حوار/وسام باسندوه: ليس جديدا الحديث عن هدنة في اليمن ولكورونا حسابات لم تستوعبها الميليشيات بعد
صنعاء-اليمن-14-4-2020 -زهور المشرقي
أعلن التحالف الذي تقوده السعودية ضد المسلحين الحوثيين في اليمن، عن وقف لإطلاق النار والذي انطلق الخميس الفارط دعما لجهود الأمم المتحدة لإنهاء الحرب التي ما زالت مستمرة منذ خمس سنوات، ولتهيئة الأجواء لمواجهة تفشي فيروس كورونا.
ويدعم التحالف حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي في مواجهة المسلحين الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء.
حاورت صحيفة ستراتيجيا نيوز الدكتورة وسام باسندوه، استاذ العلاقات الدولية اليمنية والخبيرة في شؤون الحقوق والحريات:
س- إلى أين وصلت مبادرة وقف إطلاق النار “القابلة للتمديد” في اليمن؟
ج- الحديث عن هدنة الأسبوعين ليس جديدا ولا أرى فيه إضافة مختلفة عما سبق وأعلنته الحكومة من استجابتها لمطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بوقف العمليات العسكرية وهو الطلب الذي أيده التحالف العربي في حينه بينما لم يبد الحوثيون استجابة واستمروا في تسعير الجبهات، فكان استمرار المعارك من قبل الجيش هو بمثابة رد فعل ومجابهة لعمليات الحوثي القتالية التي لم تتوقف على اليمنيين وباتجاه المملكة العربية السعودية التي استهدف فيها المدن السعودية بصواريخ بالستية دون التزام بأي قواعد اشتباك أو تجنب استهداف المدنيين، كحال أي ميليشيا ممكن ان يتوفر لها هذا النوع من السلاح الذي تكفلت ايران بتوفيره لها.
س2 هل هناك إذن اشكالية في الهدنة؟
ج-الإشكالية في هذه الهدنة هي أن الحوثيين سيتعاملون معها كغيرها من الهدن السابقة، لن تختلف حساباتهم في تعاملهم السياسي والعسكري وحتى الإقتصادي كثيرا، بمعنى أنهم سيسعون إلى استغلالها للملمة الصفوف وإحداث مزيد من الإختراقات العسكرية وزراعة المزيد من الألغام في المناطق التي يخشون فقدانها.
ولا يزال الحوثيون يفكرون بالعقلية التي اعتمدوها خلال الأعوام السابقة إذ ينتظرون استغلال جائحة الكورونا كغيرها من الأزمات السابقة لجمع المزيد من الإتاوات في الداخل وابتزاز المنظمات الدولية والدول الكبرى في الحصول على المزيد من المساعدات، وفي داخلهم ذات القناعة والمحرك أن المملكة العربية السعودية والدول الكبرى أنهكتها هذه الحرب ويريدون إنهاءها بأي ثمن وسيتخلون عن الشرعية مقابل الحصول على أي سلام وفقا للشروط التي سيقترحونها ، هذه الفكرة الخرقاء التي كذبوا بها على أنفسهم وصدقوها ويساعدهم في الترويج لها بعض الأبواق الإعلامية ونشطاء الإنحياز للحوثي الذي يسمون أنفسهم بنشطاء الحياد، وهي الفكرة التي أفقدت البلاد كل فرص السلام، والميليشيا تنتظر هذه اللحظة التي سيأتي العالم مستسلما لها، لذا فلا السلام أُقر ولا الحرب انتهت، إلا أن هذه الفكرة ذاتها الآن هي التي ستودي بهم إلى النهاية.
لذا وإن كنت من مؤيدي السلام والتعايش إلا أن السلام الذي نريده هو السلام العادل وفق المرجعيات الرئيسية التي تستعيد الدولة، وما لايعرفه الحوثيون وهم في غياهب هذه الفكرة الخرقاء أن الكورونا التي شكلت تحديا للدول الكبرى والعظمى وأنهكتها ستكون أشد وطأة وخطرا في حال البلاد المنهارة أصلا كما هو الحال باليمن،والتحدي هذه المرة مختلف فلا مجال لدعم النظام الإيراني لهم وهو في وضع صعب في تقديري أكبر بكثير مما هو ظاهر على السطح.
س3- برأيك هل ستستمر إيران في دعم الحوثيين في اليمن برغم أزمة كورونا؟
ج- النظام الإيراني سيكون أبرز ضحايا الكورونا وهو لم يعد قادرا على دعم أي من ميليشياته في الخارج بفعل الإنهاك الصحي والإقتصادي، ناهيك عن فقدان القيادة التي كانت بمثابة الروح للأذرع الإيرانية بالمنطقة باغتيال سليماني، كما أن تبرعات المنظمات والمساعدات الدولية التي طالما راهن عليها الحوثيون يعتقدون أنها ستصلهم أكثر ويضغطون للإبتزاز باسم الكورونا، وفاتهم أن العالم الآن يمر بأزمة اقتصادية عالمية وكل مشغول بنفسه، ولن يستطيعوا أن يصمدوا في مواجهة أي اجتياح للوباء مهما حاولوا التكتم عن انتشار الوباء في صفوف جماعتهم القادمين من زيارة إيران.
س- آية حلول إذن أمام هذه الميليشيات ؟
الميليشيات الحوثية أمامها حلان: إما أنها ستبقى تراهن بهذه الحسابات الخاطئة وسترفض السلام وتكتب نهايتها، أو أن تراجع نفسها الآن وتلتقط فرصة ربما لن تعود لتتكرر لها.. المبعوث الدولي،على خلاف الميليشيات، يعي هذه التبدلات جيدا ويحاول رمي طوق النجاة الأخير لهم لالتقاطه، أما التحالف العربي فبإعلانه الهدنة أبدى حسن النوايا مع تكشف حالة الإنهيار في القطاع الصحي بعد أن حول الحوثيون المستشفيات إلى ثكنات عسكرية ومخازن للسلاح وأخرجوا معظمها من الخدمة..
ماعرضته هو حقيقة الحسابات التي يعرفها الحوثي ويقيس عليها، أما فكرة السلام وبادرة حسن النية والتفكير بمنطق الدولة فهذا من قبيل ذر الرماد في العيون ..فالميليشيات تعيش على الحرب ويخنقها السلام، لكن للكورونا وزمن الكورونا حسابات أخرى لم تستوعبها الميليشيات بعد.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنتونيو غوتيريش، قد دعا الشهر الماضي إلى وقف إطلاق النار في القتال في اليمن، وتكثيف الجهود لمواجهة احتمال انتشار فيروس كورونا.