قتل الصحافيين المتعمد: جريمة حرب يرتكبها كيان الإحتلال يوميا

اعداد صبرين العجرودي قسم البحوث والدراسات الإستراتجية

مراجعة الدكتورة بدرة قعلول

تونس 10-01-2024

لم يكتفي المحتل الصهيوني بقصف المدنيين في قطاع غزّة، بل واصل في ارتكاب جرائم الحرب وانتهاك القوانين الدولية والقيم الإنسانية التي لا يعترف بها فهو يعتبر نفسه فوق القانون، الى حدّ الاستهداف المباشر للصحفيين لتخويفهم ومنعهم من تغطية مجريات الحرب، وليس في ذلك إلاّ دليل لإستمرار الكيان الاسرائيلي في بذل كل الجهود لطمس الحقائق وقتل كل من له دور في الكشف عنها وقد جاء في “فيديو” لأحد مسؤوليه الإعلاميين أنهم سيلاحقون كل الصحافيين والعاملين في وسائل التواصل الإجتماعي في فلسطين وخارجها.

موقف حركة حماس من قتل الصحفيين

عبّرت حركة حماس من خلال بيان لها، يوم الأحد المنقضي عن موقفها من استهداف الكيان الصهيوني “حمزة الدحدوح” و”مصطفى ثريا” بقصف جنوبي قطاع غزة، حيث تمّ القصف لسيارة كان يستقلانها خلال القيام بعملهما الصحفي بمدينة خانينوس، معتبرة أنّ ما حصل لا يشكّل سوى جريمة حرب ذات معالم واضحة وتهدف إلى ترهيب الصحفيين وثنيهم عن نقل الحقيقة وفضح جرائمهم المرتكبة في قطاع غزة.

وقالت حركة حماس: “أمام جرائم الاحتلال النكراء بحق الصحفيين الذي اغتال العدو منهم 109 صحفيين، والمجازر البشعة بحق المدنيين والأطفال والنساء، فإننا نطالب المؤسسات الحقوقية الدولية بتوثيق هذه الجرائم بحق شعبنا لمحاكمة هذا الكيان المارق”.

كما دعت في بيانها كل الاتحادات الصحفية والجهات المعنية بالمدافعة عن حقوق الصحفيين إلى التعبير عن إدانة هذه الممارسات المنسوبة إلى جرائم الحرب والدعوة إلى عدم تكررها بعد العدد الكبير الذي تمّ استهدافه منذ بداية حرب الإبادة في السابع من اكتوبر.

بعض من أسماء الصحفيين المستشهدين منذ انطلاق الإبادة الجماعية

الانتهاكات الاخطر على الإطلاق في حق الصحفيين مقارنة بعديد الحروب السابقة

ندّدت لجنة حماية الصحفيين الدولية بالانتهاكات الجسيمة المرتكبة في حق الصحفيين من قبل الكيان الصهيوني خلال أداء عملهم في تغطية الأحداث في غزة مشيرة إلى أنّ “الحرب الإسرائيلية على غزة كانت الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للصحفيين” وذلك نتيجة استشهاد عدد كبير من الصحفيين في فترة وجيزة (ثلاثة أشهر).

ويُذكر أن الكيان الصهيوني لم يكتفي باستهداف الصحفيين فقط، بل عائلاتهم أيضا وهو ما عبّرت عليه اللجنة بـ “نمط واضح للقصف الإسرائيلي يستهدف الصحفيين وأسرهم”، مشيرة إلى أنّ استهداف أسر الصحفيين من قبل إسرائيل ليس اعتباطيا بل نتيجة سعيها لطمس حقيقة استهدافهم المتعمّد.

كم تمّ ملاحظة تقييد مكثّف على العمل الصحفي في القطاع، حيث تمّ منع الصحفيين الأجانب من الدخول إلى القطاع لنقل ما يجري، ذلك إلى جانب القطع المتكرر لخطوط الانترنت والاتصالات.

كما أشارت مصادر في وصفها للكارثة الحاصلة في حق الصحفيين في هذه الفترة، انّ العدد الذي قتله الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة منذ بداية طوفان الأقصى (أقل من ثلاثة أشهر) تعدى عدد الإعلاميين الذين قتلوا خلال سته سنوات في الحرب الموصوفة بالأكثر دموية في العالم وهي الحرب العالمية الثانية. كما تمّ الإشارة إلى أن حرب الفيتنام التي استمرت 20 سنة كاملة لم يتعدى عدد الصحفيين الذين قتلوا خلالها 63 صحفيا.

وذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنّه بالاستناد لعدد الشهداء من الفلسطينيين منذ السابع من اكتوبر، فإنّه على الاقل يقتل صحفي واحد كل يوم.

وتشن إسرائيل حربا دامية على الصحفيين منذ بدأ الحرب على قطاع غزة لتقييد عملهم ومنعهم من إيصال مجريات الحرب إلى العالم، خاصّة بعد تلقيها ضربات استراتيجية من بعض وسائل الاعلام التي عرقلت الكثير من الأكاذيب المفتعلة على مواقع التواصل الاجتماعي من أداء دورها في التأثير وتوجيه الرأي العام لصالح الكيان الصهيوني، حيث تخوض إسرائيل للمرة الأولى في تاريخها الاحتلالي مواجهة إعلامية ضارمة، فرغم كل الجهود والإمكانيات المتوفرة للوسائل الإعلامية المنحازة للتضليل وتزييف الوقائع بهدف التأثير على الرأي العام، ورغم قتل 109 صحفي فإنّها خسرت هذه الحرب الإعلامية عن جدارة وهي الأن تتصدّر “عرش جرائم الحرب”، فإلى جانب جرائمها المرتكبة في حق المدنيين الفلسطينيين، فهي تنتهك عن جدارة كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية الضامنة لحقوق الصحفيين خلال تغطيتهم لأحداث الحرب. 

مواثيق ومعاهدات شكلية

يضمن الميثاق الدولي لحقوق الإنسان حق الوصول الى المعلومة وحرية الصحافة، حيث تنص المادة 19 منه على أنّه “لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار، وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة دون تقيد بالحدود والجغرافيا”.

وتمثّل اتفاقية جينيف لعام 1949 أحد أهم المواثيق الأساسية في تنظيم تداعيات الحروب والنزاعات المسلحة وحماية الأفراد الذين لا يشاركون أو توقفوا عن الأعمال العدائية بما فيهم الصحفيين.

كما يعتبر البروتوكول الإضافي الأول والثاني لاتفاقيات جنيف لعام 1977 أنّ الصحفيين مواطنين مدنيين لهم الحق في الحصول على الحماية اللازمة ما لم يكونوا مشاركين مباشرين في الحرب “وينبغي احترامهم وحمايتهم والحرص على حيتهم، مع التكفل بحقهم في الحصول على المعلومة ونقلها بكل السبل المتاحة”.

وينص القانون الدولي للنزاعات المسلحة على مختلف القواعد ووسائل الحماية للأفراد المتضررين من النزاعات المسلحة يشملهم الصحفيون، ويشير أيضا إلى ضرورة الفصل بين المدنيين والمقاتلين بما في ذلك الصحفيين الذين لا يشاركون بشكل مباشر في القتال.

كما ينص قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1738 (2006) “على أنّه يوجد حظر بموجب القانون الإنساني الدولي على الاعتداءات الموجهة عن قصد ضد المدنيين، والتي تشكل في حالات النزاع المسلح، جرائم حرب، وإذ يشير إلى ضرورة ان تكف الدول عن السماح لمرتكبي هذه الأفعال الجرمية بالإفلات من العقاب..” وبناء على ذلك ووفقا لما أشار إليه المجلس ايضا فإنّ الدول مطالبة بالبحث عن الأشخاص المذنبين أو الذين تم أمرهم بارتكاب هذه الجرائم ومحاكمتهم في محاكمها الخاصة.

كما عبّر المجلس عن قلقه تجاه تكرار أعمال العنف في العالم ضد الصحفيين وموظفي وسائط الاعلام وكل من يرتبط بهم من أفراد في النزاعات المسلحة وتحديدا الهجمات المرتكبة ضدهم عن طريق العمد.

وبناء على ذلك، جاء في قرار المجلس أنّه “يدين الهجمات المتعمدة ضد الصحفيين وموظفي وسائط الاعلام والأفراد المرتبطين بهم في حالات النزاع المسلح، ويهيب بجميع الأطراف أن توقف هذه الممارسات”.

مؤكدا على ضرورة “اعتبار الصحفيين وموظفي وسائط الاعلام والأفراد المرتبطين بهم، العاملين في بعثات مهنية تحفها المخاطر في مناطق النزاع المسلح، أشخاصا مدنيين يجب احترامهم وحمايتهم بصفتهم هذه، شريطة ألا يقوموا بأي عمل يضر بوضعهم كمدنيين”.

كما يحث المجلس الدول والأطراف المشتركين في حالات نزاع مسلح على ضرورة احترام حقوق الصحفيين كمدنيين واحترام استقلالية مهنتهم. كما يعتبر أنّ المنشآت والمعدات الخاصة بوسائل الاعلام أعيانا مدنية لا يجب بأي شكل من الأشكال أن تكون هدفا للأطراف المشاركة في الحرب.

ورغم تعدد المواثيق والاتفاقيات الدولية الكافلة لحقوق الصحفيين، إلاّ انه يتم استهداف الصحفيين بصفة مكثّفة خلال العدوان على قطاع غزة دون احتساب لأي من القوانين الدولية.

المصادر:

1. https://arabic.cnn.com/middle-east/article/2024/01/07/wael-al-dahdouhs-son-killed-al-jazeeras-gaza-correspondent
2. file:///C:/Users/user/Downloads/N0668158.pdf
3. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84/%D8%AD%D9%85%D8%A7%D8%B3-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%84%D8%A7%D9%84-%D9%84%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AD-%D9%88%D8%AB%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-/3102443
4. https://www.elmasdaronline.dz/25/12/2023/%D9%85%D8%A7-%D9%87%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D9%85%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A/
5. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%BA%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86_%D8%AE%D9%84%D8%A7%D9%84_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A%D8%A9_2023

• https://belqees.net/internationals/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%84%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%BA%D8%B2%D8%A9-%D8%AD%D8%B5%D9%8A%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B6%D8%AD%D8%A7%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D9%88%D8%AA%D9%86%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D9%8A%D9%86