أزمة الجزائر ومالي تبلغ ذروتها داخل الأمم المتحدة بعد سجال حاد حول حادثة إسقاط الطائرة المسيّرة

قسم الأخبار الدولية 30/09/2025
تفاقم التوتر الدبلوماسي بين الجزائر ومالي ليصل إلى مواجهة مباشرة في أروقة الأمم المتحدة، بعدما تبادل الطرفان اتهامات حادة خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة، على خلفية حادثة إسقاط سلاح الجو الجزائري لطائرة مسيّرة مالية في أبريل (نيسان) 2025، والتي شكّلت نقطة اللاعودة في العلاقات بين الجارتين.
ففي خطابه أمام الجمعية العامة، اتهم رئيس الوزراء المالي عبد اللاي مايغا الجزائر بـ«الاعتداء على سيادة بلاده» عبر إسقاط الطائرة، معتبراً أن الحادثة «تكشف تدخلات غير مقبولة للنظام الجزائري في الشؤون الداخلية لمالي»، وملوحًا بالرد بقوله: «لن نقف متفرجين أمام العداء». كما ربط التوترات الحالية بدور الجزائر في رعاية اتفاق السلام الموقع عام 2015 بين باماكو والمعارضة المسلحة، وهو الاتفاق الذي ألغته السلطات العسكرية في يناير 2024 متهمة الجزائر بـ«حماية المتمردين».
رد الجزائر جاء سريعًا وحادًا عبر وزير خارجيتها أحمد عطاف، الذي وصف مايغا بـ«الانقلابي» واتهمه باستخدام «خطاب ينم عن البذاءة والافتراء»، معتبرًا أن المجلس العسكري الحاكم في باماكو فشل في تحقيق الأمن والاستقرار لشعبه. ورغم ذلك، شدد عطاف على أن «يد الجزائر لا تزال ممدودة» للحفاظ على الروابط التاريخية بين البلدين.
لكن التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد، إذ واصل المندوب الدائم لمالي لدى الأمم المتحدة عيسى كونفورو الهجوم، واصفًا اتهامات عطاف بـ«المتعالية والفظّة»، ومؤكدًا أن التحقيقات المالية أثبتت أن الطائرة أُسقطت «بفعل عدائي متعمد»، حيث عُثر على حطامها على بعد نحو عشرة كيلومترات داخل الأراضي المالية. أما الجزائر، فتمسكت بروايتها التي تؤكد أن الطائرة «اخترقت الأجواء عدة مرات وكانت في مسار هجومي عند إسقاطها».
ويرى مراقبون أن الأزمة بين البلدين تتجاوز حادثة الطائرة إلى خلافات أعمق تتعلق بتوازن القوى الإقليمي ودور الجزائر في الوساطة بين باماكو وحركات الشمال. فبينما تصر الجزائر على دورها كضامن للاستقرار في الساحل، تتهمها السلطات المالية العسكرية بـ«دعم المعارضة المسلحة»، في وقت يشتد فيه الصراع الداخلي ويزداد اعتماد باماكو على شركاء جدد مثل روسيا.
وبين تبادل الاتهامات داخل الأمم المتحدة، تبدو فرص التهدئة ضئيلة في المدى القريب، حيث يواصل الطرفان التمسك بمواقف متناقضة، مما يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البرود وربما القطيعة في العلاقات بين الجزائر ومالي، الجارتين اللتين تجمعهما حدود طويلة ومصالح أمنية معقدة في منطقة الساحل المضطربة.