رسالة شكر الى فخامة الرئيس سعيّد : السيادة الوطنية لا يعرفها ولا يفهمها إلاّ الأحرار

الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتجية الأمنية والعسكرية26-11-2025
كالعادة اليومية اتصفح صفحة رئاسة الجمهورية التونسية على الفيسبوك فرأيت خبرا وصورة اقشعرّ لها جسمي، السيد الرئيس قيس سعيد يستدعي سفير الإتحاد الأوروبي في تونس لإبلاغه احتجاجاً شديد اللهجة “عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية”.
فعلا هذا متوقع من الرئيس قيس سعيد، الذي يضع نصب عينيه وشعاره الأول منذ اعتلائه منصب كرسي قرطاج “السيادة الوطنية” وعدم السماح لأي كان ومهما كان حجمه بالتدخل في الشأن الخاص للدولة التونسية المستقلة.
فمن اعتاد التدخل اليوم في الشأن الداخلي التونسي أصبح يقرأ ألف حساب، فلقد قطعت أيدي العملاء والأذرع وتمت محاسبة أغلبهم قانونيا ولكن هناك ممن مازال يرى نفسه فوق القانون ويسمح لنفسه بالتدخل في الشأن الداخلي التونسي ويتجاوز الخطوط الحمراء.
للأسف هؤلاء لا يتعظون من الدرس ولا يزالون يريدون التدخل في الشأن الداخلي التونسي ويبحثون عن أدرع جديدة لهم في البلاد.
والغريب ان الأذرع كثيرة ولازالت مستعدة للتعامل مع الأجنبي من أجل الإطاحة بالدولة التونسية وإدخال تونس في المجهول وهم يعتبرون أنفسهم معارضة ويزايدون بالوطنية على الشعب التونسي، بل ويعتبرون أنفسهم وطنيين أكثر من بقية الشعب.
مؤسف جدا سيدي الرئيس أن نرى التونسي يساهم في دمار الدولة التي استشهد من أجلها الأجداد وبناها بعرقهم الآباء.
سيدي الرئيس لن يتجرأ علينا الأجنبي إذا لم تفتح له الأبواب ولن يتجرأ العملاء إذا لم يجد حماية وأموالا وضمانات.
سيدي الرئيس ندرك تماما المعاناة وصعوبة الظرفية التي تعيشها ونعيشها معاك، فأنت انسان صادق عاهدت الله والشعب على حماية الوطن من أعداء الداخل قبل الخارج، ونحن معاك لن نترك هذا الوطن لمجموعة تحاول عرقلة البناء والتشييد وتستقوي بالخارج وتشوه صورة تونس الجميلة تونس الخضراء.
أما الديبلوماسي الذي يتحرك ضد الأعراف الديبلوماسية وضد دولتنا فلا حاجة لنا به ويمكن طرده ببساطة شديدة حتى يكون عبرة للكل.
فعلا سعدت كثيرا عندما قرأت الخبر “استدعى الرئيس التونسي قيس سعيّد سفير الاتحاد الأوروبي في تونس لإبلاغه احتجاجاً شديد اللهجة بسبب “عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية”، بعدما التقى الأخير زعيم اتحاد الشغل هذا الأسبوع.
وقالت الرئاسة اليوم الأربعاء في بيان إنّ “سعيّد أبلغ احتجاجاً شديد اللهجة بسبب عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية والتعامل خارج الأطر الرسمية المتعارف عليها”.
ان هؤلاء قد شوّهوا عمل المجتمع المدني الذي هو جزء لا تجزؤ من عمل الدولة التونسية، فالمجتمع المدني هو قوة الاقتراح والعمل مع الدولة وليس ضد الدولة، المشهد السياسي كذلك يجب ان يتحمّل قوة التنوع والاختلاف من أجل البناء والتقدم لا الاستقواء بالأجنبي من أجل السلطة والإطاحة بالنظام. والسؤال الذي نطرحه: هل هذه هي الديمقراطية التي علمكم إياها كبير السحرة؟ هل الديمقراطية هي العمل من أجل الإطاحة بالدولة وتركها في المجهول؟
لا نريدها علاقات سلبية وخوف وتضييق ولا عمالة وخيانة، نريد العمل معا يد بيد من أجل الوطن من أجل الأجيال القادمة من أجل صورة تونس في الداخل والخارج، نريد الدفع معا من أجل علاقات إيجابية داخل الوطن وبين أفراد الشعب التونسي بجميع تياراته وانتماءاته.
تعالوا لنبني معا، تونس اليوم تحتاج الى مصالحة بين مختلف أبنائها، تونس اليوم تحتاج الى مبادرات حكيمة:
تونس تحتاج الى البناء ومكافحة الفقر ومكافحة الأمية والفلاحة العصرية والتنمية الريفية والتنمية المستدامة…
تونس تحتاج الى مناهج تعليمية تواكب العصر…
تونس تحتاج الى مشاريع بنية تحتية حديثة…
تونس تحتاج اليوم الى مشاريع اجتماعية تجعل من الموظف يعمل في أحسن الظروف من اجل تحسين الأداء…
الشعب التونسي يزخر بالكفاءات المبدعة، نحن نحتاج الى خطاب إيجابي عملي لا نظري….
فلنرفع معا شعار البناء الإيجابي والشامل
سيد الرئيس ابعث اليك هذه الرسالة وأرجوا أن تصلك وتقرأها: نقدر كثيرا ما تفعله من أجل تونس ونعلم انك اليوم تناضل من أجل الاستقرار والإنجاز كما أننا متأكدين أنك تعمل ليلا نهار من أجل رفعة الوطن وسيادته.
سيدي الرئيس نشكرك جزيل الشكر لما تقدمه من تضحيات جسام من أجل تونس الغالية الخضراء ومن أجل السيادة الوطنية وان تستدعي سفير الاتحاد الأوروبي وتقدم احتجاجا شديد اللهجة له وتنذره هو ومن معه فإن هذا عمل يفرح له كل تونسي حرا.
سيدي الرئيس ممثل أكثر من 70 بالمائة من الشعب التونسي نحن معاك من أجل الوطن ومن أجل الكرامة والسيادة الوطنية، فمن احترم سيادتنا الوطنية ولا يتدخل في الشأن الداخلي فنحن نفتح أيدينا للعمل المشترك معه في كنف الاحترام المتبادل ومن يريد غير ذلك فسيسمع منا الجواب الذي لا يعجبه.



