ليبيا: لقاء اللئام على موائد الأيتام
برلين -المانيا-20-1-2020
الدكتورة بدرة قعلول:رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الامنية والعسكرية بتونس
19 يناير 2020 يوم تاريخي في العالم.. يوم شهد فيه العالم “قمة الإنحطاط والتدني داخل المجتمع الدولي” الذي لا يجتمع إلا على مصالحه وعلى حصة كل منهم..
في جزء من الغابة العالمية وبالتحديد في برلين اجتمعت”الحيوانات المفترسة”، اجتمعت”الذئاب والثعالب والأفاعي و الضباع ومعهم الفريسة”.
اجتمعوا معتبرين أن الفريسة جاهزة للأكل ومن الأخلاق أن نجد حلا لها وتقسيمها فيما بيننا وكيف تؤكل، ومن المفارقات أن الفريسة في قاعة جانبية تنتظر القرار، وأخذوا صورة جماعية للذكرى ولم يتم دعوة الفريسة إلى الصورة الجماعية…
الفريسة حضرت لتكون على بيّنة وعلى علم بما يحاك ضدها وما عليها إلا القبول، فهذه قوانين لعبة اللئام، فهي تنتظر أجلها والواجب عليها أن توافق وتقول أنا جاهزة للأكل، للقرارات.
صورة سريالية مقيتة وهزلية، تلك الصورة التي جاء فيها كل الزعماء يهرولون من أجل مصالحهم خاصة أنهم يعلمون من غاب فقد غاب “سهمه” والوضع لا يتحمل: حفتر والجيش الليبي تقدم وسيطر على الميدان وربما ينهي الأزمة، وهذه الفريسة يمكن أن تلملم جراحها وتستعد للوقوف وهذا ليس في المخطط ولا في المقرر، والأرض لا تزال تستوعب أكثر مهانة، وفيها أماكن للألغام، فكيف لهذا العجوز القدرة على إحباط حسابات الحيوانات المفترسة، ثم الكل يريد أن يأكل من المائدة الليبية عقودَ إعادة بناء، غاز ، معادن، بترول، موقعا جغرافيا وغيرها الكثير من الأشياء…
مائدة الأيتام فيها ما لذ وطاب ورب العائلة قد مات، والأعمام والجيران والأغراب تحوم وتصول وتجول وتظهر حبا لهم وتبطن شرا..
هؤلاء اللئام اجتمعوا أمس الأحد 19 يناير 2020 ببرلين، فتأتيك صور من هناك كلها وقاحة ومخالب ممدودة وأنياب بارزة، يتخاصمون ويحالفون ويضمرون ويعلنون النوايا ويقسّمون فيما بينهم والليبيين الأيتام ينتظرون النتائج. لم أرَ في حياتي مثل هذه الوقاحة، يحسبون أنفسهم قوى عظمى ودولا راعية للسلام، وأيديهم ملطخة بالدماء يتصافحون، يعانقون بعضهم وكل واحد منهم يمسك بسكين في ظهر الأخر.. تتصادم المصالح وتتوافق ولكن دائما الفريسة في انتظار ما ستفضي اجتماعاتهم و قراراتهم، تنتظر مصيرها.
أصحاب القضايا العادلة،وأصحاب الحق أصواتهم منخفضة،أمّا العملاء والجبناء وأسافل القوم فأصواتهم عالية فهم “الشرعيون” حسب مواصفات المغتصبين ليس بغريب على عالم تحكمه الليبرالية المتوحشة بأن تقلب فيه المفاهيم.
صورهم،وهم مجتمعون في الكواليس،تثيرالإشمئزاز والفريسة تنتظر حكم الجلاد، خرجوا من اجتماعهم وقالوا نحن مع الأيتام ولن نسمح للتدخل الأجنبي ونحن الأجانب الذين يتدخلون.. بالله عليكم أرأيتم وقاحة مثل هذا؟
فمن هو الأجنبي الذي يمنع تدخله ومن هو الأجنبي الذي يجب أن يجلس على المائدة؟
نحن تفاهمنا بأن هناك أجانب قد دخلوا إلى دار الأيتام،ونحن الطيبون الشرعيون في التاريخ والجغرافيا من سنحافظ على طعام الأيتام، والبقاء للأقوى، وسنهتم بفوضى الدار وسنعيد ترتيبها حسب الوصول. يا أيها الأيتام استفيقوا أرجوكم..
فأنتم الفريسة، وأنتم الداء والدواء.. ارجعوا إلى رشدكم ونظفوا بيتكم من الدخلاء وسينقشع اللئام من حولكم.