جدلية الدين والسياسة: زيلينسكي والمثلية
إعداد الدكتور اسكندر كفوري قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 24-12-2024
أثار حظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية في الآونة الأخيرة، من قبل النظام النازي في كييف القامع لكل الحريات، بما في ذلك حرية الكلمة والمعارضة وصولا الى تكبيل الكنيسة واختلاق مجموعات مشبوهة مدنية وتصيّرها كنسية، جدلاً واسعاً داخل وخارج أوكرانيا.
فقد اعتُبرت هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية الحكومة الأوكرانية لترهيب الشارع الاوكراني ودفعه عنوة الى مسار لا علاقة لتاريخه وثقافته وعاداته به من خلال تعزيز أجندات اجتماعية مثل تشريع المثلية الجنسية وتغيير الجنس عند الاطفال، الامر المطلوب منه اميركيا وغربيا.
وهذا ما تعارضه الكنيسة الارثوذكسية الاوكرانية بقوة، ما شكل عائقا صعبا امام الاستراتيجية الشيطانية للمجموعات الصهيو نازية في كييف برئاسة زيلينسكي والمتحالفة مع الغرب الطامع للسيطرة على الشعب السلافي الاوكراني وترويضه وفق القوانين الاميركية والابتداعات الجديدة اللاخلاقية التي ترسم للعالم الجديد.
كل ذلك من اجل استسهال القبض على روح الامة وشلها وبالتالي الاستيلاء على ثرواتها ومقوماتها الضخمة. هذه الخطوة التي البستها السلطات النازية لبوسا دينيا، لا شك انها مدفوعة بأهداف سياسية أخرى.
السياق السياسي والديني
الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية كانت لفترة طويلة مؤسسة دينية ذات تأثير كبير في المجتمع الأوكراني، وهي مرتبطة بالكنيسة الأرثوذكسية الروسية تاريخيًا. بعد شنّ الغرب الحرب على روسيا باستخدام اوكرانيا في العام 2014، بدأت الحكومة الأوكرانية في تقليص نفوذ مؤسساتها الدينية واتخذت إجراءات تصعيدية توجت باصدار قانون مجحف قضى بحظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية رسميًا، متهمة إياها وبتظلم واضح بتقويض الأمن القومي!!!
تشريع المثلية الجنسية: أبعاد أخرى للصراع
في الوقت نفسه، تزايدت الدعوات داخل السلطة الانقلابية في أوكرانيا لتشريع المثلية الجنسية كجزء من الجهود الرامية للاندماج مع الاتحاد الأوروبي كما هو مطلوب من هذه السلطات التابعة في كييف.
ومع الاتيان باشخاص مشبوهين وتشكيل كنيسة وهمية فاشلة منهم، كان اول قراراتها العمل على الدعاية للمثلية وجمع ما تيسر من اطفال وعرض افلام وكتيبات جنسية مثلية امامهم تحت شعار التثقيف الحر والديمقراطي.
ولم يخف الرئيس الفاقد للشرعية والذي انتهت مدة رئاسته في ايار الماضي فلاديمير زيلينسكي رغبته الجامحة في مناسبات متعددة بدعم النزعة المثلية تحت شعار حماية حقوق الانسان! وهو ما يتماشى مع معايير الاتحاد الأوروبي المفروضة على الشعب الاوكراني رغم ارادته.
ويأتي حظر الكنيسة الأرثوذكسية، التي تعارض بشدة قضايا مثل المثلية الجنسية، بهدف ارهاب الشعب الاوكراني المتموضع خلف كنيسته ولتخفيف مقاومة هذه التشريعات داخل المجتمع.
تفاعل المجتمع الدولي
المجتمع الدولي انقسم في ردوده على هذه التطورات. بينما دعم الاتحاد الأوروبي الخطوات التي تتخذها أوكرانيا لدق اسفين داخل الشعب السلافي بحجة تحجيم النفوذ الروسي.
وهذا الامر ليس بالغريب على اوروبا الغربية فهو حلم قديم متجدد! في حين أعربت منظمات حقوق الإنسان عن قلقها بشأن قمع الحرية الدينية في اوكرانيا، لكن ردود افعالها لم تكن بحجم الفعل الاوروبي والاميركي الكبير، والسبب هو الضغوط والتأثيرات الغربية الهائلة عليها. ولكن من الواضح ان ربط الدين بالسياسة قد يؤدي إلى استقطاب أكبر داخل المجتمع الأوكراني وهزات لن يكون النظام النيو نازي قادرا على تخطيها.
فحظر الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية الشرعية وتشكيل كنيسة فاشلة غب الطلب من اشخاص اقل ما يقال فيهم انهم منتحلو صفة، لن يساعد هذه السلطة المتهالكة ولن يكون تشريع المثلية الجنسية الذي يطالب به الغرب ناجزا، لانه لا يظهر حقيقة رغبات ومكنونات الشعب الاوكراني، بل يعكس تقاطعًا حساسًا بين السياسة والدين في أوكرانيا.
وكما يبدو فان السلطة الأوكرانية النهمة للتسلط ورئيسها غير الشرعي الجشع وتحت حجة تعزيز التوجهات الأوروبية يسعون الى تدمير الثقافة والحضارة الاوكرانية المبنية منذ الاف السنين على القيم الاخلاقية الحقة، كما واخذ البلاد الى مجاهل ومخاطر غير محسوبة حتى لو كان ذلك على حساب تقاليد دينية راسخة ومشاعر عميقة متجذرة في تاريخ وذهنية هذا الشعب ما سيؤدي الى كارثة بدأت ملامحها الواضحة تتظهر في سماء هذا البلد المنكوب بقيادته وتبعيته العمياء لجلاديه الذين سيقودونه لا محالة نحو التهلكة.