مصر :في مواجهة الموجة الثالثة من مشروع الشرق الأوسط الجديد
يوسف بن يعقوب : كاتب وباحث خبير إستراتيجي ليبي
منذ أسابيع يظهر جلياً لكل من يتابع الوضع الإقليمي و تطوراته في بلدان الشرق الأوسط و شمال أفريقيا و منطقة الخليج العربي، أن هنالك موجة جديدة من مشروع “الثورات العربية الثانية” بدئت تطفو على السطح .
ربما من يحرك هذا المشروع الفوضوي يتبع إستراتيجية ضرب المركز لسقوط الأطراف و هنا فإن مركز العالم العربي شاء من شاء و أبى من أبى هي قاهرة المعز، مصر العروبة، و الأطراف هي الدول العربية سواء المجاورة لمصر أو حتى الإقليمية .
من العدم، خرج علينا مقاول هارب يعيش حياة الترف في أزقة أوروبا ، ليتحدث عن ثورة و ديمقراطية و يرفع شعارات مكافحة الفساد و البحث عن عيش كريم للمصريين .
و كما جرت العادة تخرج قناة تنظيم الحمدين جزيرة تميم، لتتلقف فيديوهات و منشورات ذاك المقاول لتحاول أن تخلق منه رمز نضالي، و لتبدأ حالة من التحريض المستمر عبر كل وسائل التواصل الاجتماعي، و نستذكر كلمات صحاف العراق أبان الغزو الأمريكي و ليلة سقوط بغداد ، عندما تحدث بصدق و حرقة في زمن غفلة الغافلين و قال أن قناة الجزيرة ما هي إلا مشروع تمهد لاحتلال و إسقاط البلدان العربية و لكن لم يتيقن لها الكثيرون إلا بعد عقد من الزمن على سقوط بغداد .
غداً سيحاول أتباع و خلايا تنظيم الحمدين الخروج للشوارع و الميادين للأذان بانطلاق الموجة الثانية من الثورات العربية لصنع الشرق الأوسط الجديد و هذه المرة للإطاحة بالأنظمة الملوكية، و ليحاولوا إعادة سيناريو و أحداث يناير 2011 م و لكن من الغباء أن تكرر التجربة بنفس القيم و المقادير و أن تنتظر نتائج جيدة و بين التاريخ أن كل مخططات المراكز الإستراتجية الصهيونية و الأمريكية لم تنجح و ان صناع القرار يدخلون مغامرات فاشلة و يدمرون أوطانا و شعوبا و من بعدها يقولون انتظرونا سوف نأتيكم بالحل و هم واهمون.
هل سيخرج المصريون غدا الجمعة بعد ان تعطى لهم الإشارة من المساجد؟ بكل تأكيد ستخرج الفئات التي تحدثنا عنها سلفاً فهم أدوات في مشروع يستهدف المنطقة ككل، و لربما جروا معهم بعض المغرر بهم أو من لديهم مطالب معيشية بالفعل و لكن ثقوا و تأكدوا أن المشروع فشل قبل أن يبدأ و وئد في مهده ، فالعالم اليوم و حجم الوعي المجتمعي فاق دائرة زمن التغرير الإعلامي التي لازالت تحاول الأدوات الإعلامية لتنظيم الحمدين أن تستخدمها و ان تسعة سنوات لا تكفي لدمار الأجيال و العقول كما يعتقدون او كما خططوا.
فهذه المرة، لن تصل العناصر الإجرامية و الإرهابية إلى السجون لاقتحامها و إخراج عناصرهم و لكن يستطيع القناصة عبور الحدود لقتل المتظاهرين و إلصاق التهمة بأجهزة الأمن و خلق مواجهات مباشرة معهم و الأهم لن يصل برنارد هنري ليفي أو عناصر المخابرات التركية و لا القطرية لميدان التحرير لتوجيه أدواتهم و رفع حالة الاحتقان ، بل و حتى توزيع المهام لإدخال البلد في حالة الفوضى المطلوبة .
و هذه المرة من يعول على صراع أجنحة مراكز القوى ، لن يصل لمبتغاه ، فلا مشروع توريث يلوح في الأفق حتى يدفع قيادات الجيش المصري لأن تقف بموقف المتفرج و تنتظر تصاعد المظاهرات لتسقطه، فـالجميع بات يدرك أن المستهدف ليس الرئيس السيسي كشخص و إنما المستهدف هو أمن و استقرار مصر و سينجح السيسي لإفشال مؤامرتهم الغبية.
من الآن و حتى إنبلاج فجر يوم الأحد القادم ، سنشهد حالة من التصعيد الإعلامي الغير مسبوق و محاولة فبركة آلاف الصور و الفيديوهات و حتى الأحداث و التصريحات و لكن نحن على يقين أنها زوبعة في فنجان فقد ولى إلى غير رجعة و أندثر زمن حكم الإخوان .