الشرق الأوسط

التدخل التركي شمال سوريا وخطر إعادة تمدّد داعش من جديد

دخلت العملية العسكرية التركية اليوم الجمعة11 أكتوبر 2019 يومها الثالث ، أمام تنديد دولي ورفض قاطع لهذه الخطوة التي وُصفت ب “الأحادية والخاطئة ” ،و يشارك فيها مسلّحون سوريون موالون لأنقرة، بغاية السيطرة على مناطق سوريّة شرق نهر الفرات.
وأبدت دول العالم مخاوفها من تكرار حملات إبادةٍ جماعية لأقليات دينية وعرقية تضم خاصة اليزيديين والأرمن والأشوريين والسريان الذين يعيشون في تلك المناطق التي يستهدفها الرئيس التركي وجيشه .
وتنذر العملية التركية الجديدة التي تهدف إلى السيطرة على مناطق قوات “سوريا الديمقراطية” الواقعة على الحدود مع تركيا، بحصول حملات إبادة عرقية.
وفي هذا السياق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الخطوة التي قام بها أردوغان غير مبررة ،مذكرا بأن بلاده تمكنت من هزم تنظيم داعش الإرهابي مائة بالمائة، ولم يعد بواشنطن أي قوات في المنطقة التي تتعرض للعدوان من قبل أنقرة،متابعا ” لقد قمنا بعملنا على أكمل وجه! الآن تهاجم تركيا الأكراد الذين يقاتلون بعضهم البعض منذ 200 عام”.
وأضاف ترامب أن لواشنطن ثلاثة خيارات للتصدّي للهجوم التركي الغاشم وهي إما إرسال الآلاف من القوات والإنتصار عسكرياً، أو ضرب تركيا بشدة مالياً وفرض عقوبات، أو التوسط بين تركيا والأكراد، وهذا غير ممكن، وفق تغريدة له عبر حسابه الخاص بتويتر.
وكان الرئيس الأمريكي قد هدّد تركيا أمس الخميس بمزيد من العقوبات الإقتصادية إذا لم تحترم “قواعد اللعبة” في سوريا، مشيراً إلى أن تركيا ستضرر مالياً بشدة إذا لم تلتزم بالقواعد. وحذّر ترامب من مشاركة فصائل إرهابية مسلحة كانت قد تصدت لها بلاده من قبل.
يذكر أن “الجيش الوطني” السوري المُعارض للرئيس بشار الأسد من أبرز الفصائل السورية التي تشارك في هذه العملية، وهو خليط من الجماعات المسلحة التي يقودها معارضون بدعم تركي، وكان أغلبهم يقاتل في صفوف قوات الأسد قبل انشقاقهم.
وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قد توعّد أيضا، بالرد في حال فرض عقوبات أمريكية على أنقرة، مقللا من أثر العقوبات بسبب العملية العسكرية في شمال سوريا.
ويبلغ عدد أفراد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” حوالي40 الف مقاتل ،وبخلاف ذلك كانت هذه القوات قد كونت منذ فترة طويلة فرقا أمنية أطلق عليها اسم ” الأساييش” التي يقدر عدد أفرادها بعشرات الآلاف.
وبخصوص تسليح هذه القوات، كانت “قسد” قد أكدت أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تزودها بأسلحة ثقيلة أو متقدمة إذ حصل المقاتلون الأكراد من مصادر أخرى على صواريخ مضادة للدبابات. وقال مصدر بالمعارضة السورية ، إن أنقرة تراقب الأسلحة التي تسلم إلى وحدات حماية الشعب منذ فترة طويلة وكان ذلك نقطة خلاف مع واشنطن.
ويقصف الجيش التركي الآن المواقع التي أخلتها القوات الأمريكية هذا الأسبوع وتمتد مسافة 100 كيلومتر تقريبا بين مدينتي تل أبيض ورأس العين السوريتين، وقد بدأت تركيا قصف المنطقة بضربات جوية وبالمدفعية منذ الأربعاء الفارط. “وتلك المنطقة في الأساس هي أرض منبسطة مما يجعلها ساحة قتال صعبة على مقاتلي وحدات حماية الشعب الذين اكتسبوا خبرة سنوات في حرب مدن في مواجهة المتشددين، لكن لا حول لهم ولا قوة تقريبًا في مواجهة الطائرات التركية”. “
ويُعد الشريط الحدودي- الذي كان في جزء منه عبر التاريخ منطقة وجود عربي قوي- مهمًا لمقاتلي أكراد سوريا لأنه يربط المناطق التي يغلب عليها الأكراد في الشمال الشرقي ببلدة كوباني الكردية، التي لا تزال للقوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها قاعدة فيها”.
وفي سياق ذي صلة، قال المتحدّث الرسمي باسم مجلس سوريا الديمقراطية أمجد عثمان، إن العدوان التركي على شمال شرقي سوريا سيكلف أنقرة كثيرًا.
وحذّر المتحدّث الرسمي، في مقابلة مع قناة “العربية” الإخبارية اليوم الجمعة، من تفاقم الوضع الإنساني في المنطقة بعد الهجوم التركي، واصفا الوضع بـ”الخطير”.
وقال إن “الوضع الإنساني خطير للغاية.. تركيا تعمل على إخلاء المدن والقرى الحدودية عبر ترهيب المواطنين لتسهل تنفيذ أجندات التغيير الديموغرافي، مستغلةً ظروف السوريين اللاجئين في تركيا، لتنفيذ مشاريعها العنصرية”.
وأعرب عثمان عن اعتقاده بأن المجتمع الدولي وفي مقدمته الرئيس الأمريكي، قد تخلوا عن مسئولياته تجاه محاربة الإرهاب، قائلا “إننا نقوم بإجراء اتصالاتنا الدبلوماسية ولم نفقد الأمل.. ونحن واثقون بأن هذا الإحتلال سيكلف تركيا كثيرًا”.
من جانبه ، أكد نواف خليل مدير المرصد الكردي للدراسات، أن الضربات التركية ستكون بمثابة انتعاش لحركة داعش في المنطقة. وأضاف خليل في تصريح خاص لـ”البوابة نيوز”، أن الضربة التركية على شمال سوريا تحتم على الجنود ترك حماية السجون التي تأوي نحو 70 ألف مقاتل من داعش، للتوجه إلى حماية الحدود للمشاركة في صد الحملة التركية العسكرية.
وأوضح أنه سيتم تخفيف الحراسة على هؤلاء الأسرى، وعندما تقصف تركيا تلك السجون ستقول إنها عن طريق الصدفة، وهو ما يعنى هروب الدواعش منها.
وتابع أن تركيا عبر تلك الضربات تخدم داعش وباقي التنظيمات، كما تشكل خطرا على أمن الإتحاد الأوروبي أيضا.
وأعلنت قوات” قسد” عن مقتل 15مدنياً بالقصف التركي على مناطق شمال شرقي سوريا، من بينهم 5 من مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية.
وفي خضم هذه التطورات الخطيرة، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية،إن الوزارة استدعت السفير التركي للإحتجاج على قرار أنقرة إرسال قوات إلى شمال سوريا لمهاجمة فصائل كردية.
وكان وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، قد صرح وقت سابق، بأن الهجوم التركي “غير مقبول”، ودعا إلى وقف القتال على الفور.
من جهته، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تركيا إلى وقف هجومها في أسرع وقت، منبها إياها إلى “خطر مساعدة داعش في إعادة بناء قوته”. وتابع، ان “خطر مساعدة داعش في إعادة بناء خلافته هو مسؤولية تتحملها تركيا”.
ولم يتوقف القصف التركي المستهدف قوات سوريا الديمقراطية التي تصنفها تركيا إرهابية برغم كل الإدانات الدولية والتهديد بتنفيذ عقوبات صارمة، علما أن العملية العسكرية التركية أدت إلى تواصل هبوط الليرة وتدهور أسعار البورصة.

الوسوم
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق