ثورة أول نوفمبر منارة بارزة في تاريخ انعتاق الشعوب
تحتفل الجزائر وعها أحرار الوطن العربي والعالم،اليوم الجمعة الأول من شهر نوفمبر، بالذكرى الخامسة والستين لاندلاع ثورة في مثل هذا اليوم من عام 1954، اندلعت شرارة الثورة الكبرى التي حددتها جبهة التحرير الوطني في البيان الذي أصدرته بهذه المناسبة، ايذانا ببدء مرحلة حاسمة من الكفاح المسلح من أجل استعادة الشعب الجزائري حريته وكرامته وإسترجاع سيادة الدولة التي سلبها المستعمر الفرنسي منذ الإحتلال عام 1830 ، والذي قام خلال عقود بانتهاج سياسة الإبادة والدمار،ومارس بقوة السلاح سياسة القهر والتهجير والتقتيل والتعذيب ونهب الممتلكات والأراضي، كما ركز بصفة خاصة على إزالة إسم الجزائر من الجغرافيا والتاريخ ومحو مقوماتها وطمس معتقدات وهوية شعبها وانتمائه الحضاري العربي الإسلامي،ضمن تصميم فرنسي على اعتبار الجزائر فرنسية.
قاوم الشعب الجزائري الإحتلال من خلال العديد من الثورات والإنتفاضات قادها كل من الأمير عبد القادر والمقراني والشيخ بوعمامة وفاطمة انسومر وسيدي الشيخ وغيرهم من المقاومين الأحرار،في تراكم نضالي أدى إلى ميلاد جبهة التحرير الوطني التي قادت الثورة التحريرية المسلحة التي رسمت أهدافها في الحرية والإستقلال ووضع أسس إعادة بناء الدولة الجزائرية والقضاء على النظام الإستعماري،ويعتبر بيان أول نوفمبر 1954 بمثابة دستور الثورة ومرجعها الأوّل الذي اهتدى به قادة ثورة التحرير وسارت على دربه الأجيال.
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد بحوزتهم 400 قطعة سلاح،يقول المناضل الراحل أحمد بن بلة إن أغلبها تم جلبها من ليبيا بمساعدة رجال أحرار بالساحة الليبية،وقد استهدفت الهجومات مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية للمستعمرين الفرنسيين،وسرعان ما تردد صدى هذه الثورة في أرجاء الوطن العربي وإفريقيا،فجاء التضامن والدعم سريعا من مصر عبد الناصر،كما احتضنت كل من تونس والمغرب وأحرار ليبيا هذه الثورة،وامتزجت الدماء التونسية الجزائرية وتشهد قرية سيدي يوسف على الحدود ذلك التلاحم،كما امتزجت في معركة إيسيّن على الحدود الجزائرية الليبية.
وحين أدركت فرنسا قوة الأثير والدعم المصري عمدت مع بريطانيا والإحتلال الإسرائيلي إلى شن العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 اعتقاد من الدول الإستعمارية أن ضرب عبد الناصر سيوقف تلك الثورة ومسيرتها.
استمرت حرب التحرير سبع سنوات كاملة قدم خلالها الشعب الجزائري مليونا ونصف المليون من الشهداء إلى توج استقلاله في الخامس من يولية عام 1962،لتلهم هذه الثورة وانتصاراتها شعوب القارة الإفريقية الثقة في الذات لاستكمال حريتها والفكاك من المستعمرين،ولتشكلَ محطة بارزة في تاريخ البشرية المعاصر حيث انعكست آثارها على كل الشعوب المضطهدة والمظلومة في العالم الثالث التي اتخذت من الثورة الجزائرية درسا ونموذجا اقتدت به في كفاحها من أجل التحرر والإنعتاق.