عملية إرهابية تهز ميونيخ عشية مؤتمر الأمن وتثير تساؤلات حول تدابير اللجوء
![](https://i0.wp.com/strategianews.net/wp-content/uploads/2025/02/955698.jpeg?resize=780%2C470&ssl=1)
قسم الأخبار الدولية 14/02/2025
على مقربة من انطلاق “مؤتمر ميونيخ للأمن”، الذي يعقد سنويًا بحضور قادة دوليين يناقشون قضايا الأمن والسياسة العالمية، وقعت عملية إرهابية مروعة هزت المدينة. في حادث وقع على بعد أمتار من مكان تجمع الزعماء، دهس لاجئ أفغاني مجموعة من المتظاهرين في ساحة وسط ميونيخ، وهو الحادث الذي أعاد إلى الواجهة قضايا اللجوء والهجرة في ألمانيا. العملية أسفرت عن إصابة أكثر من 28 شخصاً، بينهم أطفال، ووصفت بعض الإصابات بأنها خطيرة.
الشخص المنفذ، الذي كان يقود سيارة “ميني كوبر”، قاد سيارته بسرعة جنونية نحو المتظاهرين، حيث تحدث شهود عيان عن قيامه بالاصطدام عمدًا بسيدة وطفلها، ما أثار الذعر بين الحشود. الشرطة التي كانت موجودة في الموقع تصدت للحادث بسرعة، حيث أطلقت النار على السائق ثم اعتقلته. السلطات حددت هوية منفذ الهجوم على أنه “فرهد.ن”، وهو شاب أفغاني من مواليد كابل عام 2001. وصل إلى ألمانيا في عام 2016، ورغم رفض طلب لجوئه، إلا أن السلطات الألمانية منحته إقامة مؤقتة، مما حال دون ترحيله.
ما أثار القلق أكثر هو التقارير التي كشفت عن تبني فرهد لأفكار متطرفة، وتورطه في التعاطف مع تنظيم “داعش”، ما دفع البعض إلى التشكيك في كيفية تعامل الأجهزة الأمنية مع الأشخاص المعروفين بتوجهاتهم المتطرفة. وفقًا للتصريحات الرسمية، كان فرهد معروفًا لدى الشرطة، حيث سجلت له سوابق جنائية تشمل السرقة والمخدرات، مما يثير تساؤلات حول الأسباب التي جعلت السلطات تمنحه إقامة مؤقتة رغم تاريخته.
وفيما سارع المسؤولون الأمنيون لتأكيد عدم وجود علاقة مباشرة بين الهجوم ومؤتمر ميونيخ للأمن، إلا أن توقيت الهجوم عشية انطلاق الحدث يثير القلق بشأن أفق مواجهة التهديدات الإرهابية في ألمانيا، لا سيما وأن الحادث وقع في وقت حساس حيث كانت المدينة قد شهدت انتشارًا أمنيًا مكثفًا لتأمين فعاليات المؤتمر.
يشير تاريخ الأحداث المماثلة في ولاية بافاريا إلى أن الهجوم ليس الأول من نوعه، فقد وقعت حوادث مماثلة في الأسابيع الأخيرة، منها الهجوم الذي نفذه لاجئ أفغاني في مدينة أشافنبيرغ، حيث اعتدى بسكين على مجموعة من الأطفال في حديقة عامة، ما أدى إلى وفاة طفل وإصابة آخرين. في تلك الحالة أيضًا، كان الجاني معروفًا للسلطات وكان من المفترض ترحيله، إلا أن الإجراءات لم تتم على الوجه المطلوب.
وتتزامن الهجمات الأخيرة مع تصاعد الجدل في ألمانيا حول قضايا اللجوء والهجرة، والتي أصبحت محط اهتمام واسع مع اقتراب موعد الانتخابات العامة في 23 فبراير. استغل اليمين المتطرف هذه الحوادث لتحفيز مشاعر القلق لدى الناخبين بشأن سياسات اللجوء، حيث ارتفعت شعبية حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) إلى 20٪، ما جعله في المرتبة الثانية في استطلاعات الرأي، متفوقًا على الحزب الاشتراكي الحاكم.
وفيما يواصل القادة الألمان مناقشاتهم حول كيفية تحسين الوضع الأمني، يبرز السؤال الأهم: هل ما زالت السلطات تتعامل مع التهديدات الإرهابية بجدية؟ وهل يوجد فشل في متابعة وتقييم الحالات التي قد تشكل خطرًا؟ هذه التساؤلات تظل حاضرة بقوة في ظل تزايد الهجمات التي تشهدها البلاد، وتعتبر هذه الأحداث بمثابة دعوة ملحة لمراجعة سياسات اللجوء والهجرة في ألمانيا قبل أن تتحول إلى أزمة أمنية أكبر.