حكايات من دفتر الإسلام السياسي (11) غرفة عمليات رابعة
القاهرة-عمر فاروق-18-8-2021
كان جميع المصريين ينتظرون بشغف كبير فض اعتصام رابعة، وتفكيك المشهد العبثي، وحالة استعراض القوة والتباهي بالاستقواء بالخارج من قبل جماعة الإخوان وقياداتها، متمثلا في إدارة أوباما الحليف الاستراتيجي لجماعة الإخوان .
قبل الفض بساعات قليلة دعيت لحلقة على الهواء عبر إحدى القنوات الفضائية برفقة الاستاذ ثروت الخرباوي، متحدثا حول سيناريوهات الإخوان في التعامل مع المشهد والتهديات المتواصل للقوى السياسية والقوات المسلحة حينها.
كان لي صديق حينها يتردد على الاعتصام ناصحا للمعتصمين بأن ما يفعلونه سيدفع بالدولة المصرية نحو الحرب الأهلية، وأنه على الجماعة أن ترجع خطوة للوراء للخروج من المشهد دون خسائر،وأن على الجميع أن يقتنع ويفهم بأن الأزمة سياسية في المقام الأول وليست دينية ، ولايجب البسها رداء الشريعة، حتى لا ينجرف الشباب خلف دعوات التحريض المنصوبة منذ اشتعال الأجواء الداخلية.
كان صديقي يترجل داخل الاعتصام برفقة شقيقه المؤيد بقوة للجماعة ومشروعها، ويرى أن القضية معركة بين الإسلام والكفر، وأن ساعة الجهاد قد حانت، وأن المحنة هي امتحان لأهل الإيمان في مواجهة أصحاب العقيدة الفاسدة والضلال.
أبلغني صديق أن قيادات الجماعة خصصت مكانا داخل إحدى القاعات بمسجد رابعة، وحولته لما يشبه بغرفة عمليات لإدارة المشهد، ومقر بديل عن مكتب الإرشاد، وأنها شكلت هيئة استشارية كبرى لمتابعة تطورات المشهد.
وفق ما أبلغني صديقي .. كانت غرفة العمليات مكانا لالتقاء العديد من الزوار الأجانب، من مستشاري أوباما، مع قيادات الإخوان، فضلا عن ضباط الاستخبارات الغربية، و مرسلي الصحف والمجلات الدولية، ويتم من خلالهم تصدير صورة مغاير للواقع بمقابل مالي كبير.
كان صديق دائم الاتصال بي لاطلاع على ما يحدث ويدور داخل ساحات الاعتصام، فضلا عن التفاصيل الدقيقة التي يتحصل عليها من شقيقه بحكم مكانته التنظيمية داخل الجماعة، وعلاقته الوثيقة برموزها، فلم يتردد في تأكيد معلومة مهمة جدا مفداها أن الإدارة الأمريكية أبلغت قيادات الإخوان بضرورة الاستحواذ على مساحات جغرافية تمكنهم من تحقيق مكاسب سياسية، حتى يتم تصدير الأمر على أنه خلاف بين طرفيين لكل منهما جماهيرية تؤيد تحركاته وقرارته وشرعيته.
كانت المعلومة بالنسبة لي غير كاملة وتحتاج إلى تفاصيل وافية كي استطيع من خلالها قراءة المشهد بدقة، طالبته باستكمال المعلومات من خلاله شقيقه، حتى يدرك الرأي العام ما يتم تجهيزه في الخفاء من صناعة حرب أهلية تدخل الدولة المصرية دوامة الإنهيار ويتم بها استكمال مخططات التقسيم الجغرافي.
عاد صديقي ليِ كاشفا أن الجماعة تخطط فعليا للسيطرة على عدد من المحافظات بشكل كامل وفقا للأجندة الأمريكية بهدف إحراج المؤسسة العسكرية، وأنها تدرس مدى إمكانية سهولة ويسر أي من القطاعات الجغرافية التي يمكن الاستحواذ عليها في الوجه البحري أم في الوجه القبلي، بناء على المفاضلة وفقا لشعبيتها وجاهزيتها، ومدى تعاون عناصرها المخترقين لأجهزة الدولة في إتمام هذا السيناريو، وتحقيق نتائجه بأسرع وقت ممكن، وأن الجماعة لديها عناصر مسلحة متمركزة في مختلف محافظات مصر استعدادا للحظة المرتقبة.
كنت أعلم تمام العلم أن الأجهزة الأمنية المصرية مُخترِقة بدقة غرفة عمليات رابعة، ولديها كافة التفاصيل حول السيناريوهات التي تجهزها جماعة الإخوان وحلفائها في الخارج، لذلك كانت لحظات فض الاعتصام دقيقة ومحسوبة ومعرقلة لمساعي قيادات الإخوان في تنفيذ مخططهم على حساب المصريين ودمائهم.
نهاية عام 2013، شاركت في تسجيل حلقة خاصة من داخل قطاع سلامة عبد الرؤوف بالإدارة العامة للعمليات الخاصة بقوات الأمن المركزي،وخلال كواليس التسجيل التقيت باللوء مدحت المنشاوي مدير إدارة العمليات الخاصة، ونائبه اللواء مجدي أبو الخير، وبحكم أنهما مسؤولان عن فض الإعتصام تحدثت معهما بشكل مباشر عن الممرات الأمنة لفض الاعتصام.
كان يشغلني في ثنايا الحوار ما وراء الكواليس، والمعلومات التي اتخذ على خلفياتها قرار فض الاعتصام من عدمه.. اللواء المنشاوي، قالي : ” كل المعلومات والتقارير الأمنية أكدت أن الاعتصام كان مسلح، عشان كده طلب منا ضبط النفس وعدم الإنجرار وراء أي استفزاز عشان هم بيرتبوا لمشهد بعينه وعايزين يصنعوا حالة ويصدروها للغرب، وتبقى حجة على المؤسسة العسكرية والأمنية، يعني مكنش في تعليمات بالضرب أصلا، لكن اتفاجئنا بالرصاص خارج علينا من داخل الإعتصام، وفي لحظة اتنين من ولادي ماتوا أدام عيني، الشهيد النقيب شادي مجدي عبدالجواد،والشهيد محمد محمد جودة”.
وللحديث بقية!