أخبار العالمالشرق الأوسطبحوث ودراسات

” أرخبيل عشائري مقابل المشروع الوطني الفلسطيني” ماذا وراء مخطط إسرائيل في طمس القضية؟

أشارت بعض التقارير الرسمية إلى مبادرة وُصفت بـ”الخارجة عن المألوف”، تسمى “بحلّ الإمارات” أو “خطة العشائر”. تناولته وسائل إعلام إسرائيلية .تقوم هذه الخطة بشكل أساسي على افتراض استشراقي بأن المجتمع الفلسطيني، لا سيما في الضفة الغربية، قائم على بنى عشائرية يمكن توظيفها لتشكيل كيانات حكم ذاتي تدار محليا دون الحاجة إلى دولة فلسطينية قائمة على أسس حداثية.

تعود الجذور الأولى لـلحل إلى عام 2012، وقد جاء المخطط في دراسة قدمها الإسرائيلي مرداخي كيدار أستاذ بجامعة بار إيلان، كمقترح يقضي بإنشاء ثماني إمارات فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. مركزا على بنية القبائل والعشائر في المدن الكبرى مثل الخليل ونابلس وجنين وطولكرم وقلقيلية ورام الله وأريحا، وساق حجة قوامها أنّ فشل تجربة الدولة الحديثة والمركزية في دول عربية أخرى سوريا، العراق، ليبيا واليمن يعود إلى غياب الانسجام القبلي، في الوقت الذي تحرز به الدول الخليجية ذات النظام العشائري قدرا عاليا من الاستقرار والازدهار.

الهدف المعلن من هذه الحل هو منح العديد من المدن كامل صلاحيات الحكم الذاتي، من إدارة الاقتصاد والتعليم والقضاء وغيرها. أما المناطق الريفية الفاصلة بين المدن والتي تعتبر قليلة السكان فستُضم إلى إسرائيل مع منح المواطنين الفلسطينيين هناك جنسية أو إقامات دائمة. وبذلك يمسي الفلسطينيون متقوقعون في جزر ذات استقلال داخلي، وتلتزم إسرائيل بتوفير حرية التنقل بينها وحمايتها أمنيا من “التهديدات الخارجية”، على حد توصيف المقترح الإسرائيلي.

بدأت اتصالاتٌ منذ أعوام بقيادة نير بركات وهو وزير في حكومة نتنياهو ورئيس بلدية القدس السابق الذي استضاف شيوخا من الخليل للحديث حول فكرة إقامة “إمارة مستقلة” تفكّ ارتباطها بالسلطة الفلسطينية وتتعهد “بـالسلام الكامل والاعتراف بالكيان الصهيوني،كدولة يهودية”.

تعززت اللقاءات مؤخرا، ووصلت إلى حد توقيع وجوه عشائرية بارزة في الخليل رسالة موجّهة للحكومة الإسرائيلية في 24 مارس2024. في تلك الرسالة، يتعهّد هؤلاء بـنبذ العنف وعدم التسامح مطلقا معه، وإرساء علاقة رسمية مع إسرائيل عنوانها الاعتراف بيهوديتها والانضمام لاتفاقيات إبراهيم. بالمقابل، يطالبون بفصل الخليل عن السلطة الفلسطينية وإعطائها وضع “الإمارة” لتدير شؤونها بعيدا عن الإطار السياسي لمنظمة التحرير والسلطة المركزية في رام الله. وصلت اللقاءات إلى 12 لقاء من بينهم لقاءات غير معلنة .

ويتوقع مروجوا هذا المخطط أنه سيجلب انتعاشا اقتصاديا عاجلا وقد تحوّل الخليل إلى مدينة تشبه “دبي” في الرخاء. كما عرضوا إجراءات مع إسرائيل عبر مقترح تشغيل آلاف العمّال من الخليل في القطاعات الإسرائيلية مقابل التزام الإمارة عشائريا بمراقبة الحراك الأمني ومنع أي أعمال مقاومة تنطلق من مناطق نفوذها.

تعبّر هذه الرؤية الصهيونية عن مخطط يستهدف الوعي الوطني الفلسطيني قائم على وحدة المصير، سواء في الضفة وغزة والقدس وكل الأراضي الفلسطينية، وأن أي تجزئة تعني تشتيت مشروع التحرر واستبداله بتحالفات موضعية منفصلة، ضمن ما يُوصف بـ”الأرخبيل العشائري”.

المخطط الإسرائيلي إذا دخل حيز التنفيذ سيشكل مزيجا خطيرا من التهديدات على القضية الفلسطينية، وذلك من خلال الاحتقان الداخلي كانقسام فوق الانقسام، وتكريس للفوضى .حيث يجبر الفلسطينيون على خيارات قهرية، في ظل انهيارات ممكنة في البنى الإجتماعية السياسية والاقتصادية للشعب الفلسطيني وهذا سيناريو -إن وقع- قد يجرّ إلى تبعات توقض الهوية العشائرية محل الوطنية وبالتالي تفتيت الشعب الفلسطيني بأكمله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق