حتمية الحرب بين القوى الصاعدة والقوة المهيمنة هل تتمكن أميركا والصين من الهروب من فخ ثوسيديدس؟

إعداد قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 10-10-2025
اكتشف كتاب حتمية الحرب” لغراهام تي أليسون
هل يمكن للعالم أن يتجنب الحرب العالمية الثالثة؟
غراهام أليسون يأخذك في رحلة تاريخية وسياسية فريدة لفهم الديناميكيات بين القوة القائمة والقوة الصاعدة، مستندًا إلى مفهوم فخ ثوسيديدس الذي يفسر لماذا تؤدي صعود القوى الجديدة غالبًا إلى صراعات مدمرة.
في هذا الكتاب ستتعرف على:
دروس تاريخية من أثينا وأسبارطة، بريطانيا وألمانيا، وحروب القرن العشرين.
كما يتطر ق الكتاب الى تحليل صعود الصين كقوة عالمية وتأثيرها على السياسة الدولية.
وكذلك يطرح الكتاب السيناريوهات المحتملة للصراع الأمريكي-الصيني وكيف يمكن تفاديها.
ويحلل الكاتب أهم الأدوات العملية للسلام: الدبلوماسية الذكية، بناء الثقة، والتعاون متعدد الأطراف.
في بدايته ذكّر الكاتب بأن التاريخ مليء بأمثلة على حروب كبرى ناجمة عن التوتر بين القوى، وأن التجاهل أو سوء التقدير بين الولايات المتحدة والصين قد يضع العالم على حافة حرب عالمية ثالثة، ويعتبر أنّ فهم هذا الفخ هو الخطوة الأولى لتجنّب الكارثة.
الإشكالية المركزية للكتاب
يستكشف الكتاب احتمال اندلاع حرب بين القوة الصاعدة الصين والقوة القائمة الولايات المتحدة عبر إطار نظري مستوحى من مفهوم “فخ ثوسيديدس”، الذي يوضح أن صعود قوة جديدة غالبًا ما يثير مخاوف القوة القائمة، ما قد يؤدي إلى صراع حتمي.
يُحاول أليسون فهم التاريخ واستخلاص دروس لتفادي هذه النتيجة المحتملة، مع تقديم استراتيجيات عملية للسلام.
يسلط الكتاب الضوء على أهمية دراسة التاريخ لاستخلاص دروسه، إذ أن أنماط الصعود والهيمنة تتكرر عبر العصور.
فكرة “فخ ثوسيديدس” تُظهر أن الصراعات ليست وليدة الصدفة، بل نتيجة ديناميات القوة والتغيرات الهيكلية بين الدول.
يؤكد أليسون على أن الفهم التاريخي يمكن أن يُحوّل النظرة من الاستسلام لمصير الحرب إلى إمكانية إدارة الصراعات بوعي واستراتيجية.
يثير الكتاب تساؤلات فلسفية عن الطبيعة البشرية في السياسة الدولية، وعن كيفية تعامل الدول مع الخوف والطموح والطاقة الاقتصادية والعسكرية في سياق عالمي متغير.
كما يحذر الكتاب من احتمال التصادم بين القوة القائمة الولايات المتحدة والقوة الصاعدة الصين إذا لم تُتخذ سياسات دبلوماسية وإستراتيجية فعّالة.
يقدم مجموعة من الأدوات العملية لتفادي الصراع: تعزيز قنوات الاتصال، بناء الثقة، تفادي الردود الانفعالية، والتعاون متعدد الأطراف.
يعكس الكتاب فكرة أن السياسات الداخلية والخارجية لأي دولة يجب أن تأخذ في الاعتبار الديناميات العالمية، وأن تجاهلها قد يؤدي إلى حروب محتملة.
يضع في الاعتبار التوازن بين القوة والاعتبارات الأخلاقية، مثل الحفاظ على السلام والاستقرار الدولي، مقابل الرغبة في الهيمنة أو حماية المصالح الوطنية.
باختصار، المغزى هو أن الحرب ليست حتمية، لكنها احتمال واقعي إذا تجاهلت الدول الدروس التاريخية واستراتيجيات التوازن الرشيدة. الفهم التاريخي والسياسة الواعية يمكن أن يوفرا بدائل سلمية لصراع القوة.
أهم محاور الكتاب
يستند الكتاب إلى مفهوم “فخ ثيوسيديدس” الذي يعني أنه عندما تصعد قوة جديدة مثل الصين وتُهدد هيمنة قوة قائمة مثل أمريكا، فإن خطر الحرب يصبح كبيرًا.
المحاور الأساسية:
نظرية فخ ثيوسيديدس:
مأخوذة من المؤرخ الإغريقي، حيث أدت هيمنة أثينا المتصاعدة إلى خوف إسبرطة واندلاع الحرب، أليسون يطبّق النظرية على الصين الصاعدة مقابل الولايات المتحدة.
شرح مفهوم “فخ ثوسيديدس” (Thucydides’s Trap)
ما هو فخ ثوسيديدس؟
فخ ثوسيديدس هو مفهوم مستوحى من التاريخ القديم صاغه المؤرخ اليوناني ثوسيديدس أثناء تحليله للحرب البيلوبونيسية بين أثينا وأسبارطة (431–404 قبل الميلاد). لاحظ ثوسيديدس أن صعود قوة جديدة مثل أثينا جعل القوة القائمة أسبارطة تشعر بالتهديد، مما أدى إلى حرب لا مفر منها تقريبًا، رغم أن الطرفين لم يكن هناك سبب مباشر للحرب في البداية.
باختصار هذا المثل التاريخي يؤكد على حتمية وهي عندما تصعد قوة جديدة فتبدأ في تهديد موقع قوة قائمة، يزداد احتمال اندلاع صراع مسلح.”
الفكرة الأساسية
1- الصراع ليس دائمًا بسبب عداء شخصي أو اختلافات أيديولوجية، بل نتيجة طبيعية لديناميكيات القوة بين الدول.
2- القوى القائمة غالبًا ما تشعر بالتهديد من الصاعد الجديد، وتحاول الحفاظ على موقعها، مما يزيد التوتر.
3- القوى الصاعدة غالبًا ما تطمح لتأكيد مكانتها، مما يؤدي إلى تصعيد الصراع.
أمثلة حديثة
غراهام أليسون استخدم فخ ثوسيديدس لتحليل العلاقة بين الولايات المتحدة والصين:
1- الولايات المتحدة = القوة القائمة.
2- الصين = القوة الصاعدة.
التحول السريع في القوة الاقتصادية والعسكرية للصين قد يثير توترات، وقد يؤدي إلى صراع إذا لم يتم التعامل معه بذكاء دبلوماسي.
لماذا مهم؟
فهم فخ ثوسيديدس يساعد الدول على:
1- التنبؤ بالمخاطر قبل أن تتصاعد إلى حرب.
2- تطوير استراتيجيات دبلوماسية لتخفيف التوترات.
3- إدراك أن الصراعات الكبرى ليست حتمية، بل يمكن تفاديها بالتخطيط والإدارة الحكيمة للقوة.
تحليل تاريخي:
يستعرض 16 حالة مشابهة عبر التاريخ، ووجد أن 12 منها انتهت بحرب.
الصين اليوم:
يناقش صعود الصين الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري، ومدى تأثيره على النظام العالمي بقيادة واشنطن.
أمريكا والخوف من الانحدار:
يشير إلى أن أمريكا قد تتصرف بعدوانية بسبب خوفها من فقدان الهيمنة، ما يزيد احتمال الصدام.
سبل تفادي الحرب:
يدعو أليسون إلى استراتيجيات ذكية لتجنّب الصدام، مثل التفاهمات الواقعية، وإعادة تصميم النظام العالمي لاستيعاب الصعود السلمي للصين.
الرسالة الأساسية:
الصراع بين الصين وأمريكا ليس حتميًا، لكنه محتمل جدًا، ويجب بذل جهد غير عادي لتجنّب الانزلاق إلى حرب مدمّرة.
أجزاء الكتاب
الجزء الأول: صعود الصين
في هذا الجزء، يسلّط أليسون الضوء على صعود الصين كقوة عالمية اقتصادية وسياسية وعسكرية. يوضح كيف أن التحول التاريخي للصين إلى لاعب رئيسي يعيد تشكيل موازين القوى الدولية، ويشير إلى أن صعود الصين ليس مجرد تغير اقتصادي، بل تغيير عميق في السلطة والنفوذ على المستوى العالمي.
كما طرح الكاتب في هذا الجزء من كتابه العوامل الداخلية التي تدعم هذا الصعود، مثل الاستقرار السياسي، التقدم التكنولوجي، وطموحات القيادة الصينية بقيادة شي جين بينغ.
الجزء الثاني: دروس من التاريخ
يحلّل أليسون ثلاثة أمثلة تاريخية بارزة حيث صعود قوة جديدة أدى إلى صراعات كبيرة:
- أثينا في مواجهة أسبرطة – دراسة الحرب البيلوبونيسية كمثال كلاسيكي لفخ ثوسيديدس.
- حرب المائة عام – صراع طويل الأمد بين إنجلترا وفرنسا نجم عن تحولات القوة وتهديد مصالح كلا الطرفين.
- بريطانيا في مواجهة ألمانيا – صعود ألمانيا في القرن العشرين أدى إلى الحرب العالمية الأولى، مثال على كيف يمكن لصعود قوة جديدة أن يربك القوة القائمة ويزيد احتمالات الصراع.
من خلال هذه الأمثلة، يستخلص أليسون أن التاريخ مليء بالحالات التي انتهت بالحرب عندما لم يتم التعامل مع التحولات في القوة بوعي واستراتيجية.
الجزء الثالث: نُذر عاصفة تتجمّع
ركز الكاتب في الجزء الثالث من الكتاب على الوضع الحالي بين الولايات المتحدة والصين:
- تخيل لو كانت الصين مثلنا: مقارنة بين المنظور الأمريكي والصيني، لفهم دوافع كل طرف ومخاوفه.
- ماذا يريد شي جين بينغ؟: تحليل أهداف الصين الاستراتيجية والسياسية، من حيث الاقتصاد والنفوذ الإقليمي والدولي.
- صراع الحضارات: استكشاف الأبعاد الثقافية والتاريخية التي قد تزيد التوترات.
ويستخلص في هذا الجزء من الكتاب إلى أنّ الحرب: المسارات المحتملة للتصعيد العسكري إذا لم تُتخذ إجراءات دبلوماسية فعّالة، مع التأكيد على أن الخطر قائم لكنه ليس حتميًا.
الجزء الرابع: لماذا الحرب ليست حتميّة
في هذا الجزء من الكتاب يقدّم أليسون استراتيجيات عملية لتجنب الصراع، من خلال اثنتي عشرة فكرة للسلام تشمل بالأساس:
- تعزيز قنوات الاتصال بين القيادات.
- بناء الثقة وتقليل سوء التقدير.
- الابتعاد عن الردود الانفعالية على الاستفزازات الاقتصادية أو العسكرية.
- اعتماد نهج متعدد الأطراف لحل النزاعات.
كما تتطرق إلى السيناريوهات المستقبلية للعلاقة الأمريكية الصينية ويستعرض الخيارات الممكنة لتحقيق استقرار طويل الأمد دون مواجهة عسكرية مباشرة.
خاتمة الكتاب
يؤكد أليسون أن الحرب بين الولايات المتحدة والصين ليست مصيرًا محتوماً، وفي نفس الوقت يقول أنّ التاريخ يقدم دروسًا، وفهم فخ ثوسيديدس يسمح للقادة باتخاذ قرارات استباقية لتقليل المخاطر، مع التأكيد على أهمية الدبلوماسية الذكية والاستراتيجيات طويلة المدى.
ملاحق الكتاب
- ملف الحالات فخ ثوسيديدس: تحليل مفصل لـ16 حالة تاريخية تتعلق بصعود قوة جديدة مقابل قوة قائمة.
- سبعة رجال من قش: استعارة توضح كيف يمكن لعوامل ضعيفة أو أخطاء في التقدير أن تؤدي إلى تصعيد غير مقصود للصراعات.
من هو غراهم تي أليسون؟
غراهام تي أليسون جونيور (من مواليد 23 مارس 1940) هو عالم سياسة أمريكي وأستاذ دوغلاس ديلون للحكومة في كلية جون ف. كينيدي للحكومة في جامعة هارفارد.
غراهام تي أليسون هو أستاذ في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، ومدير سابق لمركز بلفر للعلوم والشؤون الدولية. يعتبر من أبرز خبراء العلاقات الدولية والأمن القومي، وله مؤلفات مرجعية مثل Essence of Decision حول أزمة الصواريخ الكوبية، ويشتهر بتحليله العميق للصراعات الدولية وميكانيكيات الصعود والهيمنة بين الدول.
حظي الكتاب بتقدير واسع في الأوساط الأكاديمية والسياسية. فقد تم اختياره ضمن القائمة القصيرة لجائزة Lionel Gelber Prize لعام 2018، وهي جائزة مرموقة تُمنح لأفضل كتاب في الشؤون الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، نال الكتاب عدة تكريمات، منها:
- اختيار New York Times ككتاب بارز لعام 2017.
- إدراجه ضمن أفضل كتب السياسة لعام 2017 من قبل Financial Times و*The Times* لندن
- تصنيفه كأفضل كتاب تاريخي لعام 2017 على موقع
رغم عدم حصوله على جائزة كبرى، إلا أن الكتاب أثار نقاشًا واسعًا حول مفهوم “فخ ثيوسيديدس” وإمكانية نشوب صراع بين الولايات المتحدة والصين، مما جعله مرجعًا مهمًا في فهم العلاقات الدولية المعاصرة.



