أخبار العالمبحوث ودراسات

كارثة عالمية: مخاوف أمريكية من القدرات الحربية لسلاح النبضة الكهرومغناطيسية

وجّه البيت الأبيض اتهامات لروسيا كونها تعمل على تطوير “سلاح مضاد للأقمار الإصطناعية متمركز في الفضاء”.

وكان رئيس لجنة الإستخبارات بمجلس النواب الأمريكي “مايك تيرنر” قد حذّر من التداعيات الخطيرة لهذا السلاح على الأمن القومي لبلاده، مطالبا الرئيس الأمريكي جو بايدن برفع السرية عن كلّ المعلومات التي تمّ التوصل إليها بشأن السلاح حتى يتمّ نقاش إجراءات التّصدي.

ويشكّل السلاح وفقا لمسؤولين أمريكيين إلى “قدرة نووية روسية جديدة مضادة للأقمار الصناعية”.

 أعلن المتحدّث بإسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي أنّ سلاح النبض الكهرومغناطيسي له قدرة على تعطيل الأقمار الإصطناعية العسكرية والمدنية الحيوية وليس له أي تأثير على البشر في الأرض أو يمكن له أن يتسبب بدمار مادي في الأرض ومن شأنه أن يشكّل خطرا مميتا على روّاد الفضاء في مدار منخفض وفقا لما أشار له.   

وأضافت ثلاثة مصادر مطلعة على تقارير الإستخبارات الأمريكية الى أنّ السلاح النووي الفضائي أو سلاح النبضات الكهرومغناطيسية النووية حسب خبراء الفضاء العسكريين، قادر من خلال طاقته على تدمير الأقمار الإصطناعية التي يعتمد عليها العالم في الحياة اليومية، فهو عبارة عن موجة كهرومغناطيسية يتم إنشاؤها بواسطة جهاز كهربائي ويقع تفريغها في الغلاف الجوي أو في أي وسط آخر ولها تأثير مدمر على الأجهزة الإلكترونية والأنظمة الكهربائية وأنظمة الاتصالات، ممّا قد يتسبّب في تعطيل تام لهذه الأنظمة، الى جانب تأثيره على أنظمة الطاقة الكهربائية وانقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.

 وأقّر مسؤولين أيضا الى أنّ سلاح النبض الكهرومغناطيسي فتّاك لدرجة أنّه يمكن أن يتجاوز مرحلة خطيرة في تاريخ الأسلحة النووية وأنّ الإضطرابات التي يمكن أن يلحقها لا يمكن التنبؤ بها أو تحديدها وهو ما اندرج في تعبير بايدن عن مخاوفه من تطوير روسيا أسلحة نووية قائلا أنّه لا يوجد تهديد نووي لشعب أمريكا أو أي مكان آخر في العالم مثل ما تفعله روسيا الآن.

وتتبعت وزارة الدفاع والمؤسسات الاستخباراتية الجهود الروسية لسنوات والرامية لتطوير مجموعة واسعة من الأسلحة المضادة للأقمار الصناعية، ويمثّل سلاح النبض الكهرومغناطيسي أحد هذه الأسلحة.

ويعرّف خبراء الفضاء العسكريين هذا السلاح المضاد للأقمار الصناعية باسم “النبضات الكهرومغناطيسية النووية”، ويشيرون الى كونه قادر على خلق نبض من الطاقة الكهرومغناطيسية وطوفانا من الجسيمات المشحونة للغاية التي يمكن أن تخترق الفضاء بسرعة هائلة للغاية لتعطيل الأقمار الاصطناعية.

ويتخوّف الأمريكيون من تراكم الأقمار الإصطناعية المعطّلة نتيجة لتأثير الأجهزة الكهرومغناطيسية التي من شأنها أن تنشأ حقلا كاملا من ألغام الأقمار الغير قابلة للإستخدام بحيث تمنع أي إمكانية لإستبدالها بأقمار إصطناعية جديدة.

كما أنّه لم يكن واضحا الى حد هذه اللحظة أي إمكانية لتأثير السلاح الروسي الجديد على أقمار نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) والأقمار الإصطناعية الأخرى للقيادة والسيطرة النووية، والتي تكون أكبر حجما وفي مدار أعلى إذا ما تمّ مقارنتها بالأقمار الاصطناعية التجارية والحكومية، وذلك بهدف تقليل خطورة أي إنفجار نووي يمكن أن يحصل، لكن مع ذلك أشار مسؤول في البنتاغون الى أنّ هذه الأقمار يمكن أن تتعرّض للخطر إذا ما قربت كثيرا من النبضة الكهرومغناطيسية أو إذا ما كان حجم الإنفجار كبير جدا.

ويشير الخبراء إلى أنّ هذا النوع من الأسلحة يمكن أن يؤدي الى القضاء على مجموعات ضخمة من الأقمار الاصطناعية الصغيرة، مثل “ستارلينك” و”سبيس إكس” المستخدمة لتوفير الاتصالات والإنترنت في الأماكن النائية.

يرتكز سلاح النبضة الكهرومغناطيسية في عمله على الدوائر كهربائية يتمثّل دورها في إنتاج مجال أو حقل كهرومغناطيسي كبير.

ولا يعتبر المجال الكهرومغناطيسي شيئا جديدا بإعتبار أنّ الشعاع الكهرومغناطيسي يتضمّن أيضا أشعة الراديو التي يبث عليها محطات الـ AM والـ FM وأشعة إكس وأشعة الضوء العادي الذي نرى بواسطته الأشياء.

وينتج التيار الكهربائي المتردد مجالاً مغناطيسياً كما ينتج الأخير بدوره تياراً كهربائياً متردداً، ويتشابه هذا المجال المغناطيسي في طريقة عمله مع مرسل إشارات الراديو الذي يولد مجالا مغناطيسيا عن طريق مرور تيار كهربائي في الدائرة الكهربائية، حيث ينتج هو أيضا تياراً متردداً في دائرة كهربائية أخرى تعتبر دائرة الاستقبال من خلال الهوائي.

ويجدر القول أنّ إشارة راديو ضعيفة كفيلة بأن تنتج تياراً كهربائياً كافياً ليمر في الدائرة الكهربائية للمستقبل، وأي زيادة اخرى في شدة أشعة الراديو جديرة بأن تولّد تيار كهربائي كبير قادر على اختراق دوائر الأجهزة الإلكترونية وعلى حرق الدوائر الإلكترونية المتكاملة المبنية من مواد أشباه أو أنصاف النواقل.

وتؤدي إشارات الراديو ذات الشدة العالية إلى توليد مجال مغناطيسي كبير قادر على إنتاج تيار كهربائي في أي جسم موصل للكهرباء.

ومثال على ذلك تلتقط خطوط الهواتف وخطوط نقل الكهرباء والأنابيب المعدنية هذه التيارات الكهربائية على شكل نبضات كهربائية عالية الشدة لتقوم بنقلها فيما بعد إلى الأجهزة المتصلة بها كشبكات الكومبيوتر، ثمّ بعد ذلك تقوم بالإتلاف الكلي لأي جهاز يحتوي على مكوّناتها الكترونية كالهواتف المحمولة وأنظمة الطاقة الكهربائية والمركبات والطائرات والأقمار الصناعية (إذابة الأسلاك، إفساد البطاريات، حرق المولدات الكهربائية).

تشير مصادر علمية الى أنّ طريقة عمل القنبلة الكهرومغناطيسية لازالت تعتبر غامضة ومن “الأسرار الحربية” التي لا توجد معلومات كافية حول مكوّناتها، لكن هناك من شبهها بطريقة عمل فرن الميكروويف معتبرا أنّه جهاز ذو طاقة عالية وأشّعة يقع توجيهها مباشرة على جسم ما، وبالتالي فإنّها لا تكون قنابل كهرومغناطيسية مثل ما يقع تسميتها، ولكنّها أجهزة قادرة على إنتاج نبضات كهرومغناطيسية بطاقة عالية يقع تثبيتها على أجهزة الحرب لتوجّه مباشرة نحو الهدف.

تسعى الحرب الالكترونية أساسا لشلّ تجهيزات العدو الالكترونية سواء التي تعطّل مصالحها أو تستهدفها بطريقة مباشرة، ويكون ذلك عن طريق قتلها أو إعاقتها بغاية منع تدفق المعلومات عبر أنظمة الدفاع الجوي للعدو أو أنظمة التحكم والسيطرة والاتصالات. 

ويمكن لأسلحة النبض الكهرومغناطيسي مقارنة بغيرها من الأسلحة المضادة للإشعاع العمل ضدّ عدة أهداف مختلفة بفعالية فائقة، لذلك يمكن اعتبارها سلاح دمار كهربائي فتّاك يمثّل ركيزة الحروب الالكترونية القوية لقدرته الهائلة على مضاعفة قوّتها، ذلك من خلال قدرة هذه الأسلحة على تقليص الوسائل الجوية المستخدمة في ضرب أنظمة العدو والفترة المخصّصة لذلك، وهو الغاية الرئيسية للحرب الإلكترونية إذا ما تمّ مقارنتها بالحرب التقليدية (أقل معدات أقل وقت).

وباعتبار قدرة النبضات الإلكترونية أيضا على ضرب أنظمة دفاع أي بلد وتعطيلها على التنبؤ بأي خطر، فإنّ الخطورة الكبيرة تكمن في إمكانية التعرّض لاي هجوم عسكري تقليدي، ولهذا السبب يعتبر هذا النوع من الأسلحة مهدّدا كبيرا للأمن القومي للدول، وهو ما يفسّر المخاوف الكبيرة للولايات المتحدة الأمريكية من تطوير روسيا هذا السلاح.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق