خلاف سياسي – قضائي في ليبيا حول تسلّم السجون من جهاز الردع يزيد تعقيد المشهد الأمني

قسم الأخبار الدولية 18/09/2025
دخلت ليبيا جولة جديدة من الخلافات بين حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة والسلطة القضائية، بعدما أصدر الدبيبة قراراً يقضي بتشكيل لجنة لتسلّم السجون من «جهاز الردع» في كل من قاعدة معيتيقة ومنطقة عين زارة بطرابلس، وحصر أعداد النزلاء وتصنيفهم. القرار أثار اعتراض «الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية»، التي اعتبرته مخالفاً للإعلان الدستوري ومساساً بمبدأ استقلال القضاء.
وبرر الدبيبة خطوته بأنها تنسجم مع الاتفاق الذي جرى بوساطة تركية ورعاية المجلس الرئاسي، والذي نص على سحب إدارة السجون من «الردع» ونقلها إلى إشراف وزارة العدل والشرطة القضائية. لكن الجمعية القضائية شددت على أن مثل هذه القرارات لا بد أن تصدر عن النائب العام أو المجلس الأعلى للقضاء، معتبرة أن تكليف أحد أعضاء النيابة برئاسة لجنة تنفيذية بقرار من السلطة التنفيذية «تجاوز غير مقبول».
وتأتي هذه التطورات في سياق معقد، إذ لطالما شكّلت السجون الخاضعة لسيطرة الميليشيات في طرابلس ملفاً شائكاً وموضع انتقاد واسع من برلمانيين وحقوقيين، الذين وصفوها بـ«القنبلة الموقوتة»، في ظل تكرار حوادث الهروب والاشتباكات الدامية بين الفصائل المسلحة. كما سبق أن أكدت منظمات دولية، بينها «هيومن رايتس ووتش»، أن الانقسامات الحادة داخل قطاع العدالة الليبي تحول دون إجراء تحقيقات فعالة في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
الجدل لم يتوقف عند السجون، إذ أصدر الدبيبة أيضاً قراراً بتشكيل لجنة للفصل بين المطار المدني والقاعدة العسكرية في معيتيقة، وهو ما يسلط الضوء على النفوذ الكبير الذي كان يتمتع به «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، سواء في إدارة المطار أو السجون. الاتفاقات الأخيرة تقضي بأن تؤمن قوة محايدة تابعة للمجلس الرئاسي المطار، بينما تتولى وزارة العدل مسؤولية السجون.
ويرى مراقبون أن الخلاف بين الدبيبة والسلطة القضائية يكشف هشاشة البنية القانونية والسياسية في البلاد، حيث تتداخل صلاحيات المؤسسات التنفيذية والقضائية بشكل متكرر، ما يعقد جهود إعادة بناء قطاع العدالة ويزيد من صعوبة استعادة ثقة المواطنين.