أخبار العالمأوروبابحوث ودراسات

لماذا دول الاتحاد الأوروبي تناقش العودة إلى التجنيد الإجباري؟

كشف تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” أن دول الاتحاد الأوروبي بدأت في مناقشة العودة إلى التجنيد الإجباري في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط لتقوية الدفاعات العسكرية في القارة، في ضوء التهديدات الأمنية المتزايدة من روسيا، واحتدام الأزمات في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى تراجع الثقة في التزام الولايات المتحدة بحماية أوروبا.

وأوضح التقرير أن هذه المناقشات تأتي في وقت تشهد فيه أوروبا تحديات كبيرة في مجالات الأمن والدفاع، فقد اختفت مسألة التجنيد الإجباري لفترة طويلة من أجندات العديد من الدول الأوروبية منذ الحرب الباردة لصالح الجيوش المهنية الأصغر حجما.

مع ذلك، أصبحت هذه القضية حاضرة اليوم بسبب الظروف الجيوسياسية المستجدة. ونقلت المجلة عن أحد كبار الدبلوماسيين في حلف شمال الأطلسي “ناتو”، قوله: “للمرة الأولى منذ أن عملت هنا، يتحدث الحلفاء عن كيفية عمل هذا، وكيف نخفض الحواجز أمام الوظائف وأفضل الممارسات للتجنيد، بما في ذلك التجنيد الإجباري”.

وأشار التقرير إلى أن التجنيد الإجباري كان شائعا في جميع الدول الأوروبية تقريبا في الماضي، لكن تدريجيا بدأت هذه الدول تتخلى عن هذه السياسات. على سبيل المثال، كانت المملكة المتحدة أول من تخلت عن الخدمة الوطنية في عام 1960، وتبعتها دول مثل فرنسا وهولندا في التسعينيات. ومن بين الدول الأوروبية التي حافظت على التجنيد الإجباري، توجد فنلندا وسويسرا فقط.

وفي ظل الوضع الأمني الحالي الذي يحيط بأوروبا، مع استمرار التهديدات من روسيا، خاصة في ضوء الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى الفوضى في الشرق الأوسط، فقد لفت التقرير إلى أن العديد من الدول الأوروبية بدأت تتطلع إلى إعادة التفكير في خياراتها الدفاعية، بما في ذلك العودة إلى التجنيد الإجباري.

ونقل التقرير عن والتر لاندغراف، الزميل البارز في برنامج أوراسيا التابع لمعهد أبحاث السياسة الخارجية، قوله: “كانت هناك دائمًا مشاحنات حول هذه المسألة، ولكن قبل ترامب لم يكن هناك احتمال حقيقي بأن تتخلى أمريكا عن أوروبا أو حلف شمال الأطلسي. أخشى بصدق أن هذا لم يعد هو الحال، ما لم يثبت الأوروبيون بوضوح أنهم ينفقون أكثر ويفعلون المزيد. إن التجنيد الإجباري هو وسيلة مرئية للقيام بذلك والتي يمكن لترامب أن يفهمها بوضوح”.

وفي السياق ذاته، أضاف التقرير أن الدول الأوروبية باتت تدرك أنه في الوقت الراهن، لا يمكن الاعتماد على القوات العسكرية الحالية في الدفاع عن القارة دون دعم الولايات المتحدة. ويعكس ذلك مدى انخراط أوروبا في الشؤون العسكرية وحاجة بعض الدول إلى تعزيز قدرتها العسكرية المستقلة.

ونقلت المجلة عن مسؤول أمني أوروبي قوله: “إذا كنا نشتري المزيد من أنظمة الأسلحة، ونأخذ الحرب السيبرانية وغيرها من أشكال الحرب الهجينة على محمل الجد، فإننا نحتاج إلى أشخاص للقيام بهذه الوظائف – وأشخاص لتدريبهم”.

من جهة أخرى، أشار التقرير إلى أن بعض القادة العسكريين في لف شمال الأطلسي يعارضون فكرة العودة إلى التجنيد الإجباري، نظرا لأنهم يرون أن الجنود المجندين قد لا يكونون مدربين بشكل جيد أو مجهزين على النحو المطلوب.

وأضاف التقرير أنه لا يمكن لحلف شمال الأطلسي إملاء سياسة التجنيد الإجباري على الدول الأعضاء، لكن المحادثات بدأت تدور حول أفضل الممارسات في ما يتعلق بتطبيق هذه السياسة، وكيفية جعلها جذابة للدول المختلفة.

وقال أستاذ في كلية الدفاع النرويجية، هاكون لوند ساكسي: “رأيي هو أن المزيد من الدول الأوروبية سوف تضطر إلى النظر في التجنيد إذا كان لديها أي أمل في تحقيق أهدافها”.

وأضاف ساكسي، بحسب التقرير، أنه “من الواضح أن هذا من الأسهل بيعه في المناطق التي لديها بالفعل مثل شمال وشرق أوروبا. والسؤال هو كيف تقنع دولا مثل ألمانيا، التي تكافح بالفعل لتلبية أهداف الإنفاق لديها”.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق