ماذا تعرف عن برنامج بناء سفن حربية من فئة “ترامب”: أسطول ترامب البحري؟

قسم البحوث والدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية 25-12-2025

نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية تقريرا تحدثت فيه عن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إطلاق برنامج واسع لبناء سفن حربية من فئة “ترامب”.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إنه ووفقًا تصريحات ترامب ستكون هذه أكبر السفن التي بُنيت على الإطلاق.
وتضيف الصحيفة أن الوزن المعلن لسفن فئة “ترامب” سيتراوح بين 30 و40 ألف طن، وعليه، فهي لا تعد الأكبر. فعلى سبيل المثال، يبلغ وزن سفينة “يو إس إس ميسوري”، 58.460 طنًا، في حين يناهز وزن أحدث حاملة طائرات أمريكية من طراز “جيرالد فورد”، 98.425 طنًا، ما يجعل تصريح ترامب مبالغًا فيه مقارنة بالأرقام الفعلية.
ابتعاد عن التقاليد
أما بالنسبة لسفينة القيادة من فئة “ترامب” فهي تحمل اسم “الجرئ” أو “العنيد”، وتصنَّف وفق بيانات السفن الأمريكية على أنها “بي بي جيه 1″، أي سفينة خطية مزوَّدة بصواريخ موجهة.
ومن المقرر أن تحل هذه السفينة محل برنامج “دي دي جيه إكس” الذي بدأ تطويره عام 2022، والذي كان يُعرف باسم مدمرة الجيل التالي، أي برنامج لتطوير مدمرات صواريخ موجهة من الجيل الجديد، ويبدو الآن أن إدارة ترامب فضَّلت استبدال هذا البرنامج بسفن فئة “ترامب”، ما يجعل السفينة الجديدة أقرب إلى “السوبر مدمرة” من كونها سفينة خطية تقليدية.
وأوردت الصحيفة أن هناك بعض الانحراف عن التقاليد الأمريكية المعتادة في اسم سفينة القيادة من فئة “ترامب”؛ فعادةً ما تُسمَّى السفن الخطية الأمريكية على أسماء الولايات، مثل ميسوري وويسكونسن ونيوجيرسي، في حين تُسمى حاملات الطائرات الحديثة غالبًا على أسماء رؤساء الولايات المتحدة، مثل رونالد ريغان وجورج بوش وهاري ترومان، أما الطرادات فغالبًا ما تحمل أسماء معارك مشهورة شاركت فيها الولايات المتحدة، مثل غيتيسبيرغ وأنزيو ونورماندي، فيما تُسمى المدمرات على أسماء الأدميرالات، مثل سبروانس وميتشر، مع وجود بعض الاستثناءات.
ووفق الصحيفة؛ يخالف اسم سفينة القيادة “الجرئ” أو “العنيد” جميع هذه التقاليد، وربما استُلهم الاسم من فيلم “ستار تريك”، حيث تظهر فيه السفينة الفضائية “إن إكس 74205″، ما يعكس توجّهًا جديدًا وغير تقليدي في تسمية السفن الأمريكية.
تسليح “لينكور ترامب“
يبلغ طول السفينة من فئة “ترامب” الجديد ما بين 260 و270 مترًا، ويتراوح عرضها بين 32 و35 مترًا، فيما يتراوح غاطسها بين 7.3 و9.1 أمتار، وتصل سرعتها القصوى إلى نحو 35 عقدة بحرية.
ولا يزال الخوض في تفاصيل منظومة تسليح السفينة من فئة ترامب، غير أن المؤشرات الأولية توحي بأن السفينة ستُجهَّز بترسانة قتالية متعددة المهام، يُرجَّح أن تشمل:
- صواريخ كروز بحرية مزودة برؤوس نووية من طراز “إس إل سي إم.إن”، وهي منظومة لا تزال خصائصها التقنية مجهولة.
- 128 خلية إطلاق عمودي موحّدة من طراز “مارك 41”.
- منظومتي ليزر بقدرة 600 كيلوواط لكل منهما، مخصصة لاعتراض الصواريخ المجنحة المنخفضة التحليق.
- منظومتي دفاع جوي قريب من طراز “آر أي إم 116” .
- مدافع بحرية عيار 155 ملم تطورها شركة “بي إيه إي سيستمز”، وتستخدم ذخائر فائقة السرعة.
- أربع مدافع أوتوماتيكية عيار 30 ملم من طراز “أم كيه 44 بوشماستر 2” من إنتاج شركة نورثروب غرومان.
وبحسب الصحيفة لا تمثل هذه المنظومة التسليحية الصورة النهائية للسفينة، إذ يُتوقع إدخال تعديلات وإضافات مع تقدم مراحل التطوير، وفي هذا الإطار، يجري بحث إمكانية تزويد “لينكور ترامب” بـ12خلية إطلاق كبيرة مخصصة لصواريخ فرط صوتية من مشروع الضربة العالمية الفورية، ما قد يمنحها قدرات هجومية بعيدة المدى غير مسبوقة.
في هذا الصدد، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: “لقد وافقت على خطة بناء سفينتين حربيتين جديدتين من فئة السفن الخطية، ستكونان الأكبر على الإطلاق، سنطلق عليهما اسم فئة ترامب. وستكونان الأسرع والأجمل وأكثر قوة بمئة مرة من أي سفينة خطية في التاريخ”.
السفينة صممت لبلوغ العدو وتدميره
من جانبه، أكد وزير البحرية الأمريكية جون فيلان أن “السفينة الخطية المستقبلية من فئة ترامب ستكون أكبر وأشد فتكًا وأكثر تنوعًا، فضلًا عن كونها الأجمل، بين جميع السفن الحربية العاملة في محيطات العالم”.
وأشار فيلان إلى أن السفينة صُممت لتتقدم في الهجوم وهي مزوّدة بأقوى منظومات التسليح، مؤكّدًا أن هذه السمة هي جوهر السفن الخطية من فئة “ترامب”، التي تقوم على القوة النارية الهجومية لأعتى أسلحة العصر الحديث، وأضاف: “هذه السفينة لم تُصمَّم لمجرد صدّ الهجمات، بل لبلوغ العدو وتدميره”.
وتشير التقديرات إلى أن بناء أول سفينتين سيستغرق نحو عامين ونصف، فيما تُقدَّر كلفة البرنامج بنحو 26 مليار دولار. وعلى المدى البعيد، يخطط قطاع بناء السفن لتسليم البحرية الأمريكية ما يصل إلى 10 سفن في المرحلة الأولى، ثم رفع العدد لاحقًا إلى 20–25 سفينة من هذا الطراز.
وأكد الرئيس الأمريكي أنه يشارك شخصيًا في وضع التصميم النهائي، مشددًا على أن المشروع يحظى باهتمام مباشر منه على أعلى المستويات، ومن المقرر تدشين السفينة الرئيسية للمشروع عام 2028، على أن تُشكّل عنصر ردع يبعث على “الرهبة” لدى خصوم الولايات المتحدة، ويعزز هيمنتها البحرية في البحار والمحيطات.
هل لا تزال السفن الخطية ضرورية؟
وأفادت الصحيفة أن نمط الحرب البحرية يشهد تحوّلًا جذريًا ومتسارعًا، وهو ما برز بوضوح خلال النزاع العسكري في أوكرانيا. ففي حروب القرن الحادي والعشرين، ستواجه السفن السطحية الكبيرة هجمات منهجية تشنها أسراب من الزوارق غير المأهولة السطحية وتحت السطحية، إلى جانب ضربات بصواريخ كروز مضادة للسفن بعيدة المدى، بعضها مزوّد بتقنيات فرط صوتية.
الجدير بالذكر أن هذه الوسائل الهجومية، التي تُعد منخفضة الكلفة نسبيًا وعالية الفاعلية في الوقت ذاته، تطرح تساؤلات جوهرية حول قابلية بقاء السفن الخطية التي يروج لها الرئيس الأمريكي وكذلك حاملات الطائرات في ساحات القتال الحديثة.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن “الأسطول الذهبي” لترامب قد يكون مُعدًّا على نحو مثالي لخوض معارك في أعالي البحار، لكنه يبدو مهيئًا، في جوهره، لحروب تنتمي إلى عصور مضت أكثر مما تنتمي إلى واقع الحروب البحرية المعاصرة.



