تقرير منظمة راند”: الصين تقطع كل جسورها مع “إسرائيل”
قسم البحوث والدراسات الإستراتجية والعلاقات الدولية 06-06-2024
مؤسسة “راند” البحثية الفكرية تنشر مقالاً لمحلل شؤون الدفاع لديها ومستشار سابق للاستخبارات في البنتاغون، “ديريك غروسمان”، يتحدّث فيه عن علاقة الصين و”إسرائيل” بعد طوفان الأقصى.
نص التقرير كاملا: الصين تقطع كل جسورها مع “إسرائيل”
في يونيو الماضي، نشر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صورة له وهو يتلقّى هدية من السفير الصيني تساي ران، وكانت عبارة عن نسخ من مجموعة الرئيس الصيني شي جين بينغ المؤلفة من أربعة مجلدات بعنوان “حكم الصين”.
كان ذلك في ذروة التوترات بين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن حول خطة التعديل القضائي التي كان الائتلاف اليميني الذي يقوده رئيس الوزراء الإسرائيلي يدفع بها رغم اعتراضات البيت الأبيض.
وقد أشار نتنياهو إلى أنّ شي وجّه دعوة له لزيارة الصين، مؤكداً رسالة مفادها أنّ “إسرائيل” لديها مصادر دعم بديلة، ولا تحتاج إلى الاعتماد على واشنطن.
كان من شأن التوجّه الإستراتيجي نحو بكين أن يكون مفاجئاً، ولكن كان من الممكن تصوّره على الأقل. كانت “إسرائيل” أول من اعترف دبلوماسياً بالحكومة الشيوعية الصينية في عام 1950. وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، طوّر الطرفان علاقات اقتصادية وتكنولوجية وأمنية ودبلوماسية وثيقة، إلى درجة أُطلقت بعض أجراس الإنذار في واشنطن.
غير أنّ ردّ بكين المفاجئ على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة غيّر هذه الصورة تماماً، إذ لم تقدّم بكين أيّ إدانة لعمليات القتل التي قامت بها حركة حماس يوم 7 أكتوبر.
وقد حدّد ما شين مين، المسؤول في الإدارة القانونية في وزارة الخارجية، موقف بكين في جلسة استماع أمام محكمة العدل الدولية في فبراير، بعد قوله إنّ “استخدام الشعب الفلسطيني القوة لمقاومة الاضطهاد الأجنبي واستكمال إقامة دولة مستقلة هو حقّ غير قابل للتصرّف، يستند إلى أساس جيد في القانون الدولي”. ويأتي ذلك بالإضافة إلى استضافة بكين وفداً من حماس الشهر الماضي.
ومنذ بدء الحرب على غزّة، ألقت بكين كل اللوم على “إسرائيل”، في حين امتلأت منصات التواصل الاجتماعي الصينية مثل “ويبو” و”وي تشات” بعبارات ضد “إسرائيل”.
وبالمثل، عندما أرسلت إيران الشهر الماضي وابلًا غير مسبوق من الصواريخ والطائرات من دون طيار باتجاه “إسرائيل”، أشارت بكين إلى ذلك على أنه “عمل من أعمال الدفاع عن النفس” ردّاً على الضربة الإسرائيلية على مجمّع دبلوماسي إيراني في دمشق. وفي حديثه لنظيره الإيراني بعد الهجوم على “إسرائيل”، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي إنّه “يمكن لإيران أن تتعامل مع الوضع بشكل جيد”.
ويبدو أنّ موقف الصين يعكس رغبتها في وضع نفسها كبديل صالح للولايات المتحدة والنظام الذي تقوده حتى الآن، ومصالحها الاقتصادية باعتبارها أكبر مستورد للنفط في العالم.
ولا يقتصر نفوذ الصين المتنامي في الشرق الأوسط على تعزيز شراكتها الاستراتيجية مع إيران فحسب، بل يشمل أيضاً علاقاتها الوثيقة مع السعودية وغيرها من دول الخليج.
وقد أعربت “إسرائيل” عن استيائها من نهج بكين من خلال توقيعها في أواخر أكتوبر، على بيان مشترك أعربت فيه عن قلقها مع أكثر من 50 حكومة أخرى بشأن “الجرائم الصينية المزعومة ضد الإنسانية في منطقة شينجيانغ ذات الأغلبية المسلمة”.
وفي الشهر الماضي، زار وفد برلماني إسرائيلي تايوان والتقى بالرئيسة تساي إنغ ون التي قالت إنّ “التفاعلات الثنائية وثيقة للغاية”.
وأظهرت استطلاعات الرأي قبل هجوم 7 أكتوبر انقسام الإسرائيليين بالتساوي حول ما إذا كانوا ينظرون إلى الصين بشكل إيجابي أو سلبي. أمّا اليوم، فمن المرجح أن تكون النتائج أقل إيجابية بكثير. وعلى ما يبدو، يقاطع البعض مواقع التسوّق التي تديرها الصين.
وإذا ازدادت “إسرائيل” نفوراً من الصين، فقد تسعى إلى إلغاء الامتياز الذي تدير بموجبه مجموعة موانئ شنغهاي الدولية المملوكة للدولة محطة حاويات رئيسية في أكبر ميناء شحن في “إسرائيل”، كما حثّت واشنطن.
كما يمكن أن تضع عقبات جديدة أمام وصول الصين إلى التكنولوجيا التجارية ذات الاستخدام المزدوج، مثل القدرات السيبرانية الحسّاسة والأقمار الصناعية والمعدات الإلكترونية، التي يمكن أن تستخدم لأغراض عسكرية.
وحتى في حال عودة الهدوء إلى الشرق الأوسط في المستقبل القريب، فقد أظهرت بكين موقفها. فالصين تعارض بشكل أساسي أي عمليات عسكرية إسرائيلية، كما اتضح في مطالبتها بوقف فوري لإطلاق النار في غزة ودعمها الصريح لإقامة دولة فلسطينية والاعتراف بها.