مجلس النواب الامريكي يصدر قرارا بالاعتراف بالإبادة الجماعية ضد الارمن
أقرّ مجلس النواب الأميركي،الأربعاء 30 أكتوبر 2019، قرارا بالإعتراف رسميا بـ”الإبادة الجماعية للأرمن”، تحت الإمبراطورية العثمانية، في خطوة أغضبت تركيا التي سارعت إلى استدعاء السفير الأمريكي في أنقرة،في ظل علاقات متوترة أصلا بين البلدين.
وصادق المجلس على القرار بأكثرية 405 أصوات مقابل 11، وهي المرة الأولى التي يصل فيها مثل هذا القرار إلى التصويت في الكونغرس بعد محاولات سابقة.
وقالت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إنها “تشرفت” بالإنضمام إلى زملائها في “إحياء ذكرى إحدى أكبر الفظائع في القرن العشرين: القتل المنهجي لأكثر من مليون ونصف مليون من الرجال والنساء والأطفال الأرمن على يد الإمبراطورية العثمانية”.
وقدم مشروع القانون رئيس لجنة الإستخبارات بمجلس النواب، النائب الديمقراطي عن ولاية كاليفورنيا آدم شيف، في أبريل الماضي، ومن المنتظر عرض القانون للتصويت داخل مجلس الشيوخ الأميركي خلال فترة قصيرة، وفي حال الموافقة عليه سيكون نافذا.
وفي ردود الفعل الأولى،رحب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، أمس الأربعاء، بقرار مجلس النواب الأمريكي الإعتراف بالمجازر العثمانية بحق الأرمن.
تشير الإبادة الجماعية للأرمن إلى الإبادة الجسدية للشعب المسيحي من أصل أرمني الذيي عاش خلال فترة حكم الإمبراطورية العثمانية، وخلال الفترة بين 1915-1916، قتل العثمانيون عددًا كبيرًا من الأفراد في عمليات إطلاق نار جماعية، ولقي كثيرون حتفهم خلال عمليات الترحيل الواسعة نتيجة للمجاعة والجفاف والتعرض للمخاطر والأمراض. إضافة إلى ذلك، تم إبعاد عشرات الآلاف من الأطفال الأرمن قسرًا عن أسرهم وتحويلهم إلى الإسلام.
كان المسيحيون الأرمن إحدى الجماعات العرقية المتميزة خلال فترة الإمبراطورية العثمانية. وفي أواخر ثمانينيات القرن التاسع عشر، شكَّل بعض الأرمن منظمات سياسية ساعين إلى مزيد من الحكم الذاتي؛ مما أثار شكوك الدولة العثمانية حول مدى ولاء الطائفة الأرمينية داخل حدودها.
وفي 17 أكتوبر عام 1895، استولى الثوار الأرمن على البنك الوطني في القسطنطينية، مهددين بتفجيره وقتل أكثر من 100 رهينة ما لم تمنح السلطات للأرمن حكمًا ذاتيًا إقليميًا،إلا أنه بالرغم من التدخل الفرنسي لإنهاء الحادثة بطريقة سلمية، ارتكب العثمانيون سلسلة من المذابح. وبينما ترفض تركيا وصف ما تعرض له الأرمن خلال حقبة الدولة العثمانية بـ”الإبادة الجماعية”، وتصرّ على أن سبب وفاة الأرمن هي ظروف الحرب والتهجير،إلا أنه وفقا للوقائع التاريخية بدأت إبادة الأرمن في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، إذ ادّعت الدولة العثمانية أن روسيا أثارت الأرمن الروس المقيمين قرب الحدود الروسية العثمانية، وزعمت الدولة العثمانية حينها أن هذه الجماعات حاولت اغتيال السلطان عام 1905،وعلى أثر ذلك هجّرت الدولة العثمانية بين عامي 1915-1917 أكثر من مليون أرميني لتبعدهم عن الحدود الروسية وتقطع عنهم الدعم الروسي، وتم التهجير والترحيل القسري بطرق بدائية، فمات من هؤلاء عدد كبير، في ظل ظروف قاسية.
وبحسب المؤرخ أرنولد توينبي، استخدمت حكومة جمعية “الاتحاد والترقي”التركية، على نحوٍ منهجي الوضع العسكري الطارئ لتفعيل سياسة سكانية على المدى الطويل، تهدف إلى تعزيز العناصر التركية في الأناضول على حساب السكان المسيحيين (أساساً الأرمن، إلى جانب الآشوريين المسيحيين).
وبعد عقود، اعترفت 20 دولة و42 ولاية أميركية رسميا بوقوع المجازر كحدث تاريخي، كما اعترفت بعض المنظمات الدولية رسميا بـ”الإبادة الأرمينية”، على غرار الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومجلس أوروبا ومجلس الكنائس العالمي ومنظمة حقوق الإنسان.
يذكر أن هناك أكثر من 135 نصبا تذكاريا، موزعة على 25 بلدا، تخليدا لذكرى “الإبادة الجماعية” للأرمن..