليون دولار، مُقدمة من ثلاثة من أكبر شركاء أمريكا التجاريين.

تبدو هذه التعهدات الاستثمارية جيدة نظرياً. لكن من غير المرجح أن تُسهم هذه الصفقات غير الرسمية في خلق فرص عمل وأرباح جديدة للعمال والمستثمرين الأمريكيين. ففي أحسن الأحوال، تمزج هذه الصفقات بين الاستثمارات المخطط لها والأهداف الطموحة في شكل رشوة لتجنب الرسوم الجمركية المُرهقة. وفي أسوأ الأحوال، تُمثل إعادة توزيع غير فعّالة لرأس المال، وخطوة غير مسبوقة نحو رأسمالية الدولة الأمريكية.

من السهل فهم جاذبية هذه التعهدات الاستثمارية لترامب: فهي انتصارات قابلة للقياس بسهولة، تضع الرئيس في دوره المفضل كـ “صانع الصفقات الرئيسي”. في الواقع، يُخصَّص موقع إلكتروني كامل للبيت الأبيض لسرد ما يُسمِّيه “تأثير ترامب” وهي استثمارات مُتنوّعة يعزوها البيت الأبيض إلى “سياسات أمريكا الاقتصادية أولاً” التي يتبناها ترامب.

الاستثمار الأجنبي أمرٌ جيّد. لكنّ تعهدات الاستثمار في هذه الصفقات التجارية وهميةٌ على الأرجح. فقد بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر في الولايات المتحدة بين عامي 2021 و2023 ما يزيد قليلاً عن تريليون دولار.

إنّ فكرة أن ثلاثة شركاء تجاريين حتى كبارهم كاليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي يُمكنهم استثمار 150% إضافية خلال الفترة المتبقية من ولاية ترامب الثانية هي ضربٌ من الخيال. في الواقع، يقترب تعهد اليابان البالغ 550 مليار دولار من 780 مليار دولار استثمرتها في الولايات المتحدة منذ إعادة بناء العلاقات الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية. وقد وصف مسؤولو الاتحاد الأوروبي، وهو أمرٌ مفهوم، هذا التعهد بأنه نيةٌ أكثر منه ضمانة.

مع ذلك، أوضح ترامب أن الهدف الحقيقي من هذه التعهدات هو زيادة نفوذ مفاوضات التعريفات الجمركية، وليس الاستثمار. وفي منشور على موقع “تروث سوشيال” قبل يوم من الموعد النهائي لاتفاقية التجارة، قال ترامب: “تطبق كوريا الجنوبية حاليا تعريفة جمركية بنسبة 25%، لكن لديهم عرضاً لخفض هذه التعريفات”. أما الثمن؟ 350 مليار دولار مقابل خفض الفائدة بنسبة 10%. وبالنسبة للاتحاد الأوروبي واليابان، تُسهم هذه التعهدات الاستثمارية أيضاً في تصحيح ما يراه ترامب علاقة تجارية غير متوازنة بشكل كبير، قائمة منذ عقود.

لم يسبق لحكومة الولايات المتحدة ولا الحزب الجمهوري أن عملا في مجال إدارة الاقتصاد بموجب قرارات. في الواقع، لطالما سخر كلاهما من هذا النوع من السلوك باعتباره أسوأ أنواع اختيار الفائزين والخاسرين.

لعقود، انتقد الأمريكيون، عن حق، هذه الإجراءات في دول أخرى – ولا سيما الصين – إلى جانب ممارسات مثل الاستحواذ على “أسهم ذهبية” أو غيرها من مراكز الأسهم المتميزة في الشركات الوطنية الرائدة، وإقامة حواجز جمركية لعزل الأسواق عن المنافسة العالمية، وجعل الرشاوى الحكومية شرطاً لمنح تراخيص التصدير. وقد تبنى ترامب الآن كل هذه الممارسات، وبذلك حوّل الولايات المتحدة بثقة، ولو مؤقتا، نحو الرأسمالية التي تقودها الدولة.

هذا هو السلوك المتوقع من الأسواق الناشئة التي لا تستطيع جذب رأس المال والاحتفاظ به بمزاياها الخاصة، وليس من أكبر اقتصاد في العالم. ويتمثل الخطر الكبير على كل من المستهلكين والشركات الأمريكية في أنه إذا أصرت الولايات المتحدة على التصرف كسوق ناشئة، فقد يبدأ شركاؤنا التجاريون في معاملتنا وفقًا لذلك. قد يعني هذا عددا أقل من الصفقات، بشروط أكثر صرامة وأسعار فائدة أقل ملاءمة وهي أمور نادرًا ما تُحتسب في الوقت الحاضر.

———————————–

المصدر: The National Interest

الكاتب: Aaron Bartnick

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق