أخبار العالمإفريقيا

صراع السلطة في طرابلس يضع كرسي الدبيبة على المحك ويحرّك المياه الراكدة للعملية السياسية الليبية

قسم الأخبار الدولية 15/05/2025

فتح عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في ليبيا، فصلاً جديداً من فصول الأزمة الليبية بعد قراره المفاجئ بحل جهاز “قوة الردع الخاصة”، عقب مقتل القيادي عبد الغني الككلي المعروف بـ”غنيوة”، الأمر الذي أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة في طرابلس، وعزّز الدعوات المطالبة بإزاحته عن الحكم، باعتبار أن استمراره يهدد الاستقرار ويعرقل الحل السياسي المجمد منذ سنوات.

ورغم أن الدبيبة رأى في مقتل الككلي فرصة لتقليص نفوذ التشكيلات المسلحة التي طالما ساومته، فإن قراراته عرّضته لهزات عميقة، إذ أفقدته جزءاً من تحكّمه بالمشهد الأمني وأشعلت خصومه في الغرب والشرق الليبيين، الذين باتوا يعتبرون أن مغادرته السلطة قد تمهّد لاستئناف العملية السياسية المعلّقة منذ تأجيل الانتخابات في ديسمبر 2021.

واندلعت المواجهات بين قوات موالية للدبيبة، على رأسها “اللواء 444 قتال” و”اللواء 111″، المدعومان بوحدات من مصراتة، وبين “قوة الردع” بقيادة عبد الرؤوف كارة، الذي رفض حل جهازه وتمكّن من استعادة زمام المبادرة ميدانياً بدعم من حاضنته الشعبية في سوق الجمعة. وتصاعدت دعوات من معارضين مثل خالد المشري وفتحي باشاغا ومحمد المنفي، تنتقد قرارات الدبيبة وتصفها بـ”العبثية”، محذرين من خطر الفوضى الأمنية.

وتحوّلت المعركة إلى ما يشبه تصفية حسابات بين قوى جهوية: مصراتة، معقل الدبيبة، وسوق الجمعة، التي تحتضن كارة. وفي الأثناء، عبّر “حراك مصراتة ضد الظلم” عن رفضه للزج بالمدينة في صراع مسلح لا علاقة لها به، مؤكداً أن من يقاتل لا يمثل إلا نفسه أو الجهة السياسية التي يتبعها.

وفي ظل هذه الفوضى، ترى البعثة الأممية أن الفرصة باتت سانحة لإعادة إحياء المسار السياسي من خلال حوار جديد وتفعيل مخرجات اللجنة الاستشارية. كما تشير تقديرات سياسية إلى أن الأحداث قد تمهّد لتشكيل حكومة جديدة، خصوصاً مع دعم قوى من الزاوية والزنتان لـ”قوة الردع”، وتبلور إجماع على أن حكم الدبيبة أصبح عبئاً على الاستقرار.

ومن جهته، شبّه أبو القاسم قزيط، عضو المجلس الأعلى للدولة، تصرفات الدبيبة بـ”هدم المعبد على الجميع”، منتقداً اتخاذ قرارات مصيرية دون ترتيبات أو حوار يجنب العاصمة الدمار. ويؤكد مراقبون أن الأزمة الأمنية كشفت فشل الحكومة في توحيد المؤسسة العسكرية، وأظهرت هشاشة الترتيبات الأمنية التي أُهملت طويلاً.

وهكذا، تبدو طرابلس اليوم على صفيح ساخن، حيث لا تزال التحشيدات مستمرة على تخومها، والعملية السياسية الميتة قد تجد في ضعف الدبيبة فرصة للانبعاث من جديد، إذا ما أُحسن استثمار اللحظة الحرجة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق