الصين وأفريقيا تعملان معًا لدفع التحديث

بقلم السيد وان لي سفير جمهورية الصين الشعبية لدي تونس 24-06-2025
يصادف العام الجاري الذكرى الـ25 لتأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي، الذي قاد التعاون الصيني الأفريقي إلى تحقيق قفزات تنموية هائلة وتسجيل نتائج ملموسة ونوعية، استفاد منها أكثر من 2.8 مليار شخص من الجانبين، مما جعل من المنتدى نموذجًا للتضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي.
منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني الأفريقي، وعلى مدار الخمسة والعشرين عامًا الماضية، تضاعف حجم التجارة بين الصين وأفريقيا 27 مرة، وكذلك رصيد الاستثمارات الصينية في أفريقيا بأكثر من 80 مرة.
كما ساعدت الصين أفريقيا على بناء وتطوير ما يقرب عن 100 ألف كيلومتر من الطرقات وأكثر من 10 آلاف كيلومتر من السكك الحديدية، إلى جانب المساهمة في بناء أكثر من 130 مستشفى وعيادة وأكثر من 170 مدرسة في أفريقيا.
خلال السنوات الأخيرة، قام الجانبان بتعزيز المواءمة بين البناء المشترك عالي الجودة لمبادرة “الحزام والطريق” ومبادرة التنمية العالمية مع “أجندة 2063” للاتحاد الأفريقي واستراتيجيات التنمية في البلدان الأفريقية، كما سجل التطوير المستمر للتعاون الصيني الأفريقي مستويات أعلى وأعمق حيث شمل مجالات أوسع وأكثر تنوّعا.
وتعتبر قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي في عام 2024 محطة جديدة في مسار التعاون الصيني الأفريقي، تتميز بحضور قادة 53 دولة أفريقية لديها علاقات دبلوماسية مع الصين، ومن بينها تونس.
وقد أعلن الرئيس شي جينبينغ، بهذه المناسبة، الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين الصين وجميع الدول الأفريقية التي لها العلاقات الدبلوماسية مع الصين إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية، والارتقاء بالعلاقات الصينية الأفريقية ككل إلى مستوى المجتمع الصيني الأفريقي للمستقبل المشترك في كل الأجواء في العصر الجديد.
كما طرح الرئيس شي جينبينغ ستة مقترحات تتمثّل في: دفع التحديث الذي يتسم بالعدالة والإنصاف، دفع التحديث الذي يتسم بالانفتاح والنفع للجميع، دفع التحديث الذي يضع الشعب فوق كل الاعتبارات، دفع التحديث الذي يتسم بالتنوع والشمول، دفع التحديث الصديق للبيئة، دفع التحديث الذي يتسم بالسلام والأمن. كما اقترح الرئيس شي جينبينغ تفعيل أعمال الشراكة العشرة بين الصين وأفريقيا لدفع التحديث ويتمثّل ذلك في:
- عمل الشراكة للاستفادة المتبادلة بين الحضارات،
- عمل الشراكة للازدهار التجاري،
- عمل الشراكة للتعاون في سلاسل الصناعة،
- عمل الشراكة للترابط والتواصل،
- عمل الشراكة للتعاون الإنمائي،
- عمل الشراكة في مجال الصحة،
- عمل الشراكة للنهوض بالزراعة وخدمة الشعب،
- عمل الشراكة للتواصل الشعبي والثقافي،
- عمل الشراكة للتنمية الخضراء،
- عمل الشراكة لتحقيق الأمن.
ومكّنت هذه المقترحات من رسم خريطة كبرى جديدة للتنمية عالية الجودة في مجال التعاون الصيني الأفريقي وكذلك إعطاء ديناميكية جديدة للتعاون بين الجانبين.
إثرت قمة بكين، رسّخ الجانبان الصيني والأفريقي التوافقات الصادرة عن هذا اللقاء التاريخي، وتم تنفيذ أعمال الشراكة العشرة بفعالية، وحقق تقدما جديدًا ومُرضيًا.
خلال الأشهر التسعة الماضية، تجاوزت الإستثمارات الصينية الجديدة في أفريقيا 13.3 مليار يوان صيني (أي ما يعادل 1852 مليون دولار أمريكي)، وتجاوز إجمالي الدعم المالي لأفريقيا 150 مليار يوان صيني ( أي ما يعادل 20.891 مليار دولار أمريكي).
شرعت الصين، منذ غرة ديسمبر 2024، في تنفيذ معاملة صفرية بنسبة مائة بالمائة من قوائم التعريفات الجمركية مع الدول الأقل نموًا التي لها علاقات دبلوماسية مع الصين، في الوقت الذي سجّل فيه حجم التجارة بين الصين وأفريقيا، عام 2024، رقما قياسيا قدّر بحوالي 300 مليار دولار أمريكي.
من أجل دفع بتنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الإفريقي بشكل مستمر، انعقد الاجتماع الوزاري لمنسقي تنفيذ إجراءات متابعة منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك) في تشانغشا، حاضرة مقاطعة هونان بوسط الصين خلال الفترة من يوم 10 حتى يوم 12 جوان.
وقد حضر الاجتماع أكثر من 100 مسؤول وزاري من الدول الأعضاء في المنتدى، بما في ذلك وزير التجارة وتنمية الصادرات التونسي السيد سمير عبيد، وممثلو مفوضية الاتحاد الأفريقي، وسفراء الدول الأفريقية لدى الصين. بعث الرئيس الصيني شي جينبينغ برسالة تهنئة إلى الاجتماع، أكد فيها استعداد الصين للتفاوض والتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية الصينية الأفريقية من أجل التنمية المشتركة لتنفيذ معاملة صفرية بنسبة مائة بالمائة من قوائم التعريفات الجمركية مع 53 دولة أفريقية لديها علاقات دبلوماسية مع الصين، مضيفا أن الصين ستوفر مزيدا من التيسير للدول الأقل نموا في أفريقيا في مجال تصدير منتجاتها إلى الصين، الأمر الذي سيفتح السوق الرحبة أمام مزيد من المنتجات الأفريقية المتميزة.
كما طرح معالي السيد وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية الصيني، نيابة عن الصين، اقتراحًا يضم خمس نقاط لتعزيز التنمية العالية الجودة للتعاون الصيني الأفريقي خلال الجلسة الافتتاحية للاجتماع.
ويتمثل الاقتراح في الدعوة الجانبين إلى الحفاظ على تضامن الجنوب العالمي، والدفاع عن التجارة الحرة الدولية، ودعم التعاون الإنمائي العالمي، والدفاع عن نظام دولي عادل، وتعزيز التنوع الحضاري.
يدعو إعلان تشانغشا بين الصين وإفريقيا بشأن تدعيم التضامن والتعاون بين دول الجنوب العالمي الذي أصدرها الاجتماع، إلى الالتزام بالتعاون والانفتاح ورفض الأحادية والحمائية، وخلق بيئة تجارة واستثمار وتمويل أكثر ملائما للجنوب العالمي.
قامت الصين بتجميع وإعداد قائمة إنجازات بتنفيذ نتائج قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني الأفريقي، التي تشتمل مشروع إعادة بناء الملعب الأولمبي بالمنزه بتونس، ومشروع مركز معالجة الأمراض السرطانية بقابس، وتعاون علاج الطب الصيني التقليدي في مركز الطب الصيني التقليدي بتونس، ومشاركة الصين كضيف شرف في الدورة الـ39 لمعرض تونس الدولي للكتاب.
اليوم، نحن أمام فرص جديدة في مجال التعاون الصيني التونسي الذي دخل مرحلة التطور السريع. يحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع الجانب التونسي في المجالات التقليدية مثل البنية التحتية والصحة والطب. كما يسعى إلى التباحث مع الجانب التونسي حول التعاون في المجالات الناشئة مثل الصناعة الخضراء والتجارة الإلكترونية والدفع الإلكتروني والعلوم والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي إلى جانب تشجيع المزيد من الشركات الصينية على الاستثمار في تونس، بما يدعم التنمية الوطنية في تونس.
في الفترة القادمة، نستعد للتفاوض والتوقيع على اتفاقية الشراكة الاقتصادية من أجل التنمية المشتركة لتنفيذ معاملة صفرية بنسبة مائة بالمائة من قوائم التعريفات الجمركية مع تونس في أقرب الآجال، وهو ما سيسهم في الترفيع في نسق تصدير المواد التونسية إلى الصين، وتحقيق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك بشكل أفضل.