مقاومات القوة الروسية واستراتيجيتها نحو كسب افريقيا
بحث واعداد: خولة كلاحشي باحثة في العلوم السياسية و الاتصال السياسي
بمنزلة تأكيد لانخراط روسيا في منظومة التفاعلات الراهنة مع الدول الأفريقية، التي تتزامن مع استمرار الحرب الروسية–الأوكرانية [1]، وما صاحبها من تداعيات متعددة الأبعاد على مجمل دول العالم، بما فيها القارة الأفريقية، وعلى رأسها قضية الأمن الغذائي.
تمتلك العلاقات الروسية –الأفريقية جذوراً تاريخية ممتدة؛ وعلى الرغم من تأثر العلاقات الروسية–الأفريقية في مرحلة ما بعد انتهاء الحرب الباردة مع مطلع التسعينيات من القرن العشرين بفعل تفكك الاتحاد السوفييتي، فإن إرث الصلات السابقة ظل قائماً.
تشكل الخلفية التاريخية السابقة مدخلاً مهماً لتفسير أبعاد الجولة الأفريقية الأخيرة لوزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف”، التي تأتي في إطار سياقات متعددة ومتداخلة الأبعاد على المستوى الدولي، لعل اهمها:
أهمية أفريقيا في التفاعلات المرتبطة بالحرب الأوكرانية: صاحب الحرب فرض عقوبات غربية على روسيا استهدفت في الأساس ممارسة مزيد من الضغوط لفرض العزلة الدولية عليها، وإضعاف قدراتها الشاملة في مواجهة أوكرانيا؛ لذا تسعى روسيا إلى محاولة كسر هذه العزلة عبر تعزيز شبكة علاقاتها وتفاعلاتها الخارجية مع الدول الأفريقية لبناء تحالفات استراتيجية مهمة.
اتفاق الحبوب الروسي-الأوكراني وتداعياته على الأمن الغذائي الأفريقي[2]: يقضى هذا الاتفاق بإنهاء الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية والسماح بتصدير ملايين الأطنان من الحبوب التي فرض الحصار عليها، وهو الاتفاق الذي رحب به الاتحاد الأفريقي نظراً إلى تأثيراته الإيجابية على الأمن الغذائي في القارة الذي تأزم مؤخراً بفعل التداعيات السلبية المصاحبة للحرب.
التحضيرات الكبرى للقمة الروسية-الأفريقية الثانية: وهي القمة التي من المزمع أن تنعقد في العاصمة الإثيوبية “أديس أبابا” في أكتوبر المقبل؛ حيث تحاول روسيا ترسيخ مكانتها كحليف لإثيوبيا في مستقبل ما بعد الحرب الأهلية التي بدأت في نوفمبر 2020.
المساعي الغربية لكسب ودافريقيا
فرنسا | الولايات المتحدة الامريكية |
الجولة الأفريقية للرئيس الفرنسيإيمانويل ماكرونإلى دول (الكاميرون، بنين، غينيا بيساو) وذلك خلال الفترة 25-28 جويلية 2022. | الزيارات الرسمية التي يقوم بها المبعوث الخاص للولايات المتحدة مايك هامر إلى كل من مصر وإثيوبيا بجانب دولة الإمارات خلال الفترة 24 جويلية-1 اوت 2022. |
وتعد هذه الزيارة هي الأولى من نوعها التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إلى هذه الدول منذ عام 2017، والتي ترمي إلى اعادة إحياء الوجود الفرنسي في مناطق النفوذ التقليدية في أفريقيا بعد تراجعه بشكل كبير في الآونة الأخيرة. | والتي ترمي ضمن أهدافها الرئيسية إلى تقريب وجهات النظر في قضية سد النهضة، ومراجعة التقدم المحرز بشأن تقديم المساعدات الإنسانية والمساءلة بشأن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان . |
المساعي الروسيةلكسب ودافريقيا
موسكو |
الجولة الأفريقية الأخيرة لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ، جويلية 2022. |
الاستفادة من الكتلة التصويتية الأفريقية في المحافل الدولية: حيث تسعى موسكو إلى الاستفادة من الوزن النسبي المرتفع في الكتلة التصويتية للدول الأفريقية في إطار المؤسسات الدولية ، تراهن روسيا في كسب التأييد السياسي للدول الأفريقية على ما تقدمه لها على مستويات عدة ولا سيما على المستويين العسكري والاقتصادي من جانب، وما يشكله ذلك من بديل مناسب للمصالح الغربية في بعض الأحيان من جانب آخر. توطيد العلاقات العسكرية مع الدول الأفريقية: تعد روسيا حالياً المورد الرئيسي للأسلحة لأفريقيا؛ حيث استحوذت القارة الأفريقية على نحو (14%) من صادرات الأسلحة الروسية بين عامي 2021 2017 [3]. دعم العلاقات الاقتصادية الروسية–الأفريقية المشتركة: حيث يأتي البعد الاقتصادي على رأس أولويات العلاقات بين الطرفين في الآونة الأخيرة بفعل التأثيرات السلبية الضخمة على الاقتصاديات الأفريقية جراء الحرب الروسية–الأوكرانية، وهو ما يعني تأثر الإمدادات الأفريقية من هذه المواد الغذائية بشكل كبير. وقد شكل هذا الجانب أحد الاعتبارات الرئيسية الدافعة للجولة الأفريقية لوزير الخارجية الروسي لافروف وذلك لتأكيد المساعي والإجراءات الروسية للتخفيف من وطأة الحرب على الأمن الغذائي لأفريقيا. |
ترتيبصادرات الأسلحة الروسية
صادرات الأسلحة الروسية |
جاءت كل من مصر والجزائر بجانب الهند والصين كأهم الدول المتلقية للأسلحة الروسية؛ وذلك بواقع نحو (73%) من إجمالي صادرات الأسلحة الروسيةقارتي آسيا وأوقيانوسيا قد تلقتا نحو (61%) من صادرات الأسلحة الروسيةفي حين تلقت منطقة الشرق الأوسط (20%) خلال ذات الفترة |
كما يمكن الاشارة الى دجود تدريبات عسكرية روسية مع عدة دول أفريقية ولعل من أهمها الجزائر؛يضاف إلى ذلك توقيع روسيا اتفاقيات عسكرية مع ما يزيد عن (20) دولة أفريقية منذ عام 2015، ويتراوح تعاونها بين مكافحة الإرهاب وحفظ السلام إلى مبيعات الأسلحة.
وتعتمد روسيا على استخدام شركات الأمن الخاصة لتعزيز نفوذها عبر تقديم الدعم للدول الأفريقية في مجالات عدة ولعل أبرزها مكافحة الإرهاب، وتعد مجموعة “فاجنر” من الأدوات التي تعتمد عليها موسكو في تحقيق مصالحها الوطنية في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة.
انتاجات الحبوب الروسية
اعتماد الدول الأفريقية على الإنتاج روسي[4] | الانتاج الروسي |
مواجهة نحو 18 مليون شخص الجوع الشديد في منطقة الساحل ونحو 13 مليون شخص في منطقة القرن الأفريقي نتيجة الجفاف المستمر | تستحوذ على نحو 16% من إنتاج القمح و13% من إنتاج الأسمدة على المستوى العالمي |
توسيع الاستثمار الروسي في الموارد الطبيعية الأفريقية: تعمل روسيا مع الدول الأفريقية على استخراج الموارد الطبيعية الرئيسية لتعزيز قدراتها الاقتصادية ولا سيما في ضوء التنافس الأمريكي والصيني على هذه الموارد، وذلك من قبيل الليثيوم الذي تمتلكه العديد من الدول الأفريقية[5]، وتعمل روسيا على توسيع استثماراتها منه في أفريقيا عبر شركة روساتوم[6] “Rosatom”.
وختاماً يمكن القول إن الرؤية المستقبلية للعلاقات الروسية–الأفريقية تطرح تنامياً وتزايداً في كثافة التفاعلات المرتبطة بها على مختلف المستويات، ولا سيما العسكرية والاقتصادية، ويعزز من ذلك المصالح المتبادلة القائمة بين الطرفين، فمن جانب تسعى أفريقيا إلى تنويع شبكة علاقاتها الخارجية عبر تجاوز تحالفتها التقليدية مع القوى الأوروبية المُستعمرة، ومن جانب آخر تسعى روسيا إلى بناء تحالفات استراتيجية مع الدول الأفريقية لتعزيز مكانتها الدولية في إطار منظومة النظام الدولي الجديد الأميل إلى التعددية القطبية وعودة اشعاع القارة السمراء.
اندلعت في أواخر فبراير 2022. [1]
الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في 22 يوليو 2022وتم تقديم ضمانات السلامة للسفن والموانئ المشاركة في العملية.[2]
وفقاً لتقرير “الاتجاهات الدولية لعمليات نقل الأسلحة” الصادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “SIPRI” في مارس 2022[3]
على ضوء تقارير الأمم المتحدة [4]
ومنها زيمبابوي والكونغو الديمقراطية[5]
التي تعد من شركات الطاقة النووية الروسية الرامية للاستحواذ على نحو (3%) من سوقه العالمية بحلول 2025[6]