سوريا تنتصر على معركة النفوذ الإقليمي وحرب الوكالة
زهور المشرقي:تونس
ما أعظم الجمهورية العربية السورية وما أكبر صمود شعبها ثماني سنوات برغم الألم والدمار والمؤامرات الدولية لإسقاط الدولة! .. ثماني سنوات من القتال الداخلي والتدخل الخارجي، أسفرت عن تشريد الملايين، ومقتل عشرات آلاف السوريين، ومع ذلك لاتزال سوريا على قيد الحياة والبقاء والصمود..
غارات “مجهولة الهوية” على منطقة الشمال الشرقي، في الوقت الذي تتحرك فيه قوات تركية وأمريكية مشتركة في الشمال الغربي ضمن ما يعرف بالمناطق الآمنة، مع بقاء القوات الكردية في الشمال الشرقي، وقوات روسية في الغرب، وقوات تنظيم داعش في أماكن متفرقة، مع وجود قوات إيرانية في الشرق، وقوات إسرائيلية محتلة للجولان في الجنوب، إضافة إلى عدة قواعد أمريكية، وبرغم كل ذلك ظلت سوريا صامدة واقفة منتصرة.
معركة إدلب
تبدو معركة إدلب مشابهة للمعارك الأخرى التي دارت بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة في مناطق سورية عدة طوال السنوات الماضية.
فبعد ثلاثة أشهر ونصف من الإشتباكات والهجمات بين الطرفين، سجل الجيش العربي السوري المدعوم من روسيا تقدما محدودا، في الجيب الأخير للمعارضة المسلحة شمال غربي سوريا.
وكانت محافظة إدلب ومحيطها شهدا هدوءً نسبيا بعد توقيع اتفاق روسي- تركي في سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة آمنة منزوعة السلاح بين القوات الحكومية والفصائل، لم يُستكمل تنفيذه. المحافظة شهدت، خلال الأسابيع الأخيرة، أشدّ المعارك منذ توقيع الإتفاق.
وتختلف المعارك في إدلب وريف حماة الشمالي عن غيرها، ربما لأنها لا تعني فقط من يحاربون على الأرض، إذ هناك طرفان دوليان يشعلان المواجهة،هما تركيا وروسيا.
تركيا الموقعة الأولى مع روسيا على اتفاق خفض التصعيد في هذه المناطق، تدعم المسلحين الإرهابيين، أما روسيا فتدعم الجيش السوري، وقد يكون هذا سببا كافيا لإطالة أمد حسم المعركة، كما كان السيناريو في معارك سابقة. ويركز الجيش السوري هجماته على أطراف مركز محافظة إدلب، في سعي إلى إعادة فتح الطرق السريعة الرئيسية التي تمر بمناطق الفصائل المسلحة، غير أن هذه الإستراتيجية، وبسبب الدعم التركي للمسلحين لم تؤت ثمارها بعد.
المعلم: إدلب ستعود للدولة
وفي هذا السياق قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلّم إن مدينة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة، ستعود إلى سيادة دمشق كأي مدينة سورية أخرى. استرجاع إدلب نهاية المعارضة الإسلامية المسلحة؟
تعدّ محافظة إدلب آخر معاقل المعارضة المسلحة في سوريا والتنظيمات الإرهابية، وهي الهدف الأكبر للنظام السوري وحلفائه في المنطقة وإقليميا، بينما تبقى استعادة المناطق الواقعة تحت سيطرة المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا مؤجلة إلى وقت لاحق، خاصة أن المنطقة تهمّ كذلك تركيا الراغبة في تحجيم دورهم، بيدَ أن استعادة إدلب تجعل القوات النظامية والروسية في مواجهة مباشرة مع هيئة تحرير الشام، الفصيل الجهادي المتحكم في جلّ تراب المحافظة.
وقال محللون سوريون إن استعادة إدلب لن تتم سوى بإلقاء روسيا بكامل ثقلها في المعركة ضد هيئة تحرير الشام التي ستقاتل بقوة للإبقاء على المحافظة، ما سينتج عنه نتائج وخيمة تتمثل في 3 ملايين لاجئ جديد، وهو ما لن ترغب فيه تركيا والغرب، وسيتدخلان لأجل إرجاع التوازن إلى المنطقة وبالتالي تقويض المطامح الروسية.
تركيا تدعو الى ترحيل اللاجئين السوريين وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد هدّد بإلغاء الصفقة حول اللاجئين مع الإتحاد الأوروبي، والسبب وراء هذه التهديدات يعود إلى تحديات السياسة الداخلية بحيث إن النبرة في أنقرة تجاه اللاجئين السوريين تغيرت بشكل واضح.
وقال أردوغان ، إن تركيا قد تصبح مجبرة “على فتح أبوابها” إذا لم تستمر المساندة من أوروبا في إعالة اللاجئين وإيجاد “منطقة آمنة” في شمال سوريا. .
وتكمن خلفية مطلب أردوغان فيما يُسمى صفقة اللاجئين التي تم الإتفاق عليها في مارس2016،حينها وعد الإتحاد الأوروبي تركيا بتقديم ستة مليارات يورو خلال عدة سنوات لتمويل اللاجئين السوريين وتم تحويل 2.4 مليار و 3.5 مليار يورو إضافية تم منحها عبر الإتفاق.
من حرب مدنية الى حرب بالوكالة
تحول الوضع في سوريا إلى حرب أهلية: طرف مطالب بإسقاط نظام الأسد وآخر متمسك به كضامن أساسي لاستقرار البلاد وأمنها ،خاصة بعد أن تحولت البلاد إلى الوجهة الأولى للجهاديين من كامل أنحاء العالم لدعم المتمردين،بسبب التعبئة الإيديولوجية في عام 2012، لتشكّل القاعدة فرعا لها في سوريا تحت اسم “جبهة النصرة” لمقاتلة النظام،وتحمل الجماعات الكردية السلاح لتنشق عن حكم الأسد باحثة عن الحكم الذاتي، لتنطلق رسميا حينها بداية الحرب بالوكالة في سوريا.
في تلك الأثناء انطلقت إيران ، أقوى حلفاء الأسد، في التدخّل الميداني بحلول نهاية عام 2012، حيث نظمت رحلات شحن يومية مع مئات الضباط إلى سوريا،إضافة إلى الدعم اللوجستي والتقني والعسكري.
وبحلول ديسمبر عام 2013، كان لإيران مايقارب 10,000 ناشط في سوريا بمن فيهم آلاف من مقاتلي الباسيج شبه العسكرية ومتطوعين شيعة ناطقين باللغة العربية ومقاتلين عراقيين.
في منتصف عام 2012، انضم حزب الله اللبناني إلى القتال ضد ما يعرف بالثوار في سوريا،إلى حين توليه دورا نشطا في ساحات قتالية عديدة مثل معركة مدينة القصير (19 مايـو 5 يوليو2013) بين المسلحين وقوات النظام.
سوريا تنتصر..
إجمالاً، يكاد الوضع النهائي للأزمة السورية يقترب من المحاصصة بين الأطراف الدولية والإقليمية الفاعلة، وسواء أكانت هذه المحاصصة نتيجة توافقات قديمة جديدة، أو بسبب تراجع أمريكي وتقحّم روسي، فإن كل طرف من الأطراف سيحظى بجزء من الخسارة في حين حظيت سوريا بالإنتصار وتجدد التموقع الأقوى،وفق تصريحات رئيسها بشار الأسد.